أخبار الآن | دمشق – سوريا – (جابر المر):

عمل الأسدين “الديكتاتور الراحل ووريثه الحالي” خلال عقود مضت على إفهام السوريين أن الفن التشكيلي هو فن نخبوي لا يستطيع أن يفهمه عامة الشعب، وفصل كل المؤسسات الثقافية عن الأحياء الفقيرة وحتى الأحياء الشعبية، وأبعد المثقفين عن مجتمعهم بحالتين: فكريا في ظل العمل على تجهيل الشعب من خلال المناهج التعليمية والبرامج التلفزيونية المؤدلجة، وجغرافيا حيث جعل المناطق التي تقدم الفنون معزولة عن الطبقة العظمى من أفراد الشعب فأنت بحاجة بحث مطول إذا ما أردت البحث عن معرضا فنيا، هذا إن كنت سمعت به أصلا قبل انتهاءه.

وحين انطلقت الثورة أبرز الفنانين السوريين أن الفن التشكيلي هو فن غير نخبوي وفي متناول الجميع، فبدأنا نرى كيف أصبح السوريين يزينون جدرانهم بالرسومات وكيف امتلأت الجرائد العربية بكريكاتورات الرسامين السوريين، وأكثر ما أزعج النظام بهذه الحالة هو إنزال الفن التشكيلي من برجه العاجي وتقديمه للعامة بكل بساطة وبشكل يشبههم ويعبر عنهم.

  • ردع الفنانين بالعنف

بدأ الأسد بالعنف مع صديقه السابق فنان الكاريكاتير السوري العالمي علي فرزات الذي آثر الانضمام لثورة شعبه وتحويل لوحاته الكاريكاتورية إلى ما يشبه الخطابات أو الهتافات التي شدا بها منشدو الثورة، فخطفته مجموعة من الشبيحة عملت على تعذيبه وتكسير أصابعه، أصابعه التي لم يطلق بها الرصاص يوما وإنما كانت فقط لنقل الثورة السورية عبر لوحاته، كما ويعد يوسف عبدلكي الرسام السوري المعروف بمواقفه الرافضة للنظام والرافضة لعسكرة الثورة في الوقت نفسه ومن أبرز الذين دعوا للسلمية، أحد الفنانين الذين اعتقلهم النظام لسبب لا يعلمه حتى عبدلكي نفسه!، حيث يعتبر النظام الفنانين التشكيليين أخطر عليه أحيانا من حملة السلاح.

ومع تطور مجريات الأحداث في سوريا بتنا نسمع يوميا عن حالات اعتقال وموت تحت التعذيب ومحاولات للتشويه بصورة المعتقلين الفنانين كالمعتقل حازم واكد الفنان الشاب الذي أجرى التلفزيون الرسمي السوري معه مقابلة أجبره فيها على الاعتراف بأنه يتعاطى ويروج الحشيش، وآخر أكثر الأنباء صدمة في عالم التشكيل السوري هو مصرع الفنان فادي مراد تحت التعذيب، وسبق أن قُتل أيضاً الفنان وائل قسطون بالطريقة ذاتها ليبرهن النظام أن القتل لديه ليس أكثر من رغبة ولا دافع آخر هناك سوى أن يعم الجهل والهمجية كل سوريا.

لا يعامل الفنانين بهذه الطريقة إلا من يخافهم ويدرك مدى الوحشية التي يعيش ضمنها، أما الفنانين السوريين فمستمرون في نضالهم لأنهم يدركون تماما أن من سيرسم سوريا المستقبل هم أبناؤها فقط وكما يحبون ويشاؤون.