دبي، الإمارات العربية المتحدة، 25 ديسمبر 2013، وكالات –

قد يكون من الصعب النظر الى الصور، ولكن قصة بقاء رونا على قيد الحياة لمدة 18 شهراً من العمر لافتة للنظر.
بعد فترة وجيزة من ولادتها في قرية نائية في شمال شرق الهند، تم تشخيص حالة رونا مع شكل متطرف من استسقاء الرأس، وهو اضطراب يسبّب تراكم السائل الدماغي في الدماغ، فيما كان الأطباء ينتظرون عيش رونا لبضعة أشهر فقط.
ويقول والد رونا عبد الرحمن: “يوماً بعد يوم، بدأ رأسها يكبر، وتوقفت عن الرغبة في تناول الطعام، وكانت تبقى في السرير فقط، وأصبح من الصعب جداً بالنسبة لنا حملها واصطحابها الى أي مكان”.
نما رأس رونا حتى بلغ محيطه 94 سم، وهو يساوي تقريباً ثلاثة أضعاف حجم الطفل العادي.
كان هناك عشرة لترات من السوائل الزائدة داخل دماغها. كان رأسها ثقيلاً حتى أنها كانت تتحرك بصعوبة بالغة.
استسقاء الرأس هو أكثر شيوعاً بين الرضع وكبار السن. وسبب الحالة هو الإفراط في الإنتاج، وعرقلة أو عدم امتصاص السائل الدماغي في المخ.
وقد امتد جلد رأسها فسحب الجفون فوق عينيها، مما يجعل من المستحيل على رونا أن ترى.
والدتها، فاطمة بيجوم، ترسم حاجبي رونا مع الكحل الأسود كل يوم كمحاولة لتجعلها تبدو أكثر طبيعية.
تفسّر فاطمة: “كان لديها مثل هذا الرأس الكبير، كان مخيفاً للناس أن يروها”.

رونا هي طفلة عبد وفاطمة الوحيدة، لكنّهم لا يستطيعون تحمّل نفقات علاجها. يعمل والد رونا البالغ من العمر 18 عاماً في فرن الطوب حيث يكسب أقل من 3 دولارات في اليوم. لأكثر من سنة ونصف السنة، اهتموا برعاية رونا في كوخٍ من الطين مؤلف من غرفتين، مع القليل من المعرفة أو الوسائل لفعل أي شيء آخر.
في نيسان من هذا العام، أخذ صحافي صور رونا وسرعان ما تحرّك الناس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اثنين من الطلاب النرويجيين ناتالي كرانتز وجوناس بورشغروفينك.
وضع كرانتز بورشغروفينك صورة رونا على موقع على شبكة الانترنت لحشد التمويل، على أمل جمع 1600 $ لتغطية تكاليف جراحتها. في غضون شهرين، جمعوا ضعف هذا المبلغ، وبحلول شهر آب عام 2013، حصلوا على أكثر من 60000 $.
أُعطي نصف هذا المبلغ إلى الذراع الخيرية من مستشفى فورتيس في نيودلهي لتلقي العلاج لها، فيما غطت المستشفى النصف المتبقي من النفقات. ويخطط الطلاب لإرسال المبلغ المتبقي لرونا لرعايتها اللاحقة.

عندما وصلت رونا الى فورتيس، صدمت حالتها حتى كبير جراحي الاعصاب سانديب فيشيا، الذي عالج مئات الأطفال الذين يعانون من استسقاء الرأس.
يقول فيشيا: “لم نرَ أي شيء من هذا القبيل، وكنا جاهلين تماماً فيما يتعلق بكيفية الذهاب لعلاجها. لم يكن هناك سابقة علاج طفل واحد مع مثل هذه الحالة القصوى من استسقاء الرأس”.
في البداية، لم يكن لـ”فيشيا” أي أمل من الجراحة. كانت رونا تعاني من سوء التغذية، وكانت تحمل العدوى الكبيرة على الجزء الخلفي من رأسها من الضغط من الاستلقاء طوال اليوم، وكانت بشرتها رقيقة جداً وحساسة.
التحويل الدماغي هو العلاج القياسي لاستسقاء الرأس. انّه إجراء بسيط ينطوي على إدخال أنبوب الصرف للحفاظ على السوائل التي تتدفق بمعدل صحيح، ولكن نظراً لحجم رأس رونا، ولجسمها الصغير النحيل، كان علاجها تحدياً من نوع خاص.

يقول فيشيا إنّ العملية الجراحية تشكّل خطراً كبيراً على حياتها، وعند نقطة واحدة من المحتمل فقدانها.
بعد خمسة عمليات جراحية، أصبح محيط رأس رونا الآن 58 سم، وهو لا يزال أكبر من المتوسط 38-48 سم، ولكنّه صغير بما يكفي للسماح لها بأن تعيش حياة طبيعية إلى حدٍّ معقول.
إنّها تحرّك رأسها باستمرار، والأهم من ذلك أنّها يمكنها أن ترى الآن. استطاعت في نهاية المطاف الحصول على فرصة أن تكون طفلاً حقيقياً.
تقول فاطمة: “إنه شعور جيد حقاً أن أراها الآن، إنها تبدو جميلة وسعيدة”.

أصبحت رونا، مرة أخرى في قريتها، مركز الانتباه. لا يزال مؤلماً بالنسبة لها الجلوس لكنّها تبتسم كثيراً، وعيناها تجولان الآن بوضوح، في وتيرة مسعورة.
تقول فاطمة: “نريد أن تتعلّم رونا القراءة والكتابة عندما تكبر. نحن (الأم والأب) أميّان لذلك لا نريد لها أن تكون مثلنا، ونحن نريد أن يكون لها مستقبل مشرق”.
إنّه من المبكر جداً معرفة ما إذا كانت رونا ستكون يوماً طبيعية تماماً في مظهرها بعد العديد من العمليات التي لا تزال ماثلة أمامنا، ولكنّ العلامات حتى الآن واعدة.