أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (فاطمة جنان)

أن تكون منعزلا.. وحيدا في مجتمع شرقي هو حتما اختيار شخصي! وهو نزوع الفرد إلى الانطواء وتهميش الذات، لأن طبيعة المجتمع لا تقود إلى ذلك، فهي تقدس "العائلة"، "التجمعات" والتكافل حتى في أتعس الظروف، وهذا طبعا ما يميز هذه المجتمعات، لكن بمجرد الانتقال الى المجتمعات "الغنية" الغربية، هذه المفاهيم تغيب بشكل كبير، فلا مجال للجماعة أمام استقلالية الفرد وقدرته على العيش بعيدا عنها، لكن هذا الابتعاد والعزلة قد يدفع الفرد ثمنه غاليا!  

في هذا الخضم، حذر علماء الاجتماع منذ فترة طويلة من مخاطر زيادة العزلة بفضل شيخوخة السكان وتفكك الأسر وتنوع الثقافات التي تعزز دور الفرد، وتقصي الجماعة، في هذا الخضم ظهرت البحوث الجديدة التي تحلل الدراسات السابقة، والتي تشير في المجمل إلى أن الأشخاص الذين يقعون في فخ الشعور بالوحدة هم أكثر الناس عرضة للوفاة المبكر بنسبة 50٪ من أولئك الذين لا يزالون مرتبطين اجتماعيا، وفق موقع "quartz". 

موضوع ذو صلة:  الأشخاص الأذكياء فقط يحبون العزلة..وهذا السبب!

وجدت الدراسات السابقة أن حوالى ثلث الأمريكيين يعيشون في وحدة تامة، وأن 18 بالمئة من البالغين في المملكة المتحدة يشعرون بالوحدة، وقد ربطت هذه الدراسات الأخيرة هذه الأرقام بالصحة الفردية، الذي يؤدي تدهورها الى العزلة والوفاة المبكرة.

بهذا الخصوص، قدمت "جوليان هولت لونستاد"، (أستاذة علم النفس في جامعة بريغهام يونغ في ولاية يوتا الأمريكية)، دراسة في اجتماع عام للجمعية الأمريكية لعلم النفس الأسبوع الماضي، هذه الدراسة ضمت أكثر من 300.000 مشارك، ووجدت أن هناك ارتباطا قويا بين الترابط الاجتماعي القوي وانخفاض خطر الموت بنسبة 50 بالمئة. 

في نفس الوقت استغرق تحليل آخر جمع 70 دراسة، ضمت ما يقارب 3.4 مليون شخص من الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأستراليا. خلص الى استنتاج مهم وهو أن العزلة والوحدة بالاضافة إلى ظروف المعيشة كلها عوامل تعجل بخطر الموت في سن مبكرة بالاضافة إلى "السمنة" كذلك، في هذا الصدد، قالت "هولت لونستاد" فى بيان صحفي أن "العديد من الدول فى أنحاء العالم تصرح بأنها تواجه "وباء الوحدة" اجتماعيا. وهو المعطى الذي قدمت نتائجه إلى لجنة الشيخوخة في مجلس الشيوخ الأمريكي في أبريل/ نيسان 2017.

هذا الوباء يرتبط بشكل خاص بالبلد الذي يتميز بسمات بارزة للثقافة الغنية: كطول العمر، انخفاض معدلات الزواج، انخفاض عدد الأطفال، الطلاق، ارتفاع نسبة الفردانية، لهذا السبب اقترحت "هولت لونستاد" بعض الطرق لمعالجة مشكلة زيادة الوفيات المبكرة بسبب العزلة: ومنها وجوب التخطيط للتقاعد اجتماعيا وماديا بشكل مبكر.

الجدير بالذكر أن الكثير من الروابط الاجتماعية في المجتمعات الغنية ترتبط بمكان العمل، لهذا يجب على حكومات هذه المجتمعات لعب دور ريادي لتفادي عزلة الأشخاص، ومنها خلق فضاءات اجتماعية مثل الحدائق، لتشجيع التجمعات الانسانية والتفاعل الاجتماعي بين الأشخاص.. 

اقرأ أيضا: هل يعاني أصحاب الثروة المفاجئة من العزلة؟