ماذا ينتظر العراق بعد نهاية عصر الوقود الأحفوري؟

العراق هو خامس البلدان الأكثر عرضة للتدهور المناخيّ في العالم، بالنظر إلى الظواهر المناخيّة العنيفة مثل درجات الحرارة العالية، وعدم كفاية الأمطار ونقص هطولها، والجفاف وندرة المياه، وتكرار العواصف الرملية والترابية والفيضانات.

بحلول عام 2001 اختفى 90% من الأهوار، حيث فقد العراق التنوع البيولوجي، وكان ذلك سببًا للنزوح واسع النطاق، ليبرز مؤخراً ملف الحاجة إلى تحول البلاد نحو الطاقة النظيفة والاهتمام بالمشاريع البيئية، خصوصاً بعد الاتفاق التاريخي الذي توصل إليه العالم في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ كوب 28 الذي عقد في دبي بالإمارات العربية المتحدة.

وحول هذا الموضوع استضافت سجد الجبوري في برنامج “بالعراقي” الخبير الاقتصادي الدكتور همام الشماع وفيما يلي أبرز النقاط التي تم النقاش حولها:

هل يستطيع العراق تحقيق التحول إلى الطاقة النظيفة بحلول عام 2050؟

يقول الشماع: ” العراق مضطر إلى السير وفق هذه الخطة والمنهج لأنه جزء من عالم متحول إلى الدمار الشامل إذا لم يتم تنفيذ خطة لإنقاذ البيئة من التلوث الذي يؤدي إلى تراجع مؤشرات المناخ في العالم وازدياد الجفاف والفيضانات وغيرها من الكوارث

ويكمل: “هذا التحول لا بد أن يتم بعدالة كما تم الاتفاق عليه في مؤتمر كوب 28 في الإمارات، والعدالة هنا تندرج تحت إطار مدى اعتماد كل بلد على موارد النفط، ومدى الضرر المسيطر، حيث أن هناك نوعان من الضرر يصيبان العراق، الاول نتيجة التدهور البيئي والمناخي، وضرر متعلق بشمول العراق في برنامج ربما يكون قاسياً عليه وهو التخلي عن النفط الذي يشكل عصب الحياة في الاقتصاد العراقي”.

وأضاف “وهنا لا بد من القول أن هذه الحالة ليست ذنب الشعب العراقي، حيث أنها تعود لأسباب كثيرة منها الغزو الأمريكي والحكومات المتعاقبة والاضطرابات التي حصلت في العراق فيما سبق”.

هل يستطيع العراق تحقيق التحول إلى الطاقة النظيفة بحلول عام 2050؟

وشدد الدكتور الشماع على أن النفط يشكل أكثر من 80% من الناتج المحلي العراقي بشكل مباشر او غير مباشر، حيث أن النفط بشكل مباشر يشكل 61% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما هناك 20% تعتمد على إيرادات النفط، حيث انه من دون هذه الإيرادات لايوجد قطاع تجاري او بناء وتشييد أو كهرباء.

وتابع: “العراق لايستطيع التخلي كلياً عن إيرادات النفط إلا من خلال مساعدات وعون دولي من أجل التنمية الاقتصادية”.

هل من خطط في العراق لهذا التحول؟

يقول الدكتور الشماع أن الفكرة طرحت من قبل الباحثين والخبراء في البلاد منذ زمن ويستطرد: ” انا شخصياً تحدثت مع الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر، وسألته ماذا سنفعل بعد عصر النفط؟ حيث كان مندهشاً جداً من سؤالي؟.

وتابع: ” الكل يدرك أن العراق يعيش على حافة هاوية النفط، لكن لا أحد يفعل شيئاً من أجل ذلك، بل على العكس الحكومات ما بعد 2003 عمقت الأزمة”.

وأكمل: “الحكومات المتعاقبة عملت على تعميق الأزمة ولنأخذ مثال حكومة السوداني الحالية التي أقرت موازنة 200 ترليون دينار وهو مبلغ ضخم جداً معظمه يعتمد على إيرادات النفط، حيث لم يعد القطاعان الصناعي والزراعي يساهمان في الناتج المحلي كما كان الامر قبل عام 2003”.

هل وعود الحكومة العراقية الأخيرة بالتحول نحو الطاقة النظيفة واقعية؟

يقول الشماع: ” أنا شخصياً لم ألمس الكلام، ولكن هنالك بارقة أمل من خلال استقطاب الاستثمار الأجنبي، وتحديداً الصناعة البتروكيماوية التي ستحل محل النفط الخام، وهذا الاستثمار لديه معوقات إذا استطاع السوداني حلها يكون قد حقق شيئاً مهماً، ولتدفق الاستثمار الأجنبي على البلاد هناك شروط أمنية وسياسية لابد من ان تتحقق  بالدرجة الأولى، وهذه الشروط ليست متوفرة في العراق حالياً”.

ويؤكد “أنا مع فكرة أن العراق بإمكانه أن ينتقل بسرعة إلى الاقتصاد الاخضر إذا ما تم القضاء تماماً على الفوضى السياسية في البلاد”.

هل يستطيع العراق تحقيق التحول إلى الطاقة النظيفة بحلول عام 2050؟

هل لدى العراق خيار آخر في حال فشل في التحول نحو عصر ما بعد النفط؟

قال الشماع: “إطلاقاً ليس لديه أي خيارات، والخيار الإجباري الوحيد هو الانكفاء والتراجع والتدهور الاقتصادي والمجاعة التي ستضرب العراق، ونذكر عندما انخفضت أسعار النفط عام 2014 عجزت الحكومة عن الوفاء بالكثير من الالتزامات”

وشدد الشماع على أنه “لا يوجد خيار إلا أن ينهض باقتصاده ويتحول نحو الطاقة الخضراء وأن يجعل من القطاعات الاقتصادية قطاعات منتجة”.

وأكمل: “برأيي هناك بنية تحتية للقطاع النفطي يمكن تحويلها لصناعة البتروكيماويات التي تعتبر منتجات مرغوبة عالمياً، والقطاع الثاني هو التعدين، حيث لدينا كميات هائلة من الفوسفات والمعادن، والقطاع الثالث هو السياحة الدينية، والقطاع الآخر هو الزراعة حيث يجب النهوض به وهناك عروض من السعودية للاستثمار في هذا القطاع”.