الذكاء الاصطناعي قد يصبح أداة مهمة في العلاج النفسي

يُعتبر الوجه منطقة حساسة تحمل الكثير من المعلومات حول المشاعر والمزاج الحالي للفرد الذي يتنوع بين الفرح والحزن والخوف والغضب والدهشة والرضا.

وعادة يعكس الوجه، الحالة العاطفية للشخص، وتعتبر تعبيرات الوجه وسيلة هامة للتعبير عن الحالة الانفعالية للإنسان.

ويعد تفسير تعابير الوجه جزء من العلاج النفسي أو أبحاث العلاج النفسي، على سبيل المثال، هو وسيلة فعالة لتوصيف ما يشعر به الشخص في تلك اللحظة بالذات.

وفي سبعينيات القرن الماضي، طوّر عالم النفس الأمريكي بول إيكمان نظام ترميز موحد لتعيين المشاعر الأساسية مثل السعادة أو الاشمئزاز أو الحزن لتعبيرات الوجه في صورة أو تسلسل فيديو.

يقول الدكتور مارتن ستيبان، عالم النفس في كلية علم النفس بجامعة بازل في سويسرا: “إن نظام إيكمان منتشر على نطاق واسع، ويمثل معيارًا في أبحاث المشاعر النفسية”، وفق موقع “ميديكال إكسبرس”.

لكن عملية تحليل وتفسير تعبيرات الوجه المسجلة كجزء من المشاريع البحثية أو العلاج النفسي تستغرق وقتًا طويلاً للغاية، ما جعل عددًا كبيرًا من الباحثين لا يعتمدون عليها ويتجهون لوسائل أخرى لقياس الانفعالات مثل الذبذبات الكهربائية على الجلد، في محاولة لفهم التغيرات الانفعالية التي تطرأ على المرضى أثناء جلسات وأبحاث العلاج النفسي.

نتائج مذهلة

وفي محاولة للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، طور باحثون بجامعة بازل السويسرية منظومة للذكاء الاصطناعي يمكنها التعرف على 6 انفعالات أساسية وهي: السعادة والدهشة والغضب والاشمئزاز والحزن والخوف، وبالتالي يمكن أن تساعد في علاج الأمراض النفسية.

جاء ذلك اعتمادا على تدريب منظومة الذكاء الاصطناعي بأكثر من 30 ألف صورة لتعبيرات الوجه.

واعتمدت المنظومة أيضًا على تحليل مقاطع فيديو تخص جلسات علاج نفسي لـ23 مريضًا يعانون من اضطرابات نفسية في مركز علوم الحاسبات بجامعة بازل.

واستطاعت المنظومة معالجة أكثر من 950 ساعة من تسجيلات الفيديو لهذه الدراسة.

 

وكانت النتائج مذهلة، حيث اتفقت نتائج التحليلات التي توصلت إليها منظومة الذكاء الاصطناعي مع النتائج التي خلص إليها 3 أطباء مدربون، بل واستطاعت المنظومة رصد تعبيرات وجه معينة ظهرت خلال أجزاء من الثانية دون أن يلتفت إليها الأطباء، مثل ابتسامة عابرة أو إيماءة تعبر عن الاشمئزاز.

وقام نظام الذكاء الاصطناعي بتقييم تعبيرات الوجه بشكل موثوق مثل الإنسان، ولكنه كان أيضًا قادرًا على اكتشاف حتى أكثر المشاعر العابرة ضمن نطاق المللي ثانية.

في المقابل، من المحتمل أن يفتقد المعالجون هذه الأنواع من التعبيرات الدقيقة أو قد يتم إدراكها فقط دون وعي.

ووجد الباحثون أن نظام الذكاء الاصطناعي قادر على قياس المشاعر العابرة بمستوى حساسية متزايد مقارنة بالمعالجين المدربين.

“الابتسامة” مفتاح العلاج

كشف تحليل الذكاء الاصطناعي أيضًا عن شيء غير متوقع إلى حد ما. حيث أن المرضى الذين أظهروا انخراطًا عاطفيًا وابتسموا في بداية جلسة العلاج، واستمروا في علاجهم النفسي بشكل أقل من الأشخاص الذين بدوا غير منخرطين عاطفيًا مع معالجهم.

وبالتالي فإن هذا الابتسامة يمكن أن تكون مؤشرًا جيدًا ومفتاحًا لنجاح العلاج.

يقول الدكتور مارتن ستيبان: “لقد فوجئنا حقًا عندما وجدنا أن أنظمة الذكاء الاصطناعي البسيطة نسبيًا يمكنها كشف تعبيرات الوجه التي تشير إلى الحالة العاطفية بشكل موثوق للغاية”.

واعتبر الباحثون أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يصبح أداة مهمة في العلاج والبحث.

ويمكن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحليل تسجيلات الفيديو الموجودة من الدراسات البحثية من أجل اكتشاف اللحظات ذات الصلة عاطفياً في المحادثة بسهولة أكبر وبشكل مباشر، ويمكن أن تساعد هذه القدرة أيضًا في دعم الإشراف على الأطباء النفسيين.