بين “الاغتصاب” و”التعري القسري”.. “سلاح الجرائم الجنسية” في الحرب على أوكرانيا

  • محققون أوكرانيون يكشفون أدلة واسعة تتزايد تظهر انتهاكات ترتكبها القوات الروسية في أوكرانيا
  • العنف الجنسي أصبح ضمن ترسانة القوات الروسية في أوكرانيا
  • يسارع المسؤولون الأوكرانيون لتوثيق الجرائم الجنسية

كشف محققون أوكرانيون أدلة واسعة تتزايد تظهر انتهاكات ترتكبها القوات الروسية في أوكرانيا، والتي تشمل “الاغتصاب والتعري القسري”، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

وتروي الصحيفة قصة شابة أوكرانية (26 عاما)، اعتقلتها القوات الروسية وخلال التحقيقات معها، تم تقييدها بطاولة وهي عارية من فوق خصرها، ليوجه المحقق لها الشتائم، وسمح لسبعة رجال آخرين بالدخول للغرفة.

وتقول الشابة: “كان الأمر مخيفا.. لم أعرف ما كان يمكن أن يحصل بعد ذلك”.

آنا سوسونسكا، محققة أوكرانية في مكتب المدعي العام، استمعت للشابة وهي تروي محنتها، فيما تتراكم الأدلة التي تثبت استخدام القوات الروسية للجرائم الجنسية كسلاح في الحرب في المدن التي سيطروا عليها لفترة من الوقت.

وقالت سوسونسكا (33 عاما) لنيويورك تايمز: “إننا نجد مشكلة العنف الجنسي في كل مكان احتلته روسيا.. في أطراف كييف وتشيرنيهيف وخاركيف ودونيتسك وخيرسون”.

وأضافت “وجدنا جميع أنواع حالات جرائم الحرب: الاغتصاب، التعري القسري، التعذيب الجنسي”، والتي تعرض لها رجال ونساء وأطفال، مشيرة إلى أن الجرائم يرتكبها أفراد في الجيش الروسي وقادة أيضا.

ويسارع المسؤولون الأوكرانيون لتوثيق الجرائم الجنسية، والتي يبقيها البعض مخفيا بسبب الخوف من وصمة العار.

وينفي مسؤولون روس مرارا الاتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، ورفضت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، مؤخرا تقريرا صادرا عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وقالت إن “الشهادات التي يتضمنها لا أساس لها”.

الاغتصاب سلاح حرب روسي في الحرب الأوكرانية

تحقيق أممي بجرئم روسيا في أوكرانيا

وكشف تحقيق أجرته لجنة دولية مستقلة تابعة للأمم المتحدة، في أكتوبر، أن روسيا ارتكبت جرائم حرب في أوكرانيا تضمنت حالات عنف جنسي ضد النساء والفتيات.

وبلغت أعمار الضحايا من طفلة تبلغ أربع سنوات إلى سيدة يبلغ عمرها 80 عاما، فيما أجبر أفراد الأسرة على مشاهدة بعض أقاربهم يتعرضون للاعتداء والعنف الجنسي.

وفي أكتوبر الماضي، دانت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة، براميلا باتن، جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية التي تتهم القوات الروسية بارتكابها في أوكرانيا.

واعتبرت باتن أن هذه الجرائم تمثل بشكل واضح “استراتيجية عسكرية” و”تكتيكا متعمدا لتجريد الضحايا من إنسانيتهم”، بحسب ما قالت لوكالة فرانس برس.

وأضافت “عندما يتم احتجاز خطف نساء وفتيات لأيام واغتصابهن، وعندما يبدأ اغتصاب فتية صغار ورجال، وعندما نرى سلسلة من حالات تشويه الأعضاء التناسلية ونسمع شهادات نساء يتحدثن عن جنود روس مزودين بعقار فياغرا، فهذا يشكل بوضوح استراتيجية عسكرية”.

