أخبار الآن | لندن – (رويترز)

اختار مهرجان لندن السينمائي الدولي، فيلم "مملكة متحدة" لافتتاح دورته الستين  للمخرجة البريطانية من أصول أفريقية، أما أسانتي، ويتناول الفيلم قصة حب رومانسية بين رجل أسود وامرأة بيضاء، في فضاء متخم بالعنصرية والتعصب والدسائس السياسية.

أقرأ أيضا:افتتاح مهرجان بيروت الدولي للسينما بفيلم "جيرل أون ذا ترين"

وهذا هو العام الثاني على التوالي، الذي يخصص عرض الافتتاح فيه لمخرجة امرأة، بعد فيلم سارة غافرون "سفرجيت"، عن كفاح الحركة النسوية المطالبة بمنح المرأة في بريطانيا حق التصويت مطلع القرن العشرين.

ويأتي هذا الافتتاح، في أعقاب أكبر موسم سينمائي خصصه معهد الفيلم البريطاني "منظم المهرجان" للممثلين السود، أمثال: دينزل واشنطن ويل سميث إدريس البا. كما استضاف المعهد ندوة للممثلين السود لمناقشة المعوقات التي يواجهونها.

وتسعى المدير الفني للمهرجان، كلير ستيوارت، في اختيارها المواهب السوداء في السينما، موضوعة أثيرة لدورة المهرجان هذا العام إلى كسر تلك الصورة المهيمنة في النظر إلى السينما على أنها "بيضاء وذكورية أكثر مما يجب".

أقرأ أيضا: عمر خيرت يفتتح العروض العربية في أوبرا دبي

وتوضح ستيوارت خيارها "نبحث بقوة عن التنوع، مؤمنين أن جميع البشر يمتلكون الرغبة ذاتها، والحق فعلياً لأن يروا صورهم على الشاشة".

لذا، حفلت دورة هذا العام بالأفلام التي تعالج قضايا السود أو التي أخرجها مخرجون ومثل أدوارها الرئيسة ممثلون سود، ومن أبرزها فيلم المخرج نات باركر "مولد أمة"، وفيلم المخرجة الهندية ميرا ناير"ملكة كاتوي"، الذي يستلهم قصة بطلة الشطرنج الأوغندية فيونا موتسي، وفيلم المخرج الأميركي سبايك لي "تشي- راغ".

مملكة متحدة
يستند فيلم مملكة متحدة إلى قصة حقيقية، وقعت أحداثها منتصف القرن الماضي، قصة حب سيريتسي خاما، ملك شعب "قبيلة" بانغواتو في بوتشوانا لاند "وتسوانا حالياً"، وأول رئيس لجمهورية بوتسوانا لاحقاً، مع روث ويليامز الفتاة الإنجليزية وابنة موظف تأمين "الممثل نيكولاس ليندهيرست"، التي تعمل كاتبة طابعة في أواخر أربعينيات القرن الماضي.

حاجز اللون
وينطلق الفيلم من قصة حب رومانسية لروث "الممثلة روزموند بايك"، التي يجمعها حبها لموسيقى الجاز مع سيريتسي خاما "الممثل ديفيد اوييلوو" الشاب الأسود الذي كان يدرس القانون في بريطانيا عام 1947، ويفرقها عنه حاجز اللون في مجتمع محافظ.

وعندما يقرر الحبيبان تحدي التقاليد السائدة والزواج تتحول قصة حبهما إلى مشكلة سياسية ودبلوماسية ومواجهة مع دسائس السياسيين في ويستمنستر أو في جنوب أفريقيا، التي ترى في زيجتهما تهديداً لنهجها القائم على الفصل العنصري.

وإذ تتحدى روث رفض عائلتها وتتزوج من خاما، مختارة الانتقال معه إلى حيث شعبه في بوتشوانا لاند الخاضعة لحماية لبريطانيا منذ عام 1880، فتواجه هناك برفض آخر، عبر تحريض من خال خاما الوصي على العرش، وتستغل الخلاف بينهما دولة جنوب أفريقيا، التي تضغط على الحكومة البريطانية لإلغاء هذه الزيجة.

ويتفنن هنا اثنان من كبار الدبلوماسيين البريطانيين، أحدهما السير أليستر كاننغ "شخصية متخيلة يؤديها الممثل جاك دافنبورت"، في خلق المعوقات بوجه الزوجين، ومحاولة إبطال هذه الزيجة.

وتستدعي الحكومة البريطانية خاما وزوجته إلى بريطانيا، لكنهما يقرران أن يذهب هو وتبقى هي، خشية منعها من العودة إذا عادت إلى بريطانيا، ويتحول موقف شعب بانغواتو نحوها، إذ يقومون بمنع الدبلوماسي الذي يحاول إعادتها إلى بريطانيا من أخذها.

أقرأ أيضا:  مهرجان القاهرة الدولي للمسرح يعود بقوة بعد توقف دام لأكثر من خمس سنوات

وينتهي الأمر بفصل الزوجين عن بعضهما، بإبعاد خاما عن بلاده خمس سنوات، بحجة الخلاف على العرش مع خاله.

وفي ظل هذا الفصل بين الزوجين، تضطر روث إلى أن تعيش دورها مع قبيلة بانغواتو، وتلد طفلة في ظروف صعبة. وينجح خاما في كسب تأييد بعض النواب لقضيته، ثم يتفق مع خاله بعد قدوم شركات من جنوب أفريقيا للتنقيب عن الماس في بلاده، دون أخذ موافقتها، وتسمح المصالحة بينهما بعودته إلى البلاد، وإلغاء أمر إبعاده، وقيادته شعبه عبر انتخابات ديمقراطية إلى الاستقلال، وإعلان نظام جمهوري رئاسي.

أداء تمثيلي
لقد طغى على معالجة اسانتي وهيبرت لهذه القصة، ميل جارف إلى التركيز على الطابع الرومانسي فيها، فضلاً عن إضفاء مسحة مثالية على الشخصيات، فبتنا إزاء شخصيات نمطية، لم تنجح المخرجة في سبر أغوارها، وتقديم نوع من التحليل النفسي لدوافع.

ولم تقدم أسانتي على صعيد جماليات الصورة، أي أداء مبهر أو لافت للانتباه، بل بدت منشغلة بملاحقة أحداث قصتها، مركزة على أداء ممثليها.

بؤس وفقر
مشاهد البؤس والفقر التي حفل بها الفيلم عن شعب بانغواتو في أفريقيا، لا تصلح لأن تكون فضاء لقصة حب رومانسية، كما لا تكفي الرومانسية ذاتها أو إضفاء صبغة مثالية على الشخصيات، لأن تقدم حلاً لمواجهة مثل هذا البؤس الذي يظل مجرد إطار خارجي هنا، فليس بالحب وحده يحيا الإنسان.