أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة 

بعد أن تجاوز عدد سكان الأرض الـ7 مليارات، ليس مختصو النظم الغذائية والزراعية هم الوحيدون في مواجهة التحد الأكبر وهو إطعام هذا الجيش البشري العملاق، الى جانبهم مهندسو المدن والعمارة، فإن آفتين تهددان بالفتك بآلاف بل ملايين البشر، وهما العراء والجوع.

واعتقد فيرناندو أبيلاناس أنه قد توصّل إلى حل لمشكلة نقص مساحات السكن في المدن الكبيرة. وأعلن المصمم الإسباني في وقت سابق من هذا العام أنه صنع مساحة للعمل، عُلقت أسفل جسر رئيسي في مدينة بلنسية الإسبانية. وفقا لـ"سي ان ان".

وصنعت أرضية الاستوديو من خشب الأبلكاش والأنابيب المعدنية، أما سقف هذا الاستوديو المتنقّل وأحد جدرانه فهو عبارة عن مادة الإسمنت الذي يغطي أسفل الجسر.  وتبلغ أبعاد هذا الاستوديو الصغير 4.84 أمتار مربعة، ولا يتّسع إلا لعدة لوحات وكرسي وطاولة، وتطلب تصميمه أسبوعاً واحداً. 

ورغم أن ابتكار أبيلاناس هذا لن يشكّل حلاً معتمداً لمشكلة النقص في مساحات السكن في المدن، إلا أنه بمثابة دعوة للناس لابتكار طرق جديدة في استخدام المساحات.

وأبيلاناس ليس وحده، فمن العاصمة الفرنسية باريس إلى تايلاند، توظّف العقول المبدعة "العمارة الطفيلية" بطرق تتنافس في الابتكار والعملية، للمساعدة في إعادة ابتكار المدن. 

ويتميز هذا النوع من العمارة باتصاله بأبنية أو أجسام كبيرة موجودة أصلاً، وطُوّر لسد حاجة سكان المدن، الذين يعانون من غلاء الأجور، وانعدام المساحات، والاكتظاظ السكاني. 

وبدأ المهندس جيمس فرزر المقيم في بريطانيا بالعمل على "الحجرات الطفيلية" في العام 2015، على أمل إعادة ابتكار حلولٍ لأزمة السكن في المدن، بأسعار معقولة. 

إقرأ: الليلة: الأرض على موعد مع "آخر إطلالة ساحرة" للقمر هذا العام

ويقول فرزر إن تصاميمه هي رد على طفرة "الهندسة العدائية" في المدن، والتي  تهدف إلى حرمان الناس من استخدام المساحات العامة، وبطرق غير مشروعة، مثل تركيب أشواك على مقاعد الحدائق لمنع المشردين من النوم عليها مثلاً، مضيفاً أن "الحجرات هي ملاجئ مستوحاة من أفكاري لخلق هندسة معمارية يسهل الوصول إليها من قبل الجميع، وليس من قبل الأشخاص القادرين على تحمّل كلفتها فقط." 

وتبلغ مساحة الحجرات أربعة أمتارٍ مربعة، وتؤمن "أساسيات الملجأ،" أي الدفء، والحماية من العناصر الخارجية، والراحة. 

وتتراوح كلفة بناء الحجرة الواحدة ما بين 5430 و 6785 دولاراً، وتصنع من مواد الخردة. وصُممت بهدف إلصاقها بمواقع تابعة للحكومة، مثل مستودعات التخزين، أو مواقف ركن السيارات. 

موجة عالمية 

وفي الجهة الأخرى من العالم، وتحديداً في العاصمة التايلندية بانكوك، حيث لا يقل التعداد السكني عن 8.2 مليون شخص، تسعى شركة "All Zone" للهندسة المعمارية إلى طرح حل جديد. 

وأطلقت الشركة ابتكارها المسمى "The Lighthouse" في العام 2015 في بينالي شيكاغو للهندسة المعمارية. ولا يزال التصميم في المرحلة الأولى، وصنع من المعدن، والنايلون، للوقاية من البعوض. 

وتبلغ مساحة المنزل الواحد 11.5 متراً مربعاً، ولا تتجاوز تكلفة بناء منزلٍ واحد ما قيمته الألف دولار. وتهدف الشركة إلى أن يتحوّل هذا المنزل إلى مكان عيش متنقل يمكن فكّه وتركيبه بسهولة. 

وفي العاصمة الفرنسية باريس، لا يمكن تعديل نمط البناء نظراً للبعد الحضاري والتاريخي للأبنية والشوارع هناك، والتي تحميها القوانين الفرنسية.

ودفع هذا التحدي المهندس المعماري ستيفان مالكا إلى ابتكار منازل تغطي الفراغات بين الأبنية الموجودة، وتُصنع من الزجاج والفولاذ والخشب، وتشكل حلاً رخيص الثمن لمن يبحثون عن مكان للإقامة في باريس.

وطُبقت المبادرة ذاتها في مدينة شفيلد البريطانية، حيث أعيد ابتكار مبنى مهجور من الحقبة الفكتورية في العام 2012، عندما أضافت شركة هندسية تدعى "Project Orange" سقفاً "طفيلياً" على ارتفاع طابقين يضم حانة، ومطعماً، ومساحات مكتبية.

الحل للمشاكل المدنية؟ 

تُعتبر الهندسة "الطفيلية" الأنسب للتحديات الحديثة في الكثير من المدن، وخصوصاً أن كلفتها ليست عالية، وتتميز بفعالية كبيرة في استغلال المساحات الضيقة.

لكن، هل ستثير تلك المنازل خلافات قانونية؟ 

يقول أبيلاناس إن السلطات الإسبانية لم تكتشف الاستوديو الذي صممه بعد. لكن، تبقى هناك مخاوف من نزاعات قد تنشب بسبب أمور تتعلق بالملكية، والأجرة، والحق في الإضاءة الطبيعية، ما يتطلب التفكير بشكل منفتح وغير تقليدي.

إقرأ أيضا: لغز اختفاء الطائرة الماليزية قبل 3 سنوات "يكاد لا يصدق"