تخفيضات سخية في “بلاك فرايداي” وتوقع مبيعات قياسية رغم مؤشرات اقتصادية مقلقة

يُتوقع أن تسجّل المبيعات أرقاماً قياسية في نسخة 2023 من يوم التسوّق الأمريكي الشهير “بلاك فرايداي” الذي بات نموذجاً يقام مثله في دول عدة من العالم، إذ يشهد تخفيضات كبيرة تناسب الزبائن الباحثين عن الشراء بأسعار مغرية، في ظل وضع اقتصادي كليّ مثير للقلق.

وقدّر الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة بأكثر من 182 مليوناً عدد الذي سيُقبلون على الشراء من المتاجر، أو عبر الإنترنت خلال الأسبوع، وإذا صحّت هذه التوقعات، فسيفوق عدد الشارين بنحو 16 مليوناً ذاك الذي سُجّل عام 2022، وسيكون تالياً رقماً قياسياً منذ بدء إعداد هذه الإحصاءات عام 2017.

ويرجّح أن يبادر السواد الأعظم من هؤلاء أي نحو 130 مليوناً، إلى الشراء الجمعة في إطار الـ”بلاك فرايداي” الذي درجت العادة تاريخياً على أن يكون يوم أكبر التنزيلات.

ويُنتظر أن يصل متوسط هذه التخفيضات إلى 35% تبعاً للفئات، أي إلى مستوى أعلى مما كانت عليه عروض 2021 و2022، بحسب شركة “أدوبيه أناليتيكس” التي توقعت حسوماً تصل إلى 30% للإلكترونيات وإلى 22% لأجهزة التلفزيون، وقالت إنه من المفترض أن تتجاوز مبيعات الأجهزة المحمولة مبيعات أجهزة الكمبيوتر المكتبية للمرة الأولى.

ورأت الشركة المتخصصة في متابعة شؤون التجارة الإلكترونية أن المبيعات قد تصل إلى 37,2 مليار دولار خلال “سايبر ويك” (أي بزيادة 5,4%)، من بينها 9,6 مليارات في “بلاك فرايداي” و12 ملياراً في “سايبر مانداي”.

وتبدأ العلامات التجارية عموماً تخفيضاتها مقدّماً، قبل “بلاك فرايداي” ونظيره الإلكتروني، حتى أن بعضها بدأ أبكر من ذلك هذه السنة، أي منذ أكتوبر.

الشراء المبكر

ولاحظ مدير شركة “بروسبر إنسايتس أند أناليتيكس” فيل ريست أن “الشراء المبكر اتجاه بدأ قبل أعوام عدة، وهذه السنة لاقت الصفقات والعروض الترويجية التي بدأت في أكتوبر صدى لدى المستهلكين”.

وبعيداً من الإسراف، يتسوق كثر هذه المرة لشراء هدايا أعياد نهاية السنة، ويعتزمون تقديم الملابس والألعاب والكتب وألعاب الفيديو ومستحضرات التجميل، وفقاً للاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة.

ومن بين السلع الأكثر مبيعاً قطع التركيب “ليغو” وسيارات اللعب “هوت ويلز” والدمى عموماً وأبرزها “باربي” بعد الزخم الذي أحدثه الفيلم عنها صيفاً، ومستلزمات ألعاب الفيديو ومنها نظارات الواقع الافتراضي “ميتا كويست 3″، وأحدث أجهزة “آي فون”، وأجهزة القراءة الإلكترونية، وغيرهم.

رغم المؤشرات الاقتصادية المقلقة.. توقع مبيعات قياسية في تخفيضات "بلاك فرايداي"

ولتوزيع هذه النفقات بشكل أكبر، يستخدم عدد متزايد من الأمريكيين خيار “اشتر الآن، وادفع لاحقاً” الذي يُتوقع أن يدر 17 مليار دولار (أي بزيادة 16,9% على مدار عام واحد) عبر الإنترنت.

ورأى الخبراء أن أصحاب الموازنات المحدودة والمقتدرين على السواء سيكتفون بالسعي إلى اقتناص أفضل الصفقات.

وأوضح مدير شركة “غلوبال داتا” نيل سوندرز أن “الزبائن سيبحثون عن السلع التي يرغبون بها ويحتاجون إليها فعلاً بدلاً من شراء الكثير من الأشياء”، وهو “ما قد لا يصب بالضرورة في مصلحة التجّار”.

واضاف أن “المتاجِر توفّر بحذر تنزيلات تستهدف سلعاً محددة بدلاً من اعتماد العروض الترويجية الشاملة الواسعة”.

ضغوط

وقالت رئيسة سلسلة متاجر “بيست باي” للإلكترونيات كوري باري “نحن نعمل على المدى القصير في ظل ضغوط على المبيعات يشهدها قطاعنا منذ أكثر من فصل”.

وتوقف ارتفاع نسب التضخّم، لكنه لم يصل إلى المستوى الذي يرغب فيه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي أحجم منذ يوليو الماضي عن رفع أسعار الفائدة الرئيسية، بعدما بلغت أعلى مستوياتها في 22 عاما.

أما المدخرات المتراكمة خلال الجائحة فذابت، حتى أنها انخفضت إلى ما دون مستويات ما قبل مرحلة كوفيد-19، ولم تعد خطة الإعفاء من قروض الطلاب قائمة، ووصلت ديون البطاقات الائتمانية إلى أعلى مستوياتها، وكذلك أسعار الفائدة عليها، والتي تقترب من 20%.

أما المؤشرات الإيجابية، فتتمثل في بقاء معدل البطالة مستقراً عند مستويات منخفضة تاريخياً.

ورأى المحلل في “سي إف آر إيه ريسيرتش” زاكاري وارينغ أن “التوظيف شكّل العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي منذ بداية العام”.

وفي هذا السياق، يخطط 61% من المستهلكين لإنفاق المبلغ نفسه الذي أنفقوه العام المنصرم أو أكثر منه خلال موسم الأعياد، أي في نوفمبر وديسمبر، ولكن من خلال البحث عن أفضل التخفيضات وفقاً لاستطلاع “غولدمان ساكس”.