قامت الحكومة العراقية في النصف الأخير من الشهر الماضي بإطلاق سراح علي موسى دقدوق، الذي يعد من كبار القيادات الميدانية في حزب الله والذي ظل معتقلا لديها بتهمة تنفيذ هجمات ضد قوات التحالف في العراق.
انضم علي موسى دقدوق إلى حزب الله عام 1983، وتولى عدة مناصب من بينها قائد وحدة العمليات الخاصة. كما لعب دورا على صعيد الأمن الشخصي لأمين عام الحزب حسن نصرالله. في العام 2006، طلبت إيران من حزب الله أن تدرب ميليشيات في العراق على تطوير هجمات ضد قوات التحالف. فأرسل الحزب دقدوق ليقود سرية خاصة عُرفت باسم المجاميع.
وكان من أخطر عملياته هجوم على “مركز التنسيق المشترك” في كربلاء ما أسفر عن مقتل خمسة أمريكيين في 2007. بعد ذلك بشهرين ألقت القوات البريطانية الخاصة القبض عليه في منزل بالبصرة.
دقدوق شخصية مهمة. ولا نجانب الصواب إن قارناه بـ عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله الذي قتل في دمشق تحت أنظار نظام الأسد. إذا كان مغنية خبيرا في المتفجرات، فإن دقدوق خبير في العمليات الخاصة. وكما مغنية، كان دقدوق شخصية استقطابية. فله أصدقاء بين صفوف حزب الله وبين المجموعات الشيعية في العراق وفي أماكن أخرى. لكنه في نفس الوقت كان له منافسون. عودة دقدوق إلى لبنان تعني تحد لمؤسسة حزب الله العسكرية. فعندما يعود شخص بهذا الحجم من الغيب، فلا شك أنه سيهز الهرم العسكري في حزب الله. خصومه سيشيرون إلى تفاصييل جدلية في اعتقاله وتسريحه؛ مثل: لماذا اعتقل طوال هذه الفترة ومن ثم أطلق سراحه فجأة؟ أي معلومات قدمها للحكومة العراقية عن المجموعات الشيعية المسلحة في العراق؟ لماذا دعمه فيلق القدس الإيراني في بعض الأحيان على حساب شيعة العراق؟ لأي مدى تعاون مع الأمريكيين بحيث تسبب في القبض على إرهابيين في العراق؟ هل أطلق سراحه كي يخترق حزب الله؟ ليس ثمة ما يوفر جوابات شافية عن هذه الأسئلة. ولكن مع محاولات دقدوق أن يجد مكانه السابق في هيكلة حزب الله في لبنان، تظل هذه الأسئلة عالقة. كما أن دقدوق يعود إلى لبنان فيما يخضع حزب الله إلى ضغط داخلي بسبب سوء تعامله مع الأزمة السورية. فالدعم العسكري والسياسي الذي قدمه لنظام الأسد قلل من قدر الحزب بين أبناء الطائفة الشيعية في لبنان. لربما فضل الحزب ألا يتعامل مع دقدوق وألا يزيد إلى مشاكله مشكلة أخرى. ولهذا سيكون لافتا أن نرى ما الذي سيضيفه إطلاق سراح دقدوق إلى وضع حزب الله المعقد أصلا.