حماس تتلقى الإشادات من حسابات قاعدية

  • مصطفى حامد من طهران: حماس “أسقطت” الأقصى من الطوفان
  • كيف خرّبت إيران القضية الفلسطينية؟
  • في مخالفة شرعية، حسابات قاعدية تُشيد بجناح حماس السياسي

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٤ إلى ١٠ ديسمبر ٢٠٢٣، وضيف الأسبوع، الدكتور هشام النجار الكاتب والخبير السياسي المصري في شؤون حركات الإسلام السياسي، له برنامج الخلاصة على يوتيوب ويكتب في منصة “ذات مصر” والعرب اللندنية والأهرام وغيرها من المواقع العربية. وصاحب كتاب: “جحيم الإرهاب المحلي: التكفيريون يحكمون -القاعدة وطالبان- بعد سقوط الإخوان”.

“دفا أمي”

إذ تدخل آلام الغزيين شهرها الثالث، ينبئُ أحدهم متأخراً “ولّعت” إذ تحترق غزة في برد كانون يصرخ آخر… بدي دفا أمي، إذ تضيع البوصلة في طوفان الأقصى، تُصرّ ماكينة الحرب على تدمير المدمر، في عالم الجهادية، من طهران، محاولة لتبرير موقف إيران من حماس.

حماس وإيران أسقطت الأقصى من الطوفان

لفت هذا الأسبوع مقال كتبه مصطفى حامد، أبو الوليد المصري، صهر سيف العدل، الزعيم الفعلي للقاعدة. المقال المنشور في موقع مافا السياسي الإيراني جاء بعنوان “وسقط المسجد الأقصى من حسابات طوفان الأقصى”.

المرصد 222 | مصطفى حامد من طهران: حماس "أسقطت" الأقصى من الطوفان

يمكن أن نلخص الأفكار في هذا المقال الطويل بما يلي: حماس هي المسؤولة عن ضياع البوصلة في طوفان الأقصى؛ فحماس لم تحقق أي انتصار في غزة ولا حتى في صفقة التبادل التي تخدم إسرائيل أولاً. يحمّل مصطفى حامد حماس مسؤولية ضعف الرد من جانب إيران ووكلائها في المنطقة معتبراً أن حماس اختارت أن تكون أقرب إلى “محور سني معتدل” منها إلى المحور الإيراني. والفكرة الأخيرة هي دعوة مفصلة لضرب موانئ السعودية في البحر الأحمر.

في التفاصيل، يعتبر مصطفى حامد أن الهدف “الاستراتيجي” المعلن من “طوفان الأقصى” هو “حماية المسجد الأقصى وتحرير فلسطين؛” وعليه فإن هذا الهدف لم يتحقق، بل إن حماس أسقطت الأقصى من حساباتها حتى تحولت الحرب إلى “قضية إنسانية واقتصادية بعيدة عن أي محتوى ديني أو سياسي”. وبالتالي، فإن حماس لم تحقق أي انتصار في الحرب. يقول: “ولا جدوى من القول بأننا انتصرنا معنوياً أو نفسياً أو دعائياً ولا جدوى حتى من القول بأننا أوقعنا بالعدو خسائر كبيرة”.

وعن صفقة الأسرى، يشبهها مصطفى حامد “بعملية تبادل للذهب في مقابل عملة ورقية مزيفة. فجميع الأسرى الذين أفرجت عنهم إسرائيل تستطيع تجميعهم وإعادة اعتقالهم مرة أخرى في نفس اليوم. بينما الإسرائيليون والإسرائيليات عادوا إلى مستعمراتهم مرة أخرى ليكونوا جزء من “جيش الدفاع”.

وإذ يحمّل مصطفى حامد حماس مسؤولية ضياع البوصلة في غزة، فهو يحملها أيضاً مسؤولية “خطأ” وقعت فيه إيران ووكلاؤها في المنطقة. يقول إن “محور المقاومة” انجرّ وراء “خطأ القيادة السياسية لحركة حماس”.

يشرح أن هذا الخطأ تمثل في “ربط العمليات العسكرية (لحزب الله والحوثيين) بالموقف في غزة صعوداً وهبوطاً .. فضاعت القدس والأقصى (من حساباتهم) بضياعها من حسابات حركة حماس”.

ويزيد بأن يبرر ضعف الرد الإيراني العسكري في الحرب فيقول: “حتى إن (إيران) ربطت تدخلها المباشر في الحرب ضد إسرائيل بالأوضاع في غزة. وأنها قد تدخل الحرب بشكل مباشر إذا دخلت القوات الإسرائيلية في غزة، رغم أن القوات الإسرائيلية ومعها قطعان من المستوطنين الإسرائيليين متواجدون على الدوام في المسجد الأقصى ويعتدون على المصلين”. يحاول مصطفى حامد في مواقع أخرى الاحتفاء بدور إيران ووكلائها في المنطقة ولكن تظل هذه الجملة أعلاه فاصلة وواقعية.

