عادت  قوارب الموت إلى الواجهة  للوصول إلى برّ  الأمان لكنها تنتهي بمأساة جديدة، فرغم كل الجهود لمحاربتها والحد منها إلا أن هذه  الظاهرة لا  تزال تؤرق المجتمعات العربيّة والدوليّة أيضا!

آخر المآسي مصرع نحو ستين شخصا  قبالة  اليونان،

ويكاد لا  يمر يوم  إلا ويبتلع  البحر أطفالا ونساء وشبابا  يبحثون عن  ملاذ آمن.

قد يتعرض الأفراد الذين يخوضون رحلة الهجرة غير الشرعيّة للعديد من المخاطر، بما في ذلك الإعتقال والترحيل، والإستغلال والإتجار بالبشر، وشتى أنواع العنف، و التمييز العنصري، والعزلة الإجتماعيّة في البلدان التي يصلون إليها!

برنامج تلي Thérapie  سلّط الضوء على هذه  الظاهرة التي عادت إلى الواجهة من جديد، وَسط دعوات واجراءات عديدة  للحد منها، من خلال خبراء في القانون وصُنّاع محتوى من تونس ومصر،

صانع المحتوى المصري، والمؤثر على مواقع التواصل الإجتماعي كريم السيد،

قام بتغطية وضع المهاجرين في مدينة كاليه في فرنسا، منذ سنة تقريبا،  والتي تضم أخطر معبر حدودي  بين فرنسا وانقلترا، ونقل قصص حقيقيّة عن الطرق المتبعة للعبور، ولماذا يرغب الشباب في الهجرة من فرنسا إلى انقلترا، وفي هذا السياق قال بأن  هذا المكان هو بؤرة غير آمنة للمهاجرين وتحصل فيه كوارث غير شرعيّة وخطرة.

ومن خلال إطلاعه على هذه المعطيات المتعلقة بهذه القضية، قال كريم السيّد بأنه يتواجد في كاليه العديد من الجنسيّات الافريقية العربية، الآسيويّة وليس هناك فئة أو جنسيّة معينة، هناك شباب، فتيات أطفال، كبار في السن.

وقال أيضا بأن وضع الهجرة غير الشرعيّة غير مناسب جدا على أرض الواقع، ولكن هناك أناس مضطرة للقيام بهذه الخطوة، ولا يستطيع أحد أن يلومهم بحسب رأيه، لأن البعض منه لديه حرب ومشاكل في بلده دفعته إلى الهجرة، واذا بقي في بلده سوف يؤثر هذا على حياته، مؤكدا بأن هذه التجربة جدا خطرة …

أمّا في تونس، فلا حديث يعلو في الشوارع التونسيّة ومقاهي البلاد، على موضوع الهجرة أو ما يُطلق عليها هناك “الحرقة”،  فمنهم من هو متلهف للذهاب ومنهم من يتحسّر على عدم قدرته على الحرقة إما بسبب عدم توفر المال أو لأسباب أخرى، لكن لا أحد منهم يحكي عن مخاطر هذه المغامرة التي ذهب ضحيتها مئات من الشباب سوى في تونس أو في دول أخرى!

