مخيم اليرموك، دمشق، سوريا، (سيف الدين محمد، أخبار الآن)

من وحي المجاعة التي دخلها مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق، يكثر الحديث عن الدور الاجتماعي والثقافي الذي لعبه المخيم بمثقفيه ووجوهه المختلفة في احتضان حالة ثقافية مزجت الثقافة السورية والفلسطينية والعراقية وغيرها، لتسبغ المشهد الثقافي السوري بالتعددية الفعالة والمنتجة.

الهوية الثقافية للمخيم

تشكّلت هوية مخيم اليرموك بفعل الواقع النضالي ومرحلة الكفاح المسلح منذ الستينيات حتى أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، وهي المرحلة التي اندمج فيها الكثير من الشباب السوريين، مما أرسى تمازجاً بين الشعبين عززته حالات الزواج والمصاهرة على المستوى الاجتماعي.
وحتى نهاية مرحلة حرب بيروت عام 1982 كان المخيم ملاذاً لفقراء الشباب والعائلات من المدن السورية، ومساحة من الحرية لممارسة النشاطات الثقافية والإبداعية، وملجأ للمعارضين السوريين الذين لم تستطع سلطات الأمن السوري الوصول إليهم. حتى لم يعد المتابع يميز بين المثقف الفلسطيني والسوري بسبب من تلازم قضية فلسطين وسورية في الحرية.

شخصيات ومثقفون

لم يكن من قبيل الصدفة أن تجتمع الثقافة والموسيقى والفن والسياسة في جغرافية المخيم، فقد بقي لمرحلة طويلة وكأنه بقعة حرية خارج نطاق فروع الأمن.
ومن منا لا يذكر الفرق الفنية المعروفة التي عملت مع الملحنين العرب والعراقيين والسوريين مثل فرقة بيسان وفرقة الأرض، والشخصيات التي سكنت المخيم من الموسيقيين العراقيين كوكب حمزة وسامي كمال، أو ينسى الشاعر العظيم ممدوح عدوان والشاعر رياض الصالح الحسين وأحمد فؤاد نجم وغسان زقطان وجميل حتمل وحسان عزت ومظفر النواب الذين أسسوا لذائقة شعرية جديدة في ثقافة المخيم.

ومن السينمائيين المعروفين المخرج الفلسطيني جبريل عوض والسوري هيثم حقي ومحمد ملص وأسامة محمد.
يقول الفنان سميح شقير في آخر حديث له عن مجاعة مخيم اليرموك: “هون تقاطع مصير الفلسطينيين اللي عم يدوروا عن وطن مع مصير السوريين اللي عم يدوروا عن معنى وطن جوا الوطن. والمخيم بزحمته، ببيوتو المتعمشقة على بعضها، بعشوائياته، بالفقر المتجول وين ما كان، بفروع الجبهات الفلسطينية بالناس اللي بتعرف بعضها، بتنوع اللهجات والثقافات، بقبول الآخر المختلف أحيانا بالفكر والدين وطريقة حياة لكن .. مخيم اليرموك قدر يصهر كل هالناس ويخرج من مدرستو العظيمة المناضلين والشعرا والحالمين”.