سلوك حماس وتحالفاتها يزيدان من الجدل في أوساط الجهاديين

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢٧ نوفمبر إلى ٣ ديسمبر ٢٠٢٣، ضيف الأسبوع، الصحفي اليمني محمد بن فيصل يحدثنا عن الحوثي والقاعدة، والحوثي وغزة.

جهاديون: سلوك حماس في غزة “عَوَار ما بعده عَوار“
سيف العدل يُحضّر لتعيين “مصري“ على هرم قاعدة اليمن

المرصد 221 | جهاديون: سلوك حماس في غزة ”عَوَار ما بعده عَوار“
“بيكفّي!“

انقضت هدنة الأيام، فبعد أن حيّدت إسرائيل شمال قطاع غزة، تحوّلت إلى جنوبه. وبعد أن دفع ١٥ ألف فلسطينيٍّ ثمنَ مغامرةِ حماس في ٧ أكتوبر، فُتِحت سجلات جديدة لتخليد أسماء ضحايا جدد يتساقطون قهراً على قهر. في عالم الجهادية، يكابر البعض فيدّعي النصر لحماس، ويحلِف بمشروعية “التحالف مع الشيطان”. آخرون يرون في سلوك حماس “عَوَاراً ما بعد عوار”. إلى التفاصيل.

غزة بين سبتمبر وأكتوبر

بعض الجهاديين وضعوا معركة “طوفان الأقصى“ التي بدأتها حماس في ٧ أكتوبر في ميزان أحداث ١١ سبتمبر – إمّا مقاربة على اعتبار أن فئة قليلة غلبت فئة كثيرة، أو مفارقة على اعتبار أن المفاسد المترتبة غلبت المصالح. هذا كله كشف صدعاً آخر في فكر الجهاديين.

أبو محمود الفلسطيني على التلغرام لفت إلى هذا التناقض بين من تنكر لهجمات سبتمبر ولكن هلل لهجمة أكتوبر، واعتبر أن هؤلاء المتحمسين وقعوا في “تناقض شرعي وفكري ومنهجي”.

مثله الزبير أبو معاذ الفلسطيني وهو قاعدي يعيش في غزة، اعتبر أن من أنكر سبتمبر ولم ينكر أكتوبر خالف الميزان الشرعي المتعلق بالمفاسد والمصالح من باب أن سبتمبر حققت الهدف على الأقل وهو “النكاية“ في الغرب؛ أما أكتوبر فأخفق في هدف مُتخيَّل وهو “إشعال معركة التحرير مع بقية الساحات”.

“عَوار“ حماس

هذا التناقض ليس جديداً. لكن اللافت هو أن يصل الخلاف والاختلاف بين أفراد الصف الواحد إلى حد مكان قد يصعب الرجوع منه. مرة أخرى، كل هذا يؤشر على فشل المشاريع الجهادية التي تفتقر إلى بوصلة واضحة مقياسها ثابت. نرى اتساع هذا البون فيما كتبه نائل بن غازي وأبو محمود الفلسطيني وكلاهما ينتميان إلى نهج أحد أقطاب الجهادية أبي قتادة الفلسطيني؛ فهما يؤيدان سياسة هيئة تحرير الشام في إدلب، ويخالفان القطب الآخر أبي محمد المقدسي.

خلاف التلميذين كان على ما قاله الداعية السلفي أبو إسحاق الحويني. ينقل نائل الغزي، الذي يعيش في غزة، أن الرجل قال إن “لا إشكال“ في تعامل حماس مع إيران، واصفاً مخالفي حماس “بالمداخِلة المبتدِعة المُخذِّلة”.

وزاد الغزي أن تحالف حماس مع إيران لا يختلف عن تحالف “بعض الجماعات الجهادية“ مع “كثير من الدول المجرمة بحق المسلمين … كالصين والهند وروسيا بل وحتى إيران؛“ وربما ألمح الغزي في هذا إلى طالبان التي تحتل موقعاً فريداً لدى الجهاديين باستثناء داعش.

دافع الغزي أن “الأسباب التي (تتحقق) بها المصالح المشروعة ليست دوما مشروعة، وإنما تكون كذلك إذا غلبت المصلحة المفسدة،“ معتبراً أن هذا الشرط ينطبق على حماس.

لكن أبا محمود الفلسطيني انتقد كلام الحويني في سلسلة من الأسئلة اللاذعة من قبيل: “هل فلسطين أفضل من سوريا والعراق واليمن؟! إن كان جوابك لا، وهو الجواب الوحيد… فهل يجوز إعطاء الشرعية لمن احتل أربع دول عربية بحجة أنه يدعم حماس؟!“

بنفس هذا المنطق الذي نراه من أبي محمود المؤيد لهيئة تحرير الشام، يتساءل حساب شام الكرامة وشامة الشام على التلغرام المعارض للهيئة ويقول: “لماذا التطبيع مع إسرائيل خطير وجريمة؟ … لأنها تحتل أرضنا وتقتل المسلمين، طيب إيران تحتل أربع دول وقتلت أضعاف أضعاف أضعاف ما قتلت إسرائيل، لم لا تُجرّمون من يضع يده بيد الأسد وإيران؟“

وفي هذا الجانب المعارض لهيئة تحرير الشام نجد الاختلاف ذاته ولنأخذ نموذجاً الداعية طارق عبدالحليم والشرعي المنشق عن الهيئة علي أبا الحسن العرجاني. ما يقوله عبدالحليم يتفق مع أبي محمود الفلسطيني. وما يقوله العرجاني يتفق مع نائل الغزي! وهذا أمر غير مسبوق.