وتابعت “عندما يتحدث الضحايا عما قيل خلال عمليات الاغتصاب، يصبح من الواضح أن هذا تكتيك متعمد لتجريد الضحايا من إنسانيتهم”، موضحة أن الحالات الأولى لعنف جنسي ظهرت “بعد ثلاثة أيام من بدء غزو أوكرانيا” في 24 فبراير.

وقالت باتن إن الأمم المتحدة تحققت من “أكثر من مئة حالة” اغتصاب واعتداء جنسي في أوكرانيا منذ بداية الحرب، لكن “الأمر ليس مسألة أرقام”، مضيفة أن “الحصول على إحصائيات موثوقة أثناء نزاع جار أمر معقد جدا”، معتبرة أن “الأرقام لن تعكس الواقع أبدا لأن العنف الجنسي هو جريمة صامتة ويتم الإبلاغ عن أقل عدد من هذه الجرائم ويدان أقلها” بسبب الخوف من الانتقام والوصم.

الاغتصاب سلاح حرب روسي في الحرب الأوكرانية

وتابعت أن “الحالات التي يبلغ عنها لا تمثل سوى رأس جبل الجليد”، والضحايا هم من النساء والفتيات أولا ولكن هناك أيضا فتيان ورجال.

قالت باتن إن “معركتي ضد العنف الجنسي هي فعلا حرب ضد الإفلات من العقاب”، مؤكدة أن “سبب ذهابها إلى أوكرانيا في مايو الماضي كان لتوجيه إشارة قوية إلى الضحايا والقول لهم إننا معهم ونطلب منهم كسر حاجز الصمت”.

وأضافت أن الهدف أيضا هو “إرسال إشارة قوية إلى المغتصبين بأن العالم يراقبهم ولن يمر من دون عواقب اغتصاب امرأة أو فتاة، رجل أو صبي”.

الاغتصاب سلاح حرب روسي في الحرب الأوكرانية

العنف الجنسي أصبح ضمن ترسانة القوات الروسية في أوكرانيا

والاغتصاب كسلاح حرب سجل في جميع النزاعات من البوسنة إلى غينيا أو جمهورية الكونغو الديمقراطية. لكن باتن ترى أن الحرب في أوكرانيا شهدت “وعيا” دوليا.

وفي نوفمبر الماضي، طالبت السيدة الأوكرانية الأولى، أولينا زيلينسكا، بـ”رد عالمي” على استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب، قائلة إن مدعين في كييف يحققون بأكثر من 100 جريمة محتملة قد يكون ارتكبها جنود روس.

وقالت زيلينسكا أمام مؤتمر “مبادرة منع العنف الجنسي في النزاع” الذي انعقد في لندن، إن التحقيقات هي مجرد “جزء صغير” من العدد الحقيقي لمثل هذه الجرائم التي ترتكب في الحرب الأوكرانية.

وأضافت “الفرص المتاحة للغزاة اتسعت لإهانة الأوكرانيين وللأسف فإن العنف الجنسي والجرائم الجنسية هي ضمن ترسانتهم”.

وفي يونيو الماضي، دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى وقف أعمال العنف الجنسي المنسوبة لجيشها والقوات الداعمة له في أوكرانيا.

وقالت السفيرة الأمريكية، ليندا توماس غرينفيلد، حينها: “على روسيا أن توقف الاغتصاب والعنف والفظائع التي يرتكبها جنودها. وعلى روسيا إنهاء هذه الحرب الخرقاء وغير المبررة على شعب أوكرانيا، نحض روسيا الاتحادية على ذلك”.

وأضافت المسؤولة الأميركية “على روسيا أن تتخذ إجراءات داخل جيشها ووكلائها لكي يحترموا” قرار الأمم المتحدة رقم 1820 بشأن العنف الجنسي الصادر العام 2008، والذي يحظر استعماله سلاحا في الحرب.