دمشق، سوريا، 7 فبراير، (مازن الاطرش، أخبار الآن)

“هل يعقل أن تأخذ منا أجرة ونحن من نحميكم ونحمي الوطن”، قالها أحد ثلاثة أشخاص يرتدون زيا عسكريا وأحدهم يحمل بندقية روسية، في باص للنقل الداخلي في دمشق، بدوره يتمتم الجابي مبتعدا عنهم “لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لم أطلب من أحد أن يحميني”.

وقال الجابي “هذا الموقف يتكرر يوميا، فهذا عسكري في الجيش وذلك في الأمن وغيره من قوى الدفاع الوطني أو كتائب البعث أو لا أدري لمن ينتمي”، متسائلا إن “كانوا يقاتلون فهل يجب أن نطعمهم من جيوبنا من كلفهم بهذه المهمة فليطعمهم”.

من جانبه، قال أبو عمر، بائع فاكهة في دمشق، “أمس جاءني شخص في زي عسكري أخذ كيسا وملأه من مختلف أنواع الفاكهة، وعندما طالبته بثمن ما أخذ، قال لي ألا ترى هل أصابك العمى، لكني رجوته أن يعطيني الثمن فما أخذ يساوي أكثر من مربحي، وأمسكت الكيس بكلتا يدي، ترك الكيس فحمدت وشكرت الله، وبعد دقائق عاد وبصحبته شخص أخر وهم مسلحين، رموا بضاعتي في الأرض، وانهالوا علي بالضرب، وهم راحلين قالوا لي دع هذا يكون درسا للمرة المقبلة”، تغرق عينه بالدموع وصوته يغص.

ويتابع “قلت لنفسي لن أصمت عن حقي … وذهبت اشكيهم إلى مكتب الأمن المسؤول عن المنطقة، لكنهم قالوا لي هناك أن هؤلاء العناصر لا يتبعون لهم ويجب أن أذهب وأشكوهم للفرع الأمني الذي يتبعون له، لكني لم أجرؤ على الذهاب فلا أحد يضمن ما ستكون ردة الفعل”.

بدوره، قال بديع، “نعم في بداية الأحداث دعمنا تشكيل اللجان الشعبية، لحماية الأحياء من المسلحين، لكن القائمين على تشكيل هذه اللجان لم يعتمدوا على معايير محددة في اختيار هؤلاء، فضموا كل من هب ودب، ومعظمهم من العاطلين عن العمل والمستوى التعليمي المتدني، والأخلاق السيئة وأصحاب السوابق”.

ويتابع “هؤلاء اليوم يتحكمون بالناس ويتعرضون لهم باستهزاء، إضافة إلى ابتزازهم لنا بسبب تدخلهم بتفاصيل حياتنا اليومية، لم يعد مقبولا وجودهم في المجتمع بهذا الشكل، يجب أن يتم معالجة وضعهم ورفع يدهم عن المواطنين، وحصر مهمتهم في خطوط القتال، ومحاسبة المسيئين منهم مباشرة، فلقد تحولوا إلى مليشيات فوق القانون بحجة الأزمة”.

من جهته، قال سهيل، الناشط المدني في دمشق، “لقد ازدادت تجاوزات المسلحين الموالين في الفترة الأخيرة بشكل كبير، من عناصر ما أطلق عليهم قوات الدفاع الوطني إلى كتائب البعث إلى عناصر المجموعات الأجنبية، وغض نظر النظام عنهم، مقابل حملهم السلاح إلى جانبه”.

وأضاف “هم اليوم يتحدثون عن أنهم قوى لا يمكن للنظام الاستغناء عنها، وأنهم مقابل بذلهم أرواحهم يجب أن يحصلوا على ما يريدون، هذا دفعهم إلى أن يتحولوا إلى مجموعات سرقة ونهب منظمة لها قطاعات جغرافية محددة، حتى أنه تم تسجيل أكثر من حادثة اصطدام بين هؤلاء المسلحين وضباط وعناصر الجيش وقوى الأمن”.

وبين أن “هؤلاء المسلحين الموالين أصبحوا يتعاملون بشكل فض مع المواطنين، إذ يستقلون الحافلات العامة وسيارات الأجرة من دون دفع أي أجر لهم، مهددين سائقيها بالاعتقال أو القتل إذا طالبوهم بذلك، كما أنهم يأخذون بضائع متنوعة من المحلات وسيارات نقل البضاعة بالمجان، تحت حجج مختلفة وبعض التسهيلات بمتابعة طريقهم”.

ولفت إلى أن “هذه التجاوزات أثارت امتعاضا كبيرا لدى المواطنين وحتى الموالين منهم، إذ أصبحوا يعبرون عن استيائهم في العلن، مطالبين بمحاسبتهم والحد من صلاحياتهم “.

يشار إلى أن النظام شكل مع بداية الحراك الشعبي المطالب بالحرية والكرامة، مجموعات من المدنيين الموالين لقمع المظاهرات التي خرجت في مختلف أنحاء البلاد، سرعان ما تم تسليحها وتطويرها لتتحول إلى مليشيات مسلحة تقاتل إلى جانب قوات النظام.