أحداث العام 2020 بغرابتها لم تتفوّق على خيال صنّاع الأخبار المضلّلة

 

عاش العالم في العام 2020 جائحة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث قلبت الحياة فيه رأساً على عقب، لكنها وعلى فداحة آثارها الصحيّة والاقتصاديّة والاجتماعية لم تحجب كثافة الأحداث الكبيرة في العالم، وخصوصاً في المنطقة العربية وما حولها، حيث توالت النزاعات والاضطرابات والكوارث والتحوّلات السياسية الكبرى.

على وقع هذه المستجدّات، غرقت مواقع التواصل الاجتماعي ببحر من الأخبار الكاذبة خلال عام 2020، سواء لتأييد مواقف سياسيّة أو نظريات مؤامرة علميّة أو لمجرّد جذب المشاهدات والتفاعلات لأسباب تجاريّة، جعلت مصدّقيها يعيشون في عالم مواز منفصل عن الوقائع السياسية والحقائق الطبيّة والعلميّة، وهذا ما رصده فريق خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس.

 تصعيد في الشرق الأوسط

في الثالث من كانون الثاني/يناير من عام 2020 قتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، بضربة أمريكية في بغداد، وبعد ساعات قليلة، ظهرت على مواقع التواصل صورة قيل إنها تُظهر جثّة سليماني، لكن الصّورة في الحقيقة كانت للجنرال حسين همداني الذي قتل على يد تنظيم داعش في سوريا عام 2015.

في 8 كانون الثاني/يناير ردّت إيران بإطلاق صواريخ على قواعد تؤوي جنوداً أمريكيين في العراق، حيث ظهرت أخبار وصور ومقاطع تدّعي تنفيذ هذا التهديد، منها صور قيل إنها تظهر جنوداً أمريكيين في حالة من الذعر بسبب القصف الإيراني، لكن الصور في الحقيقة منشورة في أوقات سابقة وفي مناسبات مختلفة.

شباط/فبراير: سيل من الأخبار المضلّلة عن كوفيد-19

اعتباراً من شهر شباط/فبراير ، دخل العالم نفقاً غامضاً لم يسبق له مثيل مع انتشار فيروس كورونا المستجدّ. إزاء ذلك، غرقت شبكة الإنترنت في كلّ أنحاء العالم بسيل من المعلومات الطبيّة والعلميّة المضلّلة، ونظريات المؤامرة حول نشأة الفيروس.

تموز/يوليو: تحويل آيا صوفيا إلى مسجد أجّج التراشق بالأخبار الكاذبة

في تموز/يوليو أشعل قرار السلطات التركيّة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، فتيل تراشق بالأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي ،لكن هذه الأخبار، وغيرها حول قضية آيا صوفيا، لا أساس لها من الصحّة.

آب/أغسطس: الأخبار الكاذبة سابقت الوقائع منذ اللحظات الأولى لانفجار مرفأ بيروت

في 4 آب/أغسطس 2020 ، وقع انفجار هائل في مرفأ بيروت ، ومنذ اللحظات الأولى للانفجار، كانت الأخبار الكاذبة تغزو مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن أبرز ما طبع الأخبار الكاذبة عن انفجار بيروت، هو الصور والمقاطع المركّبة التي تُظهر صاروخاً يهوي على المرفأ قبل الانفجار، لكن المقطع معدّل من فيديو نشرته شبكة “سي أن أن”، وقد تلاعب مروّجو الخبر الكاذب بالفيديو.

أيلول/سبتمبر: أخبار مضلّلة عن اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل
في 15 أيلول/سبتمبر 2020، وقّعت الإمارات العربية المتحدة والبحرين اتفاقي سلام مع اسرائيل في البيت الأبيض، ثم حذا كلّ من السودان والمغرب حذوهما بعد أسابيع.

إثر ذلك، ظهرت على مواقع التواصل باللغة العربية أخبار مضلّلة ذات صلة بالاتفاق وتداعياته.

معارك إقليم قره باغ تنعكس مواجهات بالأخبار الكاذبة
على وقع المعارك التي اندلعت أواخر أيلول/سبتمبر 2020 بين أذربيجان و أرمينيا في إقليم قره باغ وما حوله، تحوّلت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة اشتباك بين مؤيّدي الطرفين وميدان تراشق بالأخبار الكاذبة.

وحشد مؤيّدون للسياسة التركية صوراً ومقاطع قالوا إنها تُظهر انتصارات للجيش الأذربيجاني أو مواقف إنسانيّة ودينيّة موثّرة، لكن معظم ما انتشر في هذا السياق كان مضلّلاً أو قديماً أو متلاعباً به.

في المقابل، حشد مناصرو المعسكر الثاني صوراً ومقاطع قالوا إنها تُظهر انتصارات الأرمن أو مشاركة مرتزقة سوريين في النزاع، كانت بمعظمها مضلّلة أو خارج السياق.

تشرين الثاني/نوفمبر: الأخبار المضلّلة ترافق الانتخابات الأمريكية

ظلّت الأنظار في العالم العربي متّجهة إلى ما يصدر من أنباء عن نتائج الانتخابات الأمريكية، لما لهذه النتائج من انعكاسات سياسية مباشرة على المنطقة.

وفي هذا السياق، ظهرت على مواقع التواصل أخبار غريبة، منها فيديو قيل إنه يُظهر ترامب مستعيناً بمشعوذين لجلب الحظ، لكن الفيديو في الحقيقة يعود للعام 2017.

وتداول عشرات آلاف المستخدمين فيديو قيل إنه يُظهر ترامب وهو يحطّم مكتبه بعد صدور النتائج وهزيمته أمام المرشّح الديمقراطي جو بايدن، لكن هذا الفيديو مقتطع من برنامج تمثيلي ساخر وليس حقيقياً.

تشرين الثاني/أكتوبر: موضوع الصحراء الغربية يمطر الشبكة بمقاطع وصور مضلّلة
بعد ساعات على إعلان المغرب إطلاق عمليّة في الصحراء المغربية ضدّ جبهة بوليساريو منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، بدأ مؤيدون لطرفي النزاع باختلاق أخبار كاذبة ونشر صور ومقاطع مضلّلة، سواء لتأييد طرف أو لضرب مصداقيّة الخصم.

آخر السنة: لقاحات كورونا
مع اقتراب العام 2020 من أيامه الأخيرة، وفي وقت تتهيّأ فيه بلدان المنطقة العربية لحملات التلقيح ضدّ فيروس كورونا، وجد مواطنوها أنفسهم أمام زخم من الأخبار المقلقة التي تحاصرهم بين مواقع التواصل الاجتماعي و بعض وسائل الإعلام حول مخاطر مزعومة لهذه اللقاحات.

وابرز تلك المزاعم الحديث عن احتواء اللقاحات على شرائح لجمع معلومات، وهو ما يستحيل بحسب خبراء مستقلين، أو أنه مصنّع من خلايا أجنّة مجهضة وأنه يسبب العقم لدى النساء، أو أنه يسبّب تغييراً جينياً لدى الإنسان، وهو ما وصفه خبراء بأنه “هذيان تام”.