أخبار الآن | بيروت – لبنان (خاص)

عندما تدخل إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي في العاصمة اللبنانية بيروت، والتي تقف في الخطوط الأمامية لمواجهة وباء كورونا (كوفيد -19)، تطالعك يافطة عملاقة تعبّر عن حجم ما يبذله الجنود البيض هنا. أبطال فعلاً، طاقم طبي تخلّى طوعياً عن كلّ شي في الخارج، واختار المواجهة مع الفيروس الذي يواصل التفشي.

عيد الفطر هو من المناسبات التي مرّت ثقيلةً على قلوب الممرضين والممرضات هنا في قسم طوارىء كورونا، يعملون بجدّ وتكاد إجراءات الوقاية تبدّل مع معالم وجوههم أحياناً، وسط إثنين، الخوف من احتمال نقل العدوى إلى أحبائهم، والأمل في شفاء المرضى وتوقف انتشار العدوى. عمل صعب في مكانٍ شكّل عامل طرد لكلّ الناس، حتى أنّ الكثير منهم يتجنّب حتّى المرور من أمام مدخل هذا القسم.

عيد الفطر في لبنان .. فرحة مفقودة تحت وطأة كورونا والأزمة الإقتصادية

“كورونا غيّر الكثير من الأمور بالنسبة لي خصوصاً على الصعيد الشخصي”، تقول الممرضة نهاد درّة لـ”أخبار الآن”، وتضيف: “أشياء كثيرة اختلفت في حياتنا. قبل ظهور فيروس كورونا كنّا نعمل في كلّ الظروف، لكن مع هذا الوباء كان الأمر الأسوأ بالنسبة لنا كممرضين وممرضات، فهذا الوباء خطر على كلّ شيء، البلد وصحة الجميع”.

وتتابع نهاد: “حياتي مع أهلي اختلفت كثيراً، وحتّى علاقتي مع ابنتي (3 سنوات) التي تبقى مع عائلتي، تغيّرت، لقد أصبح لديّ خوف أكبر من أن تلتقط هي أو زوجي العدوى منّي… لذلك لم أتمكن من معايدتها كما يجب واكتفيت بمعادتها عبر الهاتف أو خدمة “الفيديو كول”. وكذلك بالنسبة إلى الداي، فهما في سنّ متقدّم ويعانيان من أمراض عدّة، ونقل العدوى إليهم يعني أنّ الخطر أكبر. نعم الأمر اختلف كثيراً، ففي الأيّام العادية كنت أكون دائماً بالقرب منهما، لكنّ هذه الظروف جعلتني أبقى بعيدة عنهما حفاظاً على حياتهم”.

عبد الله حطبي، زميل نهاد درّة في قسم كورونا، وكما يقومان وباقي الفريق الطبي بعمل متكامل في إطار مكافحة الوباء، يتشاركان الوضع الصعب كذلك، فيتحدّث عبد الله لـ”أخبار الآن” عن حرقة وغصّة في القلب، لاعتباره أنّ الوباء فرض قوانينه على الجميع من دون نقاش، لكنّه يؤكّد في المقابل أنّ التمريض بالدرجة الأولى رسالة واجب أخلاقي وإنساني. يقول: “هناك حرقة في القلب خلال هذا العيد وغيره من المناسبات، خصوصاً لناحية عدم التمكّن من زيارة الأهل.. كنّا تمنّى أن تكون الظروف عادية وطبيعية، لكنّنا مجبورون على أنّ نكون هنا في مواجهة هذا الوباء إنطلاقاً من رسالتنا”.

يتابع عبد الله: “هناك خوغ من قبل الأم والأب والعائلة بشكل عام، لكن دائماً ما نتوكل على الله، وخوف العائلة والأم هو عبارة عن توصيات بضرورة الإنتباه لناحية الوقاية الشخصية كوننا على تماس مباشر مع المرضى، لكنّهم فخورون بنا لأنّنا نقوم بعمل مقدّر من قبل كلّ شرائح المجتمع”.

ويوضح عبد الله أنّه عايد والدته في هذا العيد عبر الهاتف أيضاً، “وكذلك وسائل التواصل الإجتماعي تساعدنا قليلاً في هذه الظروف، لكن بالطبع لا تغنيك عن زيارتهم بشكل مباشر لتجلس وتتبادل الحديث مع العائلة.. ثمّة حرقة، لكن نتمنّى أن نجتمع في العيد المقبل سوياً من دون حواجز”.

يستطرد عبد الله قائلاً: “بغض النظر عن هذا الوضع الإستثنائي الذي نمرّ به حالياً، ففي الأعياد السابقة والأيام العادية في السنوات الماضية، كنّا نأتي إلى العمل لأنه يتوجب علينا أن نكون على جهوزية تامة، أو في حالة استنفار، ففي أي لحظة يمكن أن يحصل حدث شبيه بموضوع كورونا أو حدث أمني أو حريق… كل ذلك يستدعي أن يكون هناك كادر طبي وتمريضي حاضر وجاهز دائماً. عزاؤنا في هذا العيد أنّ الناس العاديين هم في حالة حجر، وهناك اختصار في الكثير من المناسبات الإجتماعية.. لكن أيضاً في ظل فيروس كورونا، بالنسبة لنا هناك وضع خاص لأنّه قد نستقبل عدداً كبيراً لمرضى أو مشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا.. في الإجمال نمضي العيد هنا، في المستشفى”..

للمزيد:

الكويت.. 685 حالة شفاء جديدة من كورونا مقابل 608 إصابات إضافية