كيف يبدو التواجد الإيراني والروسي في سوريا اليوم؟
عام 2018، قُتل المئات من مرتزقة فاغنر الروسية إثر هجوم فاشل شنته مع حلفاء سوريين ضد القوات الأمريكية في شرق سوريا.
وخلال أربع ساعات من القتال المكثف فيما عرف بمعركة خشام تكبّدت المرتزقة خسائر بشرية ومادية هائلة، بعد أن استدعى الجنود الأمريكيون – الذين لم تقع إصابات بينهم – المدفعية والدعم الجوي.
ورغم الخسائر استمرت فاغنر في توسّعها في سوريا، وكذلك في دول أفريقية عدة أيضاً.
كل ذلك، يحصل بالتوازي مع استمرار التواجد الإيراني عبر الميليشيات المدعومة إيرانياً في الداخل السوري. فكيف هو الوضع حالياً على الأرض في سوريا التي مزّقتها الحرب؟ وما الخطط التي يتم إعدادها لمرتزقة فاغنر أكان في القارة الأفريقية أو في أوكرانية أو ربما مناطق مستحدثة؟
هذه الملفات فصّلتها حلقة جديدة من “ستديو أخبار الآن”، حيث رأى الخبير السوري ومدير شبكة ديرالزور24 عمر أبو ليلى في معرض حديثه لـ”ستديو أخبار الآن” أنه حين قرر التحالف الدولي استئصال داعش من سوريا، كان هناك خطأ سياسي يتعلق باشراك الجانب الروسي والسماح للميليشيات الإيرانية بالقدوم إلى شرق سوريا تحديدًا إلى محافظة دير الزور، وهي مناطق تسيطر عليها روسيا والميليشيات الايرانية اليوم.
وأوضح أن الميليشيات التي قدمت مع روسيا حاولت ابتزاز القوات الأمريكية على الرغم من التفاهمات الدولية بين روسيا والولايات المتحدة ضمن ما كان يعرف بغرفة عمليات واحدة تتعلق بهزيمة داعش، وقد حاولت فاغنر أن تخطو باتجاه مناطق هي بالإساس ضمن التفاهمات المذكورة وتقع تحت سيطرة التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية، الحليف العسكري الرئيسي للتحالف الدولي في شمال شرق سوريا، لكنها منيت بالخسارة.
وقال أبو ليلى: كان الرد قاسياً وموجعاً بعد مقتل أكثر من مئتي مقاتل من فاغنر، وكان درس للروس أيضاً بعدم التجرؤ وإفساح المجال أمام هذه الميليشيات.
ولفت إلى أنه الميليشيات الإيرانية التي سُمح لها بالقدوم إلى شمال شرق سوريا تعيث بالأرض فساداً في العراق وفي دول أخرى وتهدد الدول الإقليمية.
واعتبر أن الهم الأكبر بالنسبة للروس حالياً هو ألا يتطور الوضع في ما يتعلق بوجود بشار الاسد ضمن السلطة. وقال: التطور ما بين الميليشيات الإيرانية والقوات الأمريكية يهدد نفوذ بشار االسد وهذا ما تخشاه روسيا.
من جهته، رأى الأكاديمي والمحلل السياسي والاستراتيجي العميد أحمد رحال أن كل الدول التي تخشى على سمعة جيشها، تكون لديها شركات المرتزقة لتنفيذ المهام القذرة، موضحاً أن فاغنر في سوريا أو في أفريقيا كانت تعمل بأمرة المخابرات الروسية وتخضع لقرار سياسي روسي لكنها لا تتبع للجيش الروسي.
وذكّر بأن الوجود الروسي في سوريا يعود إلى العام 2015 عندما عجرت إيران وميليشيات حزب الله وكل المرتزقات التي استقدمها الأسد في انقاذه.
وقال: الإيرانيون عملوا في تلك الفترة تحت راية القوات الروسية بحيث تكون السماء بتغطية روسية وتدعم كل العمليات، وعلى الأرض يكون العمل لميليشيات إيران وحزب الله وغيرها.
وأكّد أنه مع دخول الحرب الأوكرانية، بدأت روسيا بسحب قواتها من سوريا لصالح ايران، و”اليوم نستطيع أن نقول أن الوجود الروسي في سوريا هو وجود إعلامي، فهناك حوالي 8 الى 12 طائرة روسية فقط”.
وفي الشق المتعلق بالميليشيات الإيرانية، قال أحمد أمير الباحث في الشأن الإيراني لـ”ستديو أخبار الآن” إنه “لا يخفى على أحد أن تواجد الميليشيات الإيرانية في سوريا أو العراق أو أي منطقة شرق اوسطية يهدف لبسط نفوذها وتعزيزه من أجل توازن دور إيران أمام الضغط الأوروبي الأمريكي.
وأضاف: لا يمكن استبعاد الدافع الاقتصادي لهذا الأمر بالنسبة لإيران، وهذا ما لم يخفه المسؤولون الإيرانيون، فقد صرح أحد القادة بأن طهران أنفقت الكثير على الحرب في سوريا ويجب أن تستعيد جزءاً مما أنفقته.
وتابع: التوجه الآخر لدى الإيرانيين هو بضرورة تصدير الخدمات الهندسية والفنية من إيران لإعادة إعمار سوريا.
وشدد على أن التواجد الإيراني في أي منطقة في سوريا هو لأهداف تكتيكية معتبراً أن الهدف الأسمى من هذه العمليات هو الحفاظ على نفوذ إيران لتوازن القوى في عملية الضغط الزائد من الولايات المتحدة على ايران، وتعزيز موقفها ومحاولة صد هذا الضغط.