ونفهم من المقال أن مصطفى حامد غاضب لما يعتبر أنه اقتراب حماس من “محور سني معتدل” يواجه إيران. يفهم القارئ أن حماس، بحسب مصطفى حامد، تجاهلت إيران في هذه الحرب “وحصرت مجهودها السياسي الدولي في العالم الغربي فقط سواء في الرأي العام الشعبي أو المواقف الرسمية”. يصرّح مصطفى حامد كذلك بأن حماس اتخذت من قطر مقراً لها تتحاور فيه مع الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية، وهذا لا يعجب طهران.

المرصد 222 | مصطفى حامد من طهران: حماس "أسقطت" الأقصى من الطوفان

الخلاصة هي أن مصطفى حامد يرى أن الصراع مع إسرائيل يجب أن يكون دينياً وليس مناطقياً أو طائفياً. فهو يدفع بقوة في اتجاه أن الأقصى لا يخضع لحسابات طائفية شيعية أو سنية؛ ومثله “المقدسات الإسلامية” في الجزيرة العربية. فالصراع على الأقصى يجب أن يمتد إلى صراع على مكة والمدينة. ولهذا، يحتفي مصطفى حامد بخطة مفصلة لضرب الموانئ السعودية والسيطرة على البحر الأحمر. وفي هذا كله خدمة لإيران.

القاعدة وإيران: ضد

ازدحم إعلام القاعدة الرديف بمنشورات مناهضة لإيران ووكلائها في المنطقة -حزب الله والحوثيين- تحت عناوين طائفية على العموم مثل “عداء الرافضة لأهل السنة” أو على وجه الخصوص تتعلق “باستغلال” إيران قضية غزة.

يأتي هذا استجابة لما تُسمى “حملة الوعي الأممي لخطر الرافضة” التي أطلقها مجلس التعاون الإعلامي الإسلامي الذي تأسس في ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٣ ليكون مظلة تنظم عمل مؤسسات الإعلام الرديف.

في البيان رقم ٣ قال المجلس إن شعارات إيران وأوليائها أثّرت في “بعض المسلمين” هذه الأيام بحجة “نصرة” غزة. واعتبر أن تحرش حزب الله بإسرائيل حتى الآن إنما دليل على أنه “آثر السلامة … معطياً إيران ورقة مفاوضات تفاوض بها إسرائيل وأمريكا على دماء أهل السنة في غزة؛ ومثلهم الحوثيون الذين يشنون “عمليات لا تغني ولا تسمن من جوع”. انتهى البيان إلى أن الهدف من هذا كله هو “غسل جرائم ميليشيات الشيعة ضد المسلمين في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها”.

القاعدة وإيران: مع

في المقابل، لفت هذا الأسبوع أن تداولت حسابات محسوبة على إعلام القاعدة الرديف، تصريحات للقيادي في حماس فتحي حمّاد.

حمّاد هو عضو المكتب السياسي للحركة ويقيم في إسطنبول. في مقابلة تلفزيونية اعتبر أن طوفان الأقصى مقدمة لإقامة “خلافة” عاصمتها القدس.

نقلت تصريحاتِه حسابات قاعدية وازنة بينها حساب اليقين، وهو حساب مُعتبر حتى إن البعض يقول إن من يقوم عليه هم ضباط الإعلام الرسمي في قاعدة اليمن. تعليق اليقين كان: “هذا الخطاب لم نكن نحلم بسماعه قبل #طوفان_الأقصى العظيم؛ فالحمد لله”.

لنتذكر أن القاعدة ومن لفّ لفيفها إذ يؤيدون حماس فإنما يميزون بين جناحيها العسكري والسياسي. فأن يشيد إعلامها المناصر بشخوص جناحها السياسي، فهذا لافت.

في موازاة ذلك، كان حساب ناشر، الذي ينشر باللغة الفارسية، تناقل تصريحات لخالد مشعل، رئيس حماس في الخارج؛ ومنه نُشرت التصريحات في حسابات قاعدية أخرى.

حساب أنباء جاسم، المقرب من الجماعات الجهادية، علّق على سلوك حساب اليقين وأمثاله وقال: “للتذكير… فقط من بضعة أشهر قاعدة اليمن كانت تشيطن حماس وتقول إنها مثل الهيئة (هيئة تحرير الشام) سبحان مغير الأحوال. شغل اليقين محتاج انضباط لأنها تورط التنظيم في مواقف محرجة”.

