حجب تلغرام في العراق.. خطر يهدد بيانات العراقيين أم مصادرة للحريات؟

حجبت الحكومة العراقية تطبيق المراسلات الفورية “تلغرام” لأسباب تتعلق بـ “الأمن القومي والسلم المجتمعي” كما أُعلن.

وجاء الإعلان في بيان نشرته وزارة الاتصالات العراقية، إذ أوضحت أن القرار جاء بناءً على توجيهات “جهات عليا ترتبط بالأمن الوطني وللحفاظ على بيانات المواطنين”.

وأضاف بيان الوزارة الذي نشر على الموقع الرسمي لها، “أن مؤسسات الدولة، ذات العلاقة، قد طلبت مرارًا، من الشركة المعنية بإدارة التطبيق المذكور، التعاون في غلق المنصات التي تتسبب في تسريب بيانات مؤسسات الدولة الرسمية والبيانات الشخصية للمواطنين، ممّا يشكل خطرًا على الأمن القومي العراقي والسلم المجتمعي”.

وتشن بعض الأحزاب السياسية العراقية التي تمتلك منصات على تلغرام، هجومًا على رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني متهمة أياه باستخدام الأمر سياسيًا.

وبينما يرى البعض أن القرار يأتي لمصلحة حفظ الأمن يرى أخرون أنه تقييداً للحريات، ويرون أن المنصات الاخرى هي أيضا تستخدم لنشر التسريبات وبث الشائعات وغيرها.

حلقة اليوم من برنامج ستديو أخبار الآن ناقشت هذه الأزمة لمعرفة هل سيهدد قرار الحجب على وحدة الإطار التنسيقي واستقرار الحكومة العراقية، وهل سيتراجع السوداني عن هذا القرار لاحتواء الفصائل؟

أزمة حجب تلغرام في العراق.. فنية أم أمنية وكيف يمكن التعامل معها؟

قال الدكتور عمار العيثاوي أستاذ هندسة الاتصالات بجامعة النهرين، والمختص بالأمن السيبراني، إن قرار حجب تطبيق تلغرام فني بنسبة 100% لكن بيان الحكومة يغطي على المشكلة الحقيقية وهي اخفاق الوزراء والدوائر الحكومة في حفظ قواعد البيانات، وذلك بعدم توفير الحماية اللازمة لقواعد البيانات، والمشكلة قديمة، وصار لها عدة أشهر.

وأضاف العيثاوي تم اختراق عدة بيانات بالوزارات العراقية مثل وزارة التجارة، وفي الملفات المتعلقة بالانتخابات من قبل هاكر روسي، اخترق قواعد البيانات، ووضعها على موقع للمخترقين”. وهناك بعض الاشخاص وضعوا هذه البيانات على تلغرام عن طريق تصميم “بوت”، ليستطيع أي مواطن تفعيله وادخال الاسم ثلاثي لاعطاء معلومات كاملة عنه”.

وعن قرار الحجب قال العيثاوي إن الحكومة العراقية رأت أن أفضل وسيلة للتعامل مع الأزمة هي محاولة حجب تطبيق تلغرام، ويجب على الحكومة معرفة سبب الاختراق.

وأضاف أن الأمن السبراني في العراق غير مؤمن بصورة كاملة، ويجب على الحكومة أن تقوم بدور في توفير بنية تحتية أمنية، والحكومات السابقة لم توفر هذه البنية، ومع التحول الإلكتروني، نحن في تهديد حقيقي.

وعن وضع باقي تطبيقات التواصل الاجتماعي في العراق، بعد تقييد الوصول إلى تلغرام، قال العثاوي، إن هذا اجراء احترازي من الحكومة وأرى أنه متعجل جداً، وتم توظيفة بطريقة عكسية، واتوقع أن ترفع الحكومة الحجب، لأن الحجب يؤدي إلى استخدام برامج مثل الـVPN، وهو ما يؤثر على كفاءة الإنترنت في العراق”.

أزمة حجب تلغرام في العراق.. فنية أم أمنية وكيف يمكن التعامل معها؟

وعن تأثير القرار على حكومة الإطار التنسيقي قال الدكتور مهند الجنابي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جيهان إنه يعتقد أن ما حدث يعكس حقيقة العلاقة بين أطراف قوى الإطار من جهة، وواجهات الجماعات المسلحة على تلغرام من جهة أخرى، وهي ليست علاقة متماسكة، وقائمة على النفعية، والانتهازية، ومحاولة كل طرف الحصول على أكبر عدد من المناصب ومن النفوذ السياسي الذي يمكنه من نهب مقدرات الدولة”.

وأضاف: “ما كان يجمع هذه الجماعات هي رسالة خامنئي وتدخلات إيران بشكل مباشر في سياق عملهم، والأسابيع المقبلة ستشهد مزيداً من التصدعات على مستوى العلاقة بين الجماعات السياسية والجماعات المسلحة، والأطراف السياسية حالياً لا تقبل من يعمل بلغة السلاح”.

وعن الإجراءات المتوقعة لتقييد الفصائل العسكرية، قال الجنابي يجب الامتثال لسياسات القانون العراقي.

وفي الإجابة عن سؤال هل ضحى الإطار التنسيقي بالفصائل لإرضاء المجتمع الدولي، وبقاءه في الحكم عن طريق السوداني، قال الجنابي: “ما حدث كان ضريبة الأزمة السياسية والتماهي الدولي مع الأزمة، وهناك سلسلة من التنازلات والتخلي عن المواقف والسياسيات، وقوى الإطار كان لها مواقف قبل الانتخابات، وتخلت عنها بعد تشكيل الحكومة لإرضاء المجتمع الدولي”.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة جيهان إن الحجب أظهر مزيداً من التفكك والتناقض من طرف سياسي، على طرف مسلح

واستكمل: “الإجراءات فنية، والأزمة أمنية واستخبارية والحكومة هي المسؤولة بمتابعة الجماعات والمنصات، ومحاسبة المسؤولين عنها”.

وتطبيق تلغرام واسع الانتشار في العراق، حيث تستخدمه خصوصاً منصات إعلامية مقربة من أحزاب موالية لإيران، لنشر الأخبار. وأثار توقّف التطبيق عن العمل غضباً في أوساط تلك المنصات على التطبيق، حيث اعتبرت إحدى تلك القنوات والتي تضمّ أكثر من 330 ألف مشترك، في تعليق التطبيق “تكميماً للأفواه ومصادرة للحريات”.