أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (منى عواد)

دراسة جديدة توصلت إلى أن اختبارا بسيطا على حاسةِ التذوق قد يكون مؤشرا جيدا على التنبؤ بمدى معاناة المصابين بفايروس كورونا المستجد من متاعب صحية أشد خطورة، تجعلهم في حاجةٍ إلى عنايةٍ طبية مكثفة واستخدام جهاز التنفس الصناعي.

ويؤدي مرض كوفيد – 19 في الحالاتِ الحادة إلى الأصابةِ بأعراض المتلازمة التنفسية الحادة (سارس) ويصيب المسنين خصوصا والبالغين الذين لديهم عوامل خطر أخرى مثل السكري والضغط والوزن الزائد فضلا عن قصور في القلب أو في التنفس.

لكن مع مرور الوقت، تكتشفُ الطواقم الطبية خصائص ومضاعفات أخرى مرتبطة بهذا المرض المستجد على الإنسان والأطباء كذلك.

ويعتقد الباحثون من جامعة باتون روج بولاية لويزيانا أن هناك صلة قوية بين حساسية الشخص للمذاقات المرة وقدرته على محاربةِ التهابات الجهاز التنفسي العلوي والسفلي التي يسببها الفايروس.

ولاحظ الباحثون أثناء الدراسة أن الأشخاصَ غير القادرين على اكتشافِ بعض النكهات المُرة أكثر عرضة لخطر الإصابة بأعراض فيروس كورونا الشديدة والحاجة إلى دخول المستشفى.

ماعلاقة حاسة التذوّق القوية و قدرة جهاز المناعة على مقاومة كورونا؟

ويقول الباحثون إن الاختبارَ يمكن أن يساعدَ في تحديدِ الأشخاص المعرضين للخطر وتوجيههم إلى “اتخاذِ أفضل الخيارات بشأن الأمكنة التي يجب أن يتحاشوا الذهاب إليها وكيفية التفاعل مع الأشخاص الآخرين المحيطين بهم”.

وقال الدكتور هنري برهام، اختصاصي الأنف بنفس الجامعة “نحن نعلم اليوم أن فقدان حاسة التذوق والشم من أهم الأعراض المميزة للإصابة بكوفيد – 19، وهذا الارتباط دفعنا إلى محاولة فهم العلاقة بين مستقبلات التذوق لدى الشخص والاستجابة المناعية لجسمه تجاه الفايروس الجديد”.

ومن المعلوم أن المستقبلاتِ الحسية الموجودة داخل براعم التذوق يمكنها الإحساس بالطعم الحلو والمالح والحامض والمر وما يعرف بالأومامي.

وتعدُ فئات الطعم الخمس فطرية وليست مكتسبة، والطعم المر هو الذي يشيرُ إلى أن شيئا ما ربما يكون ساما.

ولطالما كانت حاسة التذوق من العوامل التي تسهم في إنقاذ حياة الإنسان بالفعل.

فكان الإنسان الأول في الماضي البعيد مضطرا إلى تطويرِ طريقة تساعده في اختيارِ الأطعمة المفيدة وتفادي تناول الأطعمة الضارة.

فعلى سبيل المثال، استطاع الإنسان تطوير القدرة على تمييزِ الأطعمة ذات المذاق المُر، والتي يقول العلماء إنها ظهرت كآلية دفاعية ضد السموم الضارة في النباتات.
كما يُعتقد أن القدرةَ على تذوقِ الطعم الحلو تطورت في الأساس لدى الإنسان الأول من أجلِ اكتشاف مصادر الغلوكوز (أو مصادر الطاقة) المتاحة في النباتات. ويرجّح أيضا أن ارتفاعَ نسبة السكر في الدم ما هو إلا قدرة بدائية تطورت من أجلِ الحفاظ على الحياة قبل أن تصبحَ الأطعمة متوافرة طوال الوقت كما هي عليه اليوم.

ووجد بحث سابق ارتباطًا بين هذه المستقبلات الذوقية وكيفية استجابة الشخص لالتهابات الجيوب الأنفية والجهاز التنفسي.

وسبق أن اكتشفَ فريق من الباحثين الأمريكيين أن مستقبلاتِ المذاق المر الموجودة في أعلى مجرى الهواء العلوي، تعدُ خط الدفاع الأول ضد عدوى الجيوب الأنفية، إلا أن قدرتَها على قتل السموم الضارة ومسببات الأمراض يتم حظرها عندما يتم تحفيز مستقبلات الطعم الحلو أيضا، في حين يعمل الغلوكوز والسكريات بتحريك مستقبلات حاسة المذاق الحلو، وأظهر الباحثون أن الأحماض الأمينية يمكن أن يكون لها تأثير في هذا الصدد.

ويرى الباحثون أن هذه النتائج المتوصل إليها يمكن أن تساعد في تمهيد الطريق نحو علاجات جديدة لالتهابات الجيوب الأنفية المزمنة.

وأشارت بعض الأبحاث الطبية إلى طريقةٍ جديدة لعلاج هذه الالتهابات عن طريق التلاعب في آلية عمل مستقبلات المذاق المر والحلو.

وتُطلق مستقبلات المذاق المر بروتينات صغيرة تسمى الببتيدات المضادة للميكروبات، والتي تقتل البكتيريا والفايروسات والفطريات التي تدخل الأنف، في حين أن مستقبلاتِ المذاق الحلو – التي يتم تنشيطها عادة عن طريق السكر الموجود في المخاط – تتحكم في معدل إطلاق تلك الببتيدات.

غير أن برهام يقول إن دراسته هي الأولى من نوعها التي توضح بالتفصيل كيف يمكن لمستقبلات ذوق معين أن تكشفَ عن نوع المناعة التي يتمتع بها الشخص ضد فايروس كورونا.

وتسعى أكثر من 100 شركة وفريق بحثي حول العالم لتطوير لقاحات لمواجهة فيروس كورونا ومن بينها 17 لقاحا على الأقل تجري تجربتها حاليا على البشر لاختبارِ فعاليتها.

وفي آخر مؤتمر صحافي عقدته منظمة الصحة العالمية، أحصت المنظمة 35 “لقاحا مرشحا” ويتمّ تقييمها من خلال تجارب سريرية على الإنسان في أنحاء العالم.