حي القابون الدمشقي يبلغ عدد سكانه نحو  50000 نسمة ويعمل أهله بالمهن الحرة واليدوية والتجارة والزراعة، وعلى الرغم من أهميته الاستراتيجية والتاريخية، إلا أنه كما يصفه كثيرون حي ظلمته العقود الأخيرة حيث بُعثر تاريخه كغيره من الأحياء والقرى والبلدات في زمن نظام الأسد بين أطلال دروب وأزقة معتمة، وزوايا مهدمة.

يقع حي القابون على بعد ثلاثة كيلومترات فقط من ساحة المرجة، مركز العاصمة، وتكمن أهميتة الاستراتيجية في كونه يشكل بوابة دمشق الشمالية، وفيها أهم محطة  مواصلات تجاه المحافظات الأخرى.

يحد الحي من الشرق مدينة حرستا وحي عربين، ومن الشمال حي برزة، ومن الجنوب حي جوبر، وجلها مناطق محررة.

حي القابون عرف برفض سكانه للذل والمهانة والظلم فكافح أشكا الاستبداد والاستعمار على مر  التاريخ، وقدم العديد من الشهداء في معارك التحرير، بدء من الاحتلال الفرنسي، مرورا بحروب ثمانية واربعين وسبعة وستين وثلاثة وسبعين.

وفي فترة حكم بشار الأسد ووالده حافظ الأسد عاد الحي الى الواجهة الأمنية في بضع مناسبات، أبرزها أزمة المقبرة أو ما عرف بانتفاضة التربة والتي خرج فيها اهالي القابون ليجبروا النظام على تلبية مطالبهم بإلغاء مشروع كان من المزمع إقامته مكان المقبرة، كذلك كانت حادثة الالستراد الدولي، حين انتفض الاهالي  مطالبين بإقامة الانفاق على الالستراد، الذي يمر بالبلدة ويقسمها الى قسمين، ولم تنتهي التظاهرة حتى لبيت مطالبهم .

مع بداية الثورة السورية انتفض اهالي الحي في وجه الظلم والظالم، فلطالما أطلق على حيهم في السنوات الأخيرة، تسمية البلدة المظلومة لكثرة ما وقع عليها من مظالم أمنية واقتصادية عبر الأزمنة، شعر معها أهالي الحي بأنهم مهملون ومهمشون ومقموعون، ورغم كثافة السكان واهمية الموقع الجغرافي للحي، يفتقر الاهالي لوجود أي مشفى أو حديقة او ملعب رياضي، فضلا عن قرارات الاستملاك التي طالت معظم أراضيهم، لكن الحي لم يفتقر أبدا الى وجود ثكنات أمنية تحيط بهم بكل وفرة ومن كل الجيهات.

اقتحامات متكررة وحملات اعتقالات عشوائية، ومراحل تعذيب طالت الاطفال والشيوخ والنساء والرجال في الحي، أنتهت معظم الاحيان بالتصفية الجسدية، حاول بعض الشبان حماية أهليهم من المتظاهرين من رصاص الأمن، فقطعوا الطرقات علًهم يفلحون في الحد من نزيف الدماء ، فكان بدء النشاط المسلح في الحي.

اليوم يمضوا أهالي القابون أيامهم، وهي الأسوء في تاريخهم، تحت حصار خانق وقصف جوي متواصل ،ودائما على أصوات هدير الدبابات والمدافع وفوهات البنادق، يحدث أن يهنئ أهالي القابون الشعب الليبي على نجاح ثورتهم ، لكنهم يمنون النفس في ذات الوقت بنصر مماثل وإن طال الأمد.