أخبار الآن | دمشق – سوريا – (أحمد الدمشقي):

استمرت المظاهرات بشكل أسبوعي أولاً ثم تحولت إلى يومية، لكن قوبلت هذه المظاهرات كما في باقي أنحاء سوريا بالرصاص والقتل والقمع مما دفع عدداً من شباب الحي إلى تشكيل نواة للجيش الحر فيه، حاله كحال باقي المناطق في سوريا.

وكان عدد هؤلاء الشباب محدوداً جداً والهدف الرئيسي لحملهم السلاح كان حماية المظاهرات اليومية في الحي والتي سقط خلالها ما يقارب الأربعين شهيداً، حيث كانت تقوم قوات النظام باقتحام الحي واستهداف المظاهرات بالرصاص الحي، وآتت هذه الخطوة أكلها إذ عجزت قوات الأمن بعد انتشار عناصر الجيش الحر عن اقتحام أماكن المظاهرات، وعندها اتبعت قوات الأمن أسلوب المداهمات، وقتلت فيها العشرات من أبناء الحي واعتقلت المئات، لكن عناصر الجيش الحر لم يكونوا مؤهلين لصد أيٍّ من هذه الاقتحامات نظراً لقلة أعدادهم ومحدودية سلاحهم.

  • بدء العمل المسلح

في هذه الأثناء تطورت مجريات الثورة وأمعن الأسد في وحشيته وارتكب عدداً من المجازر إحداها طالت حارة في الحي، حيث قام شبيحة الأسد بقتل عشرين شخصاً ذبحاً بالسكاكين، ستة عشر شخصاً منهم من عائلة واحدة وأغلبهم من الأطفال والأربعة الآخرون من عائلة أخرى.

وماإن بدأ الحي يضمد جراحه بعد هذه المجازر، حتى قامت القوات النظامية مدعومة بالشبيحة باجتياح الحي من جديد وقتل حوالي 15 شخص، وهذا ما دفع الجيش الحر إلى التوسع والتفكير في اقتناء السلاح الثقيل للدفاع عن كافة أراضي الحي، إذ أصبح الأمر يتعدى مسألة مظاهرة سلمية.. وبالفعل هذا ما حدث، فانضم عدد كبير من شباب الحي إلى صفوف الجيش الحر واستطاعوا صد عدة محاولات عديدة لقوات الأسد لاقتحام الحي.

  • برزة تدفع ثمن موقعها الجغرافي

يتميز حي برزة بموقع استراتيجي حساس جداً شمال العاصمة دمشق، إذ يتوسط عدة نقاط عسكرية للنظام والشبيحة لاسيما البحوث العلمية والشرطة والعسكرية وفرع المخابرات 211 ومشفى تشرين العسكري إضافة لاعتباره رئة غوطة دمشق، وهو على تماس مباشر مع أحد أكبر الأحياء الموالية للنظام، حي عش الورور.

استشعر النظام خطورة الوضع بعدما فشل مراراً باقتحام الحي فقام بقصف الحي بحوالي20 صاروخ أرض أرض ما أدى إلى دمار هائل في الحي ونزوح عدد كبير من أهاليه، ثم ضربت قوات الأسد طوقاً خانقاً على الحي من جهاته الأربع وحاولت بشكل يومي على مدى 11 شهراً اقتحام الحي من عدة محاور وتكبدت خسائر هائلة بالأرواح والعتاد دونما جدوى، حيث قوبلت بمقاومة كبيرة من الجيش الحر خلال تصديه لمحاولات الاقتحام المتكررة، وتركز الحصار على مداخل الحي دون أن تتمكن قوات النظام من الدخول إليه، إلى أن عرضت وقفاً لإطلاق النار بين الطرفين في ديسمبر عام 2013، وهو ما قوبل بالرفض أولاً لكن إصرار المدنيين والحالة الإنسانية الصعبة التي وصلوا لها دفع إلى القبول بوقف إطلاق النار لاحقاً.

  • وقف إطلاق النار واستمرار الصمود

جاء وقف إطلاق النار بشروط وضعها الجيش الحر كان من أهمها عدم تسليم الجيش الحر لسلاحه وتوليه قيادة الأمور المدنية والعسكرية والأمنية في الحي وهو ما تم له.

يرى “خالد محمد” وهو أحد قادة المظاهرات السلمية أن الجيش الحر قام بواجبه على أكمل وجه ويروي تجربته في انتقاله من العمل السلمي إلى العمل المسلح، فهو طالب جامعي ترك دراسته والتحق بالثورة، وبدأها كما كانت سلمية لكن عندما حمل الجيش الحر السلاح للدفاع عن المدنيين رأى أن العمل السلمي قد انخفض نشاطه وحان الوقت لحمل السلاح.

فيما رأت “سمر أسعد” وهي أحد سكان الحي، أن التسليح جلب مزيداً من الدمار إليه ودفع إلى الكثير من التفرقة بين الصفوف على حد تعبيرها.  أما “سمير عبد الله” فيرى أن التسليح منع وقوع عدد من المجازر التي كان من المتوقع أن ترتكبها قوات الأسد في الحي نتيجة عدم تمكنها من الدخول إليه.