المرصد 221 | جهاديون: سلوك حماس في غزة ”عَوَار ما بعده عَوار“

أما عبدالحليم، فكتب على منصة إكس: “ما يحدث في غزة ليس انتصاراً لها، بأي مقياس.. ! لا شرعا ولا عقلا.. لا نعرف ما هي خطة القسام الأولية، لكن إن كانت لا تعرف أن غزة ستدمر بالكامل وسيُقتل عشرات الآلاف، وسيحتل العدو القطاع، فهذا عَوار ما بعده عوار”.

لكن، العرجاني يساوي بين حماس وطالبان التي انتصرت عملياً وباتت تحكم في أفغانستان؛ ويعتبر أن تحالف حماس  مع دول إشكالية مثل إيران يشبه تحالف ”الثوار في سورية“ في بداية الحراك ”مع بعض الدول فضلاً عن جماعات منحرفة ضالة أو مرتزقة.”

ويعلّق على التلغرام: “العجيب أن بعض السياسيين في الثورة (السورية) لديهم نظرة توسعية في قبول الدروز والعلوية والمسيحيين إذا كان لهم موقف ضد الأسد فضلاً عن قبول أمريكا لسنوات وهي أشد حرباً على الإسلام من الصهاينة ثم هم اليوم (أي أهل الثورة) يتشددون بموقفهم من ناحية غزة وحماس!“

هل أفشل الجولاني انقلاب القحطاني؟

في آخر تطورات قضية العمالة التي اعتُقل فيها القيادي البارز في هيئة تحرير الشام أبو ماريا القحطاني، قال معارضون إن القحطاني كان يخطط لانقلاب على زعيم الهيئة أبي محمد الجولاني.

الحقيقة، لا تبدو فكرة الانقلاب منطقية بالنظر إلى تصريحات المعارضين السابقة حول تحالف الجولاني مع القحطاني والحظوة التي يتمتع بها الرجل عنده والمحاباة التي أبداها له؛ لكن نستعرض ما كُتب فلربما كان وراء الأكمة ما وراءها.

المرصد 221 | جهاديون: سلوك حماس في غزة ”عَوَار ما بعده عَوار“

أبو يحيى الشامي الشرعي المنشق عن الهيئة كتب أن ٤٠٠ فرد مشاركون في الانقلاب اعتُقل منهم ١٠٠ فيما لا يزال ٣٠٠ على رأس عملهم “لا يستطيع الجولاني اعتقالهم بسبب ارتباطاتهم منهم (أبو أحمد) زكور ومظهر الويس، فهم مؤجلون يصفيهم على دفعات”.

وختم أبو يحيى بأن “الانقلاب لم ينجح ولم يفشل، ولا يهدف إلى الإصلاح، بل التفرد بالسلطة والفساد لصالح الجهة المشغلة، كما يفعل الجولاني تماماً”.

“جيش العدل“ يرفض القاعدة

نشر الباحث دانييل غاروفالو مقابلة أجراها مع حسين بالوش المتحدث باسم جماعة “جيش العدل“ التي تأسست في إيران في العام ٢٠١٢ في المقاطعة الجنوبية سيستان بلوشستان السنية.

أبرز ما جاء في المقابلة المنشورة في موقع Khorasan Diary هو التأكيد على أن الجماعة لا تتبنى الجهاد العالمي الذي بشر به أسامة بن لادن أو الخلافة على منهج داعش.

يقول بالوش إن نشاط الجماعة ينحصر في جغرافية إيران “بهدف الإطاحة بنظام الحكم“ هناك وتحقيق الكرامة للشعب الإيراني عامة والأقليات العرقية الإيرانية خاصة السنية.

بالوش أكد عدم وجود مقاتلين أجانب في صفوف الجماعة أو استعداد الجماعة لتجنيدهم.

والأهم أن سُئل عن العلاقة “بين جيش العدل وجماعات جهادية أخرى مثل القاعدة؛“ فقال: “جيش العدل يعمل مستقلاً وأهدافنا محددة ومحدودة، وعليه فإن الجماعات المذكورة لا تُظهر اهتماماً بالتعامل معنا. كما أن بعض هذه الجماعات لها تحالفات مع النظام الإيراني”.

قاعدة اليمن … انعدام الرؤية في الهرم

وهنا نأتي إلى علاقة القاعدة مع إيران التي تظهر في سلوك التنظيم في اليمن استجابة لتعليمات سيف العدل ساكنِ طهران.

كتب الصحفي اليمني محمد بن فيصل في موقع أخبار الآن عن “تأثير سيف العدل ونجله على أزمة ‘الجاسوسية‘” داخل التنظيم كاشفاً عن أن مسؤول الجهاز الأمني في التنظيم إبراهيم البناء وجه تهمة الجاسوسية لعضو مجلس شورى التنظيم مصطفى العراقي؛ وقد اعتاد التنظيم تخوين القيادات والعناصر والحسم بالقتل بلا تحقق وأحياناً تصفية لحسابات شخصية.

يشرح بن فيصل أن الاتهامات الجديدة تأتي بعد قتل القيادي وخبير المتفجرات حسان الحضرمي في يناير الماضي. الحضرمي ينتمي إلى تيار في التنظيم مناهض لاستراتيجية سيف العدل. هذا التيار يريد أن يركز على الشأن المحلي ويقاتل الحوثي. أما تيار سيف العدل، وأبرز رموزه خالد باطرفي والبنا، فيريد تجميد قتال الحوثيين ونقل الهجمات إلى مناطق أخرى ربما السعودية.

حساب أنباء جاسم على إكس علّق: “البنا فيه من شخصية سيف العدل وطبعاً عنده نظرة دونية تجاه اليمنيين ولا يثق فيهم”.