فهل أصبحت قوارب الموت ملاذا لتحقيق الآمال؟

في السياق نفسه، قال التونسي حازم  القصوري المحامي وخبير الشؤون السياسيّة، بأن الهجرة السريّة أو بما يسمى الحرقة في تونس، هي مسألة قديمة جديدة تطرح اليوم  أكثر من وقت مضى نتيجة البطالة، وهناك تفقير في القارة الافريقيّة، وهنالك نزاعات مسلحة ضربت افريقيا والمنطقة العربيّة، بالتالي نتيجة هذا الوضع العام، ساهم بشكل أو بآخر أن يجعل الناس لهم رغبة حقيقيّة في الإنتقال إلى أي ضفّة، المفيد أن تكون ضفة الأمان، ومن الناحية القانونيّة الصرفة نقول بأن القانون التونسي حاول  إماطة اللثام على هذه الظاهرة، وأوجد في ترسانته القانونية جملة من القوانين للحد من هذا، مثلا جريمة الإبحار خلسة هي جريمة اجتياز حدود هي عدم الإعلام بأجنبي، وهنالك قانون جديد يهم الأفارقة بخصوص تجارة الرقيق الأبيض، أين انخرطت الجريمة المنظمة في هذه التجارة المكسبة، ولهذا كان القانون التونسي سبّاق من هذه الناحية بإيجاد قانون 61 لسنة 2016، حقيقة تونس تقوم بجهد خيالي رغم الظروف الإقتصاديّة التي تمر بها والضغوطات الدوليّة من جانب الإتحاد الأوروبي أو بعض الجهات، لان الهدف الأساسي هو حماية حدودها من تدفق الكميّة الهائلة من المهاجرين في تونس، لا تستطيع عمليا وهي تعاني في الأزمة أن تتعاطى بشكل إيجابي لأن الاخطار الحقيقية تهدد أوروبا أكثر ما تهدد تونس، لأن تونس هي منطقة عبور،

في تلي تيرابي الهجرة غير الشرعية مصدر قلق دولي

وبالتالي كما قال الرئيس التونسي، أنّ مسألة الهجرة لا يمكن معالجتها وطنيّا بل تفترض مؤتمر متوسطي ومؤتمر دولي لإماطة اللثام على ظروف هذه الهجرة، ومعالجتها ليس بالترسانة القانونيّة أو بالقبضة الأمنية، بقدر ما يفترض وجود حلول عملية على هذا الشباب الذي يرغب الإلتحاق باوروبا، خاصة وأن الظروف الحياتية التي تمر بها القارّة  ولا نقول تونس فقط، من بطالة وضعف في التنمية وحروب أهلية، كُل هذا كان وراء رغبة الشباب إلى الهجرة نحو الشمال، وبالتالي اليوم أكثر من وقت مضى مدعوّة الدول والمنظمات والمجتمع المدني للعمل على هذه الظاهرة لرفع الوعي وطنيا واقليميا بخصوص خطورة هذه المغامرات التي يقوم بها هؤلاء الشباب وهم يطرقون أبواب الأمل نحو طريق أوروبي …

في تلي تيرابي الهجرة غير الشرعية مصدر قلق دولي

أما  عن أثر فقدان أشخاص في البحر، وانتشار قصص مخاطر البحر  نتيجة الهجرة غير الشرعيّة، ومدى تأثيره على  الشعب  التونسي بكل فئاته، أوضح الناشط البيئي التونسي عادل العزوني، بأن أغلب الفئات تتأسف لفقدان أشخاص أرواحهم في البحر بحثا عن شيئا ما، ونحن في تونس لا نحاول تفهم الظاهرة لإيجاد حلول، نحن دائما ضد هذا الشيء.

وقال العزوني، اليوم في تونس أصبح  قارب الهجرة غير الشرعيّة يصل إلى السواحل الإيطالية بالفعل ، وأضاف بأنه شاهد  فيديو في مدينة بنرزت في الشمال التونسي،  فيه زغاريد،  وكأن الناس تشجع على الهجرة والذهاب، وفي مدينة جرجيس توجد  مقبرة للأفارقة والغرباء قام بها شخص، لأنه يوجد في السواحل جثث لأناس غرباء، وظاهرة الهجرة هو شيء يومي واعتيادي وأصبح فينا ومنا ويمس كل شخص في عائلتنا أو أقاربنا، وكما ذكرت الهجرة الغير شرعيّة قد مسّت كل الفئات سوى رجال أو نساء، رأينا فتيات في قوارب الهجرة غير النظاميّة، وليس بالضرورة أحيانا بسبب المشاكل المادية، فهناك شخص قد هاجر إلى ايطاليا لعلاج ابنته لأنه لم يستطع علاجها في تونس، والحالات تختلف، ويجب أن نعالج ونتساؤل لماذا يحصل هذا فالناس تهاجر بشكل نظامي وغير نظامي، فكل شخص حلمه أن يغادر البلاد بطريقة أو بأخرى.