ريف إدلب، سوريا، 17 مارس، (علي أبو المجد، أخبار الآن)

مع انطلاق الاحتجاجات في دمشق وخروج أبناء درعا بعد أيام قليلة للمطالبة بالتغيير ومحاسبة المسؤولين عن اعتقال الأطفال وتعذيبهم، بدأت المظاهرات تتوسع في سوريا شيئا فشيئاً، فصدحت حناجر المتظاهرين بالحرية، شعارات نابعة من مطلب العيش بكرامة وعدالة.

وجوه الثورة ..
بأعداد قليلة وبصوت هادر خرج أهالي جرجناز بريف إدلب في أول مظاهرة في الشمال السوري بتاريخ 8-4-2011 ورغم الخوف الذي كان يخيم على السوريين آنذاك، إلا أن اندفاع الشباب وتوقهم إلى الحرية والتغيير كان كبيرا. في البداية كانت تسود هذه المظاهرات العشوائية وعدم التنظيم، لكن سرعان ما أخذت الأعداد بالازدياد في مظاهرات لاحقة وبدأت الأدوار تتوزع بين المتظاهرين، وبرزت وجوه جديدة كالمصور والصحفي المواطن والمغني واللجان المسؤولة عن خطة التظاهر وسير المظاهرة.

مسارات الثورة ..
حدثنا “حسين الدغيم” أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة ومسؤول تنسيقية بلدة جرجناز عن مشاركته في المظاهرات والدور الذي اختاره والتحولات التي طرأت عليه منذ البداية حتى الآن فيقول: “السعي للعيش بكرامة وحرية دفعنا للتظاهر ضد هذا النظام القمعي الجائر ومن هنا كان لابد لنا أن نتحرك بسرية تامة. ومع توسع المظاهرات السلمية وبدء النشاط والحراك الثوري أخذت فكرة التنسيقيات بالتبلور حيث عقدت الاجتماعات السرية بين ناشطي القرى المتجاورة حتى شكل مجلس قيادة الثورة وأصبح أعضاء التنسيقيات يتواصلون مع بعضهم بشكل دائم للإعداد للمظاهرات ومناقشة كل جديد”.

لكن الحال لم يبقى كذلك بل أخذت الثورة مسارا جديدا ومنعطفا مختلفا، فنتيجة للقمع الذي مارسه النظام السوري بحق المتظاهرين، اضطر بعض الشباب مع من انشق عن الجيش إلى حمل السلاح، واستقبل الريف عشرات الآلاف من الأسر النازحة بسبب قصف النظام للمدن الثائرة.  وهنا بدأت بعض الأدوار الجديدة بالظهور، فيضيف الدغيم: “لقد أهمل دور تنسيقيات التظاهر بسبب دخول الثورة طور العسكرة وانتقلنا بعدها للأعمال الإغاثية لمساعدة النازحين وعائلات الشهداء والمحتاجين فأسست مع نشطاء آخرين جمعية أم القرى للإغاثة والتنمية في بلدة جرجناز لتقديم الخدمات المجانية بالإضافة لعملنا بتأمين السلاح للكتائب بقدر استطاعتنا”.

وبعد مرور ثلاث سنوات على بدء المظاهرات، أصبح لكل متظاهر قصة فالبعض ترك منزله ورحل، والبعض سقط ضحية القصف أو القتال، وآخرون سلكوا مسارات جديدة.
يقول “أبو علي الدرويش” قائد كتيبة فجر الأحرار في الجبهة الإسلامية بريف إدلب: “شاركت في الحراك السلمي كمتظاهر منذ انطلاقته في بلدة جرجناز وبقيت في طور السلمية حتى آخر فترة فيها، لكن عندما أدركنا أن النظام يستخدم القمع لغرض القتل قررنا حمل السلاح وتدرجت بمهامي حتى أصبحت قائد كتيبة في الجبهة الإسلامية، وكنت أتمنى أن تستمر السلمية فترة أطول لإعطاء فرصة للحل السياسي لتجنب الخسائر المادية والبشرية”.
مسارات مختلفة مرت فيها الثورة السورية ولكل مسار أبطاله ووجوهه وحتى الآن لم تحقق الثورة أهدافها بعد، وكذلك النظام لم يستطع إخمادها. والسؤال هو: ما هي مسارات الثورة الجديدة في المرحلة المقبلة.