أخبار الآن | دمشق – سوريا – (يمنى الدمشقي)

منذ أيام أطلق مؤيدون للنظام السوري حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "جيشنا أملنا" في محاولة منهم لبث الروح المعنوية عند قوات النظام بعد خوضه عدة معارك كان أعنفها في إدلب وبصر الحرير في محافظة درعا.

وجاءت هذه الحملة بعد سقوط هذه المحافظات بأيدي الثوار بعد معارك كر وفر بين الجهتين، وأرفق مع هذه الحملة عبارات أدبية رنانة تتغنى بانتصارات قوات النظام السالفة، بينما دعا آخرون إلى الانضمام إلى صفوف قوات النظام لأن الوطن بحاجتهم الآن!

ونشر على هذا الهاشتاغ صور لأطفال يرتدون ثياباً عسكرية، في إشارة منهم إلى أنهم سيقاتلون حتى آخر طفل، وأرفق مع هذه الحملة "إعلان مصور" موحد لصورة الحذاء العسكري كرمز بطولي ونضالي في نظر مؤيدي النظام للمعارك التي تخوضها قوات النظام في هذه المدن والبلدات.

كما أسست صفحة على فيسبوك للتبرع بالدم في المزة للجرحى من قوات النظام المصابين في المعارك.

وتزامن كل ذلك مع انتصارات كبيرة حققها الثوار على امتداد الأراضي السورية، كان أبرزها تحرير إدلب وبصر الحرير وجسر الشغور ومعبر نصيب الحدودي. كما توعد الثوار بتحرير حلب ومنها إلى دمشق، إضافة إلى اشتعال المعارك في القلمون المحاذية للحدود اللبنانية التي تكبد حزب الله فيها خسائر فادحة طالت عددا من قياداته. ولازالت القلمون هي الساحة الأكبر للمعارك بين حزب الله وقوات النظام بوجه الثوار. وتميزت هذه المرحلة في الثورة السورية بتقدم عسكري بارز يقابلها خسائر عسكرية فادحة بين صفوف قوات النظام.

كل ذلك دعا المؤيدين وبصورة واسعة إلى الدعوة إلى هذه الحملة مؤكدين لجيشهم أنه الأمل الباقي لهم في هذه المعركة، مدركين أنهم باتوا في موقع محرج!

تلا ذلك ظهور الأسد وسط تجمع لأبناء الشهداء في حالة مربكة، إذ بدت كلمته هذه المرة مختلفة بعض الشيء عن الكلمات التي ألقاها فيما سبق، فبعد أن كان يتوعد شعبه واصفاً إياه بالمندسين والإرهابيين بالقصاص منهم ومن كل من تآمر على الوطن، بات يحذر من الوقوع في الإحباط واليأس مذكراً إياهم أن خسارة معركة لا تعني خسارة الحرب في اعتراف واضح وصريح أنهم تكبدوا خسائر فادحة.

ثم يذكر الأسد في خطابه أن قواته بحاجة في هذه المرحلة لرفع معنويات من الجميع، مشيراً إلى أن ما يحدث في هذه الأيام أمر يدعو إلى القلق، مما يضعنا أمام سؤال هل بات الأسد فعلاً قلقًا؟!

ويتساءل محمد وهو ناشط إعلامي في ريف دمشق، هل فعلاً وصل الأسد إلى مرحلة تعزيز المعنويات لدى مؤيديه خشية أن يتخلوا عنه خوفاً من القادم؟!

تلا إطلالة الأسد ظهور ذراعه الأيمن حسن نصر الله في خطاب على التلفاز إلا أن الخطاب هذه المرة بدا خافتاً، حيث ظهر فيه نصر الله يتحدث أيضاً عن أبعاد الهزيمة النفسية، مذكراً مناصريه أنها يجب ألا تتمكن منهم بل غابت وعود التهديد والوعيد عن خطابه، لافتاً إلى الوضع في اليمن وكأنه تناسى معركته في سوريا!

وكان جلياً في الخطاب ارتباك نصر الله كأنه يتنفس الصعداء، ليذكر في سياق حديثه عن معارك إدلب أن الإرهابيين – ويقصد بهم الثوار – هم من هاجموهم وليسوا قوات حزب الله! متناسياً أن يعزي حزبه بقتلاه في القلمون!

أثارت هذه التصريحات والأحداث المتتابعة ردود أفعال السوريين بطريقة ساخرة وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، حيث نشر علاء على صفحته "الآن بدأت بوادر النصر تلوح للسوريين وحق لهم أن يذوقوا طعم الفرح قريباً".

فيما تعبر إيمان عن سخريتها من الأسد في إطار حديثه عن أردوغان بعد أن وصفه بالسفاح قائلة "عم يتعاطف مع مجازر الأرمن ونسي المجازر اللي عم يرتكبها كل يوم بحق شعبه"!

وفي حديث خاص لأخبار الآن يؤكد الصحفي صخر إدريس أن "النظام سقط فعلاً نفسياً وحتى ميدانياً ومنذ فترة طويلة. ومن المعروف أن دولاً كإيران وروسيا تدعمه بالإضافة إلى الميليشيات المسلحة كحزب الله ولواء أبي الفضل العباس. ومن يراقب الإعلام التابع للنظام يرى التخبط الواضح داخله من الأخبار المضللة إلى الأخبار الملفقة، مما يعطي القارئ انطباعاً أن النظام متخبط ومهترئ ولا يتحكم إلا ببضعة حارات وشوارع في سوريا".

ويضيف إدريس أن التنسيق يصل إلى أعلى المستويات بين حزب الله والنظام السوري، وما يؤكد ذلك ظهور الاثنين سوية للتحذير من هذه الحرب النفسية ومغبة الوقوع في الإحباط، حيث أن مؤيدي الأسد طالبوه بالظهور عليهم ومخاطبتهم ليطمئنهم بالنصر الموعود.

ويؤكد إدريس من مصادر اعلامية لا تزل تعمل في مناطق سيطرة النظام، أن النظام أمر بالتزامن مع سير المعارك في إدلب ودرعا ببث البرامج على التلفزيون السوري، وكأن شيئاً لم يحدث لتهدئة الشارع المؤيد.

في هذه المرحلة من عمر الثورة يرى كثير من السوريين أنهم باتوا على مسافة بضع خطوات عن النصر، فالتخبط واضح في صفوف النظام، وأبواقه في ميل وإعلامه في ميل وجيشه في ميل وكل يقاتل على هواه، بل ويبدو الاختلاف واضحاً مع حلفائه.

فمعركة كمعركة القلمون يغطيها إعلام حزب الله وكأنها تدور على أرض لبنان لأنه يخوضها لوحده على الأراضي السورية، فيما لم يورد التلفزيون السوري أي خبر عن هذه المعركة، واكتفى بمطالبة إيران بمزيد من الدعم واتهامها أحياناً بنكث وعودها، مركزاً على غياب إعلام النظام عن المناطق التي يحررها النظام كقرية اشتبرق العلوية، والشعور السائد بين السوريين أن الأسد سيسقط في النهاية وسيتخلى عنه الجميع بمن فيهم مؤيدوه.