المرصد 222 | مصطفى حامد من طهران: حماس "أسقطت" الأقصى من الطوفان

إدلب الجريحة

فيما لا يزال العالم منشغلاً بأنباء الدمار في غزة، لا تزال إدلب تتعرض لهجمات من النظام السوري وحلفائه – إيران وروسيا. حساب كنّاشة عزام علّق على قصف استهدف المدينة الصناعية وسرمين في أطراف إدلب، وقال: “هذا المشهد ليس في غزة! بل هو في إدلب الجريحة.. ولمن لا يتابع أخبار إدلب والشمال المحرّر فنقول له: هذه المجازر لم تتوقف منذ بدء الثورة عام ٢٠١١م، والقصف يومي ومستمرّ، ولا يخلو أسبوع من مجزرة بحقّ أهل السنّة”.

الحمرا

أثار افتتاح مول الحمرا في الدانا شمال إدلب ردوداً غاضبة بين معظم الشرائح في المدينة وصلت إلى حد العنف عندما تعرض المول لإطلاق نار.

مهرجان الافتتاح الذي وثقه أهل إدلب على وسائل التواصل الاجتماعي جُيّر لهيئة تحرير الشام. وهنا كان لافتاً أن بعض مؤيدي الهيئة كانوا من أشد المتحاملين على المهرجان.

حساب إدلب بوست وتحت هاشتاغ #قاطعوا_مول_الحمرا، تعهد بنشر أسماء التجار المشاركين في افتتاح المول “ليكونوا عبرة لغيرهم”. ووصف الحساب من أطلق النار على المول بأنهم “أبطال غيارى”.

لكن، طاهر العمر، الإعلامي الموالي للهيئة، اعتبر أن ما نُقل عن المهرجان كان فيه “مبالغة”.

وفيما تناقلت حسابات معارضة صور بذخ في المول ومحيطه، كتب الجهادي المخضرم صالح الحموي في حساب أس الصراع في الشام، أن “احتكار الحكم في إدلب أوجد طبقة ٥٪ تتحكم بالثروة و طبقة ٩٥٪ تحت خط الفقر. أمراء يرسلون أولادهم للمدارس الخاصة بلاند كروزر موديل ٢٠٢٣ وناس تحمل أطفالها على ظهورها لتوصلهم إلى مدارس تنعدم فيها أدنى مقومات التعليم. كيف تبني مولات ومؤسسات وعندك خطوط تماس مع العدو بطول ١٢٠ كم قادر يقصفها بالمدفعية”.

افتتاح المول جاء مع استمرار القصف على أرجاء مختلفة من إدلب؛ ومع هجمة انغماسية للهيئة يبدو أنها كانت فاشلة. حساب أبو هادي على التلغرام علّق: “بدل أن تعترف (الهيئة) … بخسارتها للمقاتلين وفشل العملية تكتمت على العملية واقتصر نشرهم في القنوات الرديفة أن أهداف العملية تحققت بدون تفاصيل … ويأتي مرتزق أحمق ويقلك الشيخ الفاتح وإحنا جنوده”.

وعلى هذه الهجمة تحديداً علّق حساب علي أبو الحسن العرجاني معتبراً أن الهيئة تسعى من الانغماس في معارك خاسرة إلى تحقيق أهداف “سياسية وإعلامية”. يقول: “هل تعلمون كيف كان يتخلص الدواعش من الجنود أصحاب الروح القتالية والمنهج المخالف لسياسة القيادة ؟ وكيف كانت سياسة قيادة جبهة النصرة في كسب السمعة الإعلامية والمتاجرة بعدد القتلى عندهم في جلساتهم مع الفصائل؟ كانوا يرسلون الشباب المتحمس للقتال ومحبي الشهادة إلى معارك خاسرة مع علم القيادة بذلك ليحققوا أهدافهم السياسية والإعلامية”.

المرصد 222 | مصطفى حامد من طهران: حماس "أسقطت" الأقصى من الطوفان

ضد حماس

مع دخول الحرب في غزة الشهر الثالث، لا يزال الجهاديون يتحدثون عن دواعي النصر وطرائقه بالنظر إلى سلوك حماس في هذا الحرب والنتائج التي تحققت على الأرض.

حساب ابن تيمية ~فوائد علمية ~ نقل عن حساب باسم كمال الدين بن المدني الرحماني قوله “للنصر طرق شرعية شق إيماني وشق مادي”. فمن ناحية، يقول الحساب إن حماس “متخلفة” في الشق الإيماني بالنظر إلى ولاءاتها السياسية وحوكمتها؛ معتبراً أن هذا الشق الشرعي “ليس أمراً جانبياً يُؤخّر لما بعد الحرب”. وينتهي الحساب إلى اعتبار أن ما يحصل هو “هرج … لا يعلم فيه المرء لم قَتل ولمَ قتل”.

هذا الحساب الجهادي يرى أن الحرب في غزة يجب أن تكون “صراعاً عقائدياً … (لا) صراع ملكية أرض،” وعليه يجب ألاّ تنحصر الحرب في “قتال اليهود”.

يُضيف الحساب إلى ذلك انحياز حماس لإيران الأمر الذي يتسبب في “خلل كبير” يُفضي إلى “تقزيم حرب إسلامية فاصلة في عباءة حركة متلاعبة!”