درجة الامتحان مسؤولة عن تحديد مهن الطلاب ووظائفهم وفرص الزواج وغيرها من الأهداف المستقبلية

من بين ملايين الصينيين الذين يتقدمون الأربعاء إلى امتحانات “غاوكاو” المُساوية للثانوية العامة، مليونير في السادسة والخمسين يُدعى ليانغ شي، يجرّب حظه للمرة السابعة والعشرين.

يستطيع ليانغ شي أن يفخر بما حققه من نجاح، إذ بدأ حياته المهنية بوظيفة متواضعة في مصنع، ثم أسس شركته خاصة لمواد البناء تشهد ازدهاراً في حجم أعمالها.

ولكن في قلبه غصّة لم يمحها الزمن تتمثل في إخفاقه في نيل علامة كافية في امتحان القبول في مؤسسات التعليم العالي المعروف بـ”غاوكاو” ليتمكن من الالتحاق بالجامعة المرموقة لمقاطعة سيشوان في جنوب غرب الصين، حيث يعيش.

"غاوكاو" الامتحان الأصعب في العالم.. كيف يؤثر على الطلاب في الصين؟

ليانغ شي يدرس لامتحان غاوكاو- أ ف ب

يعد “غاوكاو” واحد من أصعب الامتحانات في العالم بدأ في الصين وفقًا لتقرير “غلوبال تايمز” Global Times، قام ما يقرب من 11.93 مليون شخص بالتوجه إلى قاعات الامتحان في جميع أنحاء البلاد حيث بدأت رسميًا امتحانات القبول الجامعي الوطني السنوية.

درجة الامتحان المكونة من ثلاثة أرقام مسؤولة ليس فقط عن تحديد مهن الطلاب ومجال وظائفهم ولكن أيضًا فيما يتعلق بفرص الزواج وغيرها من الأهداف المستقبلية. ولكن بالنسبة للطلاب الأقل نجاحًا، يمكن أن يكون النظام قاسيًا عليهم.

"غاوكاو" الامتحان الأصعب في العالم.. كيف يؤثر على الطلاب في الصين؟

يستمر هذا الامتحان للقبول الجامعي لمدة يومين في بداية شهر يونيو من كل عام، ويبدو أن الصين بأكملها تتوقف في هذا الوقت إذ يعتبر امتحان “الغاوكاو” حدث وطني يوازي العطلة العامة، إلا أنه أقل متعة للطلاب.

ووفقًا لتقارير الإعلام، تتوقف الحركة في الصين تماما ويتم إيقاف أعمال البناء بالقرب من قاعات الامتحان وتحويل حركة المرور لعدم إزعاج الطلاب الذين يؤدون الامتحان.

يقوم رجال الشرطة بدوريات لضمان بقاء الشوارع هادئة خلال وقت الامتحان ويتم الاحتفاظ بسيارات الإسعاف جاهزة في حالة حدوث انهيارات عصبية، ويناقش مقدمو البرامج الحوارية الإذاعية التنسيق والأسئلة المتعلقة بالامتحان بالتفصيل.

وعند الإعلان عن النتائج يتم فقط الإعلان عن أعلى الدرجات والاحتفال بها على المستوى الوطني.

ضغط هائل على الطلاب

بالنسبة للكثير من الطلاب، يتم تعريفهم على مصطلح “غاوكاو” منذ دخولهم المدرسة الابتدائية، ويعد الامتحان مرهقا وهو نتيجة لسنوات من التعليم والحفظ والضغط المستمرـ

في الوقت الذي تعد امتحانات الالتحاق بالجامعات تنافسية وصعبة في أي بلد، في الصين يمكن للجامعات الكبرى اختيار  بعض الطلاب أو طالب واحد من بين كل 50000 طالب.

"غاوكاو" الامتحان الأصعب في العالم.. كيف يؤثر على الطلاب في الصين؟

نظرًا للرهانات العالية، يلجأ العديد من الطلاب إلى الغش إذ تم العثور على كاميرات التجسس وأجهزة الراديو وسماعات الأذن التي تنقل الأسئلة وتستقبل الإجابات مخبأة في المجوهرات والمحافظ والأقلام وحتى الملابس الداخلية، وبسبب ذلك، تقوم العديد من قاعات الامتحان بتركيب كاميرات مراقبة واستخدام أجهزة كشف المعادن وهناك من يحتال للدخول الى الامتحانات عوض الكلاب ويؤدون الامتحان مقابل مبالغ كبيرة من أولياء الأمور ولمنع أي من أنواع الغش، تم وضع تعليمات تمكن من محاسبة أي شخص يغش لمدة تصل إلى سبع سنوات في السجن.

تعرض امتحان “غاوكاو” لانتقادات من الغرب في العديد من المناسبات حيث ينظرون إلى الاختبار على أنه مثال للتعلم الميكانيكي الروتيني الذي لا يسمح للطلاب باستكشاف جانبهم الإبداعي والتفكير النقدي.

يمكن مقارنة غاوكاو بامتحان الـ SAT الأمريكي، باستثناء أنه أطول بمرتين، إذ يستمر لمدة تسع ساعات.

الضغط على الآباء والمعلمين والطلاب يكون شديدا على الرغم من أنه من الممكن أن يعاد الامتحان مرات عدة، لكن الفشل المتكرر خطرًا حيث لا يوجد طريق بديل نحو الجامعة.

ونتيجة لذلك، يقوم العديد من الطلاب بالانتحار بسبب الضغط الشديد وتوصلت دراسة في عام 2014 إلى أن الضغط النفسي كان عاملا مساهمًا في 93 في المائة من الحالات التي انتحر فيها طلاب المدارس.

كوفيد-19

غاوكاو مجهد بالفعل، وعند إضافة كوفيد-19 إلى ذلك، يبدو الوصول إلى الجامعة أكثر صعوبة وأبعد المدى ويُطلق على خريجي المدارس الثانوية لعام 2023 لقب “جيل كوفيد-19″، حيث تأثروا بشكل كبير بإجراءات الإغلاق والتعليم عن بعد وتأخير الامتحانات.

بشكل عام، يعد غاوكاو تحديًا كبيرًا ومصيريًا للطلاب في الصين إّ يبرز الضغوط الهائلة التي يواجهها الطلاب وأسرهم، ويؤثر على مستقبلهم وفرصهم.