أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة 

أحداث أشبه ما تكون برؤى أو روايات، يعود فيها البطل من المجهول أو يغلب قدره المحتوم بالموت، هذه قصة واحد من "مصارعي السرطان" والبشر على حد سواء، وإليكم تفاصيلها.

شخصت إصابة مايكل كروسلاند بسرطان نادر وهو طفل، وقيل إنه سيموت. ولكن بعد خضوعه لعلاج تجريبي كاد أن يقتله ها هو يكافح من جديد لعيش حياة استثنائية.  

كان مايكل كروسلان يبلغ من العمر 11 شهراً عندما ذهب مع والدته إلى عيادة الطبيب للكشف على شقيقته الأكبر سناً التي أصيبت بالتهاب في الأذن. وفقا لصحيفة "النهار" اللبنانية نقلا عن الـ"ميرور" البريطانية.

أثناء مغادرتهم عانق الطبيب مايكل واصطدمت ركبته ببطن الصغير فأدرك وجود خطب ما. في غضون أيام نُقل مايكل جواً إلى وحدة المستشفى المتخصصة، وفي صباح اليوم التالي تم تشخيص إصابته بـ"ورم الخلايا البدائية العصبية" "neuroblastoma" وهو نوع مدمر من سرطان الأطفال.

ويقول مايكل، الذي يبلغ من العمر 33 عاماً، إنَّه "بعد دخوله المستشفى عاد إلى منزله وطلب منه الاستمتاع بوقته قبل أن يحين موعد الوفاة". ثمَّ خضع لعلاج كيميائي وجراحات حالت دون إزالة الأورام من جسده، فيما أخبر الأطباء عائلته بأنه لا يوجد أكثر مما تمَّ القيام به، "عليكم أن تقولوا له وداعاً". ولكن شاء القدر أن يتدخَّل طبيب أمريكي كان يعمل على ابتكار عقار لمكافحة السرطان.

أقرأ: "الأكل" ليلا عادة سيئة.. إليك نصائح وإرشادات لمنعها

كان قد سُمحَ لأربعة وعشرين طفلاً في البرنامج التجريبي، الذي كان يقوده الطبيب، الخضوع للاختبار وتم اختيار مايكل فاعتبر الرقم 25، ليكتشف لاحقاً أنَّ الآثار الجانبية للعلاج مروعة، بحيث كان الأطفال يحترقون حرفياً من الداخل الى الخارج.

إذ في محاولة لتخفيف الألم الناجم من البثور الخارجية التي تغطي أجساد الأطفال، كان الممرضون يلفون أجسام الصغار بضمادات، ويغطسونهم في مياه شديدة البرودة لتفادي تلف أدمغتهم. وخلال 30 يوماً توفيَ 20 من بين 25 طفلاً بسبب هذا الدواء. وفي غضون 90 يوماً، توفي 24 من أصل 25 طفلاً.

يخبر مايكل: "أتذكر أني كنت أتقيأ طوال الوقت، حتى أني تقيأت الدم أيضاً. وأذكر أنَّ أمي كانت ترغمني على الذهاب إلى المرحاض بدلاً من التبول في زجاجة، على الرغم من أنَّ الضمادات كانت تغطي جسمي من الرأس إلى القدمين. في تلك الفترة، بكيب وصليت كثيراً، وكنتُ آمل في العودة إلى المنزل، شعرت بأني أعيش في المختبر لمدة طويلة".

أصيب مايكل في سن الثانية عشرة من عمره بأول نوبة قلبية، والثانية في سن الـ18. وقبل سبع سنوات كان مصاباً بالتهاب السحايا الجرثومي، ثم تم تشخيص إصابته بشلل الوجه النصفي.

وعندما كان في المستشفى قال مراراً إنه لا يرغب بالاستيقاظ مجدداً، ما دلَّ على أنه كان على شفير الاستسلام. ولكنَّ هذه التجربة الصعبة والأليمة أتاحت له فهم أمرين هما النجاح والعطاء.

يقول: "تعلمت أن النجاح لا يرتبط بكبر مساحة منزلي أو فخامة سيارتي أو قيمة راتبي، بل النجاح هو في امتلاك قلب كبير. وأدركت أن العطاء ليس بفعل شيىء وانتظار المقابل، بل في تقديم شيىء وعدم انتظار أي شيىء في المقابل".

كان يشعر مايكل بأنه محظوظ ليس لأنه على قيد الحياة، بل لأنَّ والدته كانت تحقنه بالمخدر "العقار العلاجي" كل يوم تعلم أنَّ البرنامج التجريبي قتل كل طفل حُقن جسمه به. سلسلة من المشاكل الطبية طويلة الأمد لحقت بمايكل، فضعفَ نظام مناعة جسمه ما جعله عرضة للمرض باستمرار، وتلفَ الكبد والكلى تقريباً، وتدهورت العضلات حول قلبه، وبقي له رئة واحدة فعالة.

لاحقاً عمل مايكل في قسم المبيعات في شركة لكنه شعر بأنَّ شيئاً مفقوداً من حياته. لذلك، ذهب إلى هايتي وأنشأ مدرسة وداراً للأيتام. ولكن بسبب مشاكله الصحية المستمرة عليه السفر مع قارورة أوكسجين والابتعاد عن أي شخص مريض. اليوم، يمثل مايكل واحداً من أكثر الأشخاص تأثيراً وإلهاماً في أوستراليا وهو يزور الأطفال ممن يعانون الحالة نفسها في المستشفيات ويعطي الأمل لهم ولأولياء أمرهم.

إقرأ: كاميرا طبية تصور داخل جسم الإنسان دون الحاجة إلى أشعة

يقدر مايكل كل يوم جديد ويعتبره بمثابة المكافأة له. ولكن حاله الصحية لا زالت تخضع لمراقبة الأطباء كل 60 يوماً. وقد وجدوا منذ مدَّة أربعة أورام في حلقه وتمكنوا من إزالة ثلاثة. وقد يحتاج إلى عملية جراحية تفقده صوته، ولكنه يخشى من ألا يتمكن قلبه من تحمل الجراحة. "أدركت أنَّ المقياس ليس مرتبطاً بالوقت الذي أمضيه في هذه الحياة بل بنوعية حياتي".

مايكل سيصبح والداً، إذ بعدما قيل له إنه لن يكون قادراً على إنجاب الأطفال، وبعد خمس سنوات من خضوع زوجته لتجارب أطفال الأنبوب ها هي حامل وسيرى طفله في شهر شباط المقبل. يقول: "أنا متحمس جداً.

ولادة طفلي ستعطيني منظوراً جديداً للحياة. كثير من الناس في هذا العالم يستخدمون محنتهم كذريعة تبرر فشلهم، ولكن عدداً قليلاً منهم يعتبرها دافعاً للنجاح. "أنا سعيد لأنني لم أتخلى عن الحياة، لأنني لم أكن لأتمكن من إحداث فرق في حياة الآخرين".

ويختم قائلاً: "سأكون قادراً على الذهاب إلى مدفني مدركاً أنني تركت عالمي في مكان أفضل، أعلم أنني إنسان جيد، وهذا يعطيني شعوراً بالفخر بما حققته على الرغم من التحديات التي واجهتها في حياتي. ولن أنسى أبداً هؤلاء الأطفال 24".

إقرأ أيضا: الصحة العالمية: عدد حالات الكوليرا في اليمن يتجاوز 600 ألف