مساكن هنانو، حلب، سوريا، 6 مارس، (رامي سويد، أخبار الآن) –

أيام البراميل
مع بدايات الشهر الاخير من العام الماضي انطلقت حملة النظام العسكرية على حلب، الحملة التي تميزت باستهداف الطيران المروحي للأحياء السكنية بالبراميل المتفجرة التي تلقى بطريقة السقوط الحر، أستُهدف الحي بمئات البراميل المتفجرة التي سببت الدماء المرعب في أبنيته ومحلاته التجارية، والتي تسببت أيضا بمجازر كبرى نالت من المئات من أبناء الحي، لعل اشهرها مجزرة 22122013 والتي قضى فيها اكثر من سبعين شخصا بسبب سقوط أكثر من ثلاثة عشر برميلا متفجرا في مناطق الاتستراد والأحمدية ومنطقة سوق الجمعة في الحي، لتتالى بعدها عمليات القصف بالبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية على الحي، فتستهدف مدارسه وحدائقه وأبنيته السكنية وتقتل وتجرح الآلاف من سكانه.

مدينة هنانو خاوية على عروشها ..!
مؤخرا وبعد ثلاثة أشهر متواصلة من القصف لم يتبقى في مدينة هنانو إلا القلة القلية من سكانها ، حيث ترك أبناء الحي بيوتهم هربا من البراميل المتفجرة التي باتت تتساقط كل صباح فوق رؤسهم ، الباقون هم أولئك الفقراء الذين لم يجدوا في جيوبهم عشرة ألاف ليرة سورية تكفيهم للوصول إلى الحدود التركية ، فضل هؤلاء الموت بكرامة بين جدران المنازل التي تهتز في كل ساعة على وقع برميل متفجر جديد.
صباح أمس بدأ الطيران المروحي بإلقاء البراميل المتفجرة على الحي وأطرافه حيث سقط اكثر من خمسة عشر برميلا متفجرا وقعت معظمها في منطقة جامع المتقين وجامع عثمان بن مظعون وجامع عمر بن الخطاب وفي المنطق الشرقية من الحي “منطقة السكن الشعبي”، هذا القصف وبالرغم من شدته لم يؤدي إلى استشهاد أي من سكان الحي، لأنه لم يتبقى أحد في الحي لتقتله براميل الموت العشوائية فقد اقتصرت آثارها على الأضرار المادية في المباني السكنية وعلى بعض الجرحى الذين تم إسعافهم إلى المشافي الميدانية التي مازالت تعمل في المدينة.

الموقع والأهمية
يعتبر حي مساكن هنانو من أكبر أحياء المدينة، يطلق عليه في الدوائر الخدمية والتنظيمية أسم “مدينة هنانو” نظرا لكبر حجمه، حيث يتألف الحي من قسمين، القسم الأول هو القسم الشمالي الشرقي منه وهو مجموعات من المباني الشعبية “العشوائيات” والبيوت العربية المؤلفة من طابق أو طابقين، أما القسم الثاني فهو يتكون من مئات الأبنية الاسمنتية الضخمة ذات الشكل الواحد والتي بنيت في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.
إبان انطلاق الثورة لم يكن عدد سكان الحي يقل في أدنى التقديرات عن 200 ألف نسمة ، فكان حاضنا مهما من حواضن الثورة في المدينة نظرا لأن معظم سكانه هم من الطبقة المتوسطة والفقيرة، خرجت به تظاهرات كبيرة في المرحلة السابقة لسيطرة الثوار عليه وفي المرحلة التالية لتحريرهم له.
 
التحرير
في منتصف شهر تموز من عام 2012 تمكنت طلائع الجيش الحر من دخول حي مساكن هنانو شمال مدينة حلب بعد تمكنها من تدمير حاجز الإنذارات الذي كان يسيطر على المدخل الشمالي للمدينة، فدخل الثوار من مقاتلي لواء التوحيد الحي حينها وتمكنوا بعد معارك ضارية من السيطرة على قسم شرطة الحي ومركز البريد وحاجز الأوتوستراد، ليرسل النظام حينها ثلاثة دبابات لاستعادة الحي الذي كان الأول الذي يسيطر عليه الثوار في المدينة من الجهة الشمالية “حيث كانوا قد دخلوا المدينة من حي صلاح الدين جنوبا بشكل متزامن”،  دخلت الدبابات الأوتوستراد العريض الذي تتوزع أبنية الحي على أطرافه، تجولت في جنباته وسُمعت جنازيرها لأول مرة في المدينة، أطلقت عدة قذائف ثقبت بعض أبنية الحي الشاهقة، قبل أن يتمكن الثوار من تدميرها جميعا بقاذفات “الأر بي جي” البسيطة التي كانوا لا يملكون غيرها في ذلك الوقت.
 
سيطرة الثوار
بعد أن بسط الثوار سيطرتهم الكاملة على الحي انطلقوا منه لتحرير الأحياء التي تليه ، فتمكنوا من السيطرة على ثلثي المدينة في غضون أيام قليلة ، ليتخذوا في هذا الحي الضخم مقرات كثيرة لهم في المدارس والمباني العامة الأخرى، ليشهد الحي منذ شهرين اشتباكات بين مقاتلي الثوار ومقاتلي تنظيم “داعش” والتي انتهت بسيطرة الثوار على الحي من ضمن سيطرتهم على عموم أحياء المدينة المحررة، ليستهدف تنظيم داعش شارع البريد وشارع المستوصف في الحي بأكثر من سيارة مفخخة.