كيف يتحول الاقتصاد العالمي اقتصاداً أخضر؟

  • يتحول الاقتصاد العالمي، بكافة مجالاته تقريباً، ببطء شديد جداً اقتصادا أخضر
  • من المتوقع أن يتسارع التقدم في 40 مؤشراً رئيسياً
  • الاحترار وحده يكفي للتسبب بفيض من العواصف والفيضانات والجفاف وموجات الحر

يتحول الاقتصاد العالمي، بكافة مجالاته تقريباً، ببطء شديد جداً اقتصاداً أخضر يساهم في درء كارثة التغير المناخي، بحسب تقرير صدر الأربعاء عن مجموعة من المؤسسات البحثية.

من المتوقع أن يتسارع التقدم في 40 مؤشراً رئيسياً التفت اليها فريق إعداد التقرير، من الطاقة والصناعة والنقل وإنتاج الغذاء وإزالة الغابات والمالية، بعشرة أضعاف أو أكثر في بعض الحالات، تماشياً مع هدف اتفاق باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل 1,5 درجة مئوية.

وأظهر أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن الكوكب شهد احتراراً بحوالى 1,2 درجة مئوية مقارنة مع معدل ما قبل الثورة الصناعية، بسبب انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة من هذه الأنشطة البشرية.

وهذا الاحترار وحده يكفي للتسبب بفيض من العواصف والفيضانات والجفاف وموجات الحر.

ولفت التقرير الذي صدر الأربعاء، قبل 12 يوماً من انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ “كوب27” في شرم الشيخ، إلى أن التقدم في خمسة مجالات على الأقل يتحرك بالاتجاه الخاطئ تماماً.

وتشمل هذه المجالات استخدام الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء والمسافات التي تقطعها السيارات والتلوث الكربوني الناجم عن الزراعة.

وقال مدير معهد موارد العالم World Resources Institute الذي ساهم في إعداد التقرير آني داسغوبتا “لسنا نحقق أي نجاح في أي قطاع”.

ولفت إلى أن خلاصات التقرير “تدق ناقوس الخطر لصناع القرا من أجل الالتزام بإحراز تحولات حقيقية عبر كل جانب من جوانب اقتصادنا”.

تحول الاقتصاد العالمي اقتصاداً أخضر لا يزال بعيد المنال

الاقتصاد العالمي.. طاقة نظيفة

قام الباحثون بتحديد الفجوة العالمية في العمل المناخي، عبر مقارنة الجهود الحالية بالجهود المطلوب إحرازها بحلول العام 2030 وبحلول منتصف القرن في سبيل الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل 1,5 درجة مئوية.

وقالت رئيسة فريق إعداد التقرير صوفيا بوهم، وهي باحثة في منصة “سيستمز شينج لاب” Systems Change Lab، “الحقيقة الصعبة هي أنه لا يوجد أي مؤشر من المؤشرات الأربعين التي قمنا بتقييمها يسلك المسار الصحيح لتحقيق أهداف 2030”.

لمنع ارتفاع درجة الحرارة بشكل خطير، يجب أن ينخفض التلوث الكربوني العالمي بنسبة 40% بحلول نهاية العقد.

وبحلول عام 2050، يجب أن يكون العالم محايداً للكربون ويعوض أي انبعاثات متبقية بإزالة ثاني أكسيد الكربون.

ولفت معدو التقرير إلى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أوجه القصور في قطاع الطاقة وعدم إحراز تقدم في وقف إزالة الغابات.

ووجدوا أن التخلص التدريجي من الفحم المستخدم لتوليد الكهرباء بدون تصفية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يجب أن يحدث ست مرات أسرع مما يحصل حاليًا، أي ما يعادل إيقاف تشغيل نحو ألف محطة طاقة تعمل بالفحم سنوياً مدى السنوات السبع المقبلة.

وقطاع الطاقة هو أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون حول العالم. والفحم، الذي يمثل نحو 40% من الكهرباء في جميع أنحاء العالم، هو إلى حد بعيد أكثر أنواع الوقود الأحفوري كثافة كربونية.

وقالت المشاركة في إعداد التقرير لويز جيفري، وهي محللة في معهد المناخ الجديد New Climate Institute، “إذا كان حلّنا للعديد من الأشياء هو الكهربة، فنحن بحاجة للتأكد من أن الكهرباء نظيفة وخالية من الوقود الأحفوري”.

لم تكن الزيادات الهائلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كافية لمواكبة الطلب المتزايد على الطاقة.

“لا رجعة” في خسارة الغابات الأولية

يجب زيادة الجهود في إزالة الغابات مرتين إلى ثلاث مرات للحفاظ على تحقيق هدف 1,5 درجة مئوية في مستقبل قريب، بحسب التقرير.

وقالت المشاركة في التقرير كيلي ليفين، وهي مسؤولة قسم العلوم والبيانات وتحولات الأنظمة في صندوق بيزوس للأرض Bezos Earth Fund، “خسارة الغابات الأولية لا رجعة فيها، سواء من حيث تخزين الكربون أو كملاذ للتنوع البيولوجي”.

وأضافت “إذا كان بلوغ هدف 1,5 درجة يمثل تحديًا الآن، فسيكون ذلك مستحيلًا تمامًا عندما نتخلص من أحواض الكربون الخاصة بنا”، في إشارة إلى دور الغابات والتربة في امتصاص نحو 30% من تلوث الكربون الذي بتسبب به الإنسان.

وتحدث التقرير عن ضرورة زيادة أنظمة النقل العام (المترو والسكك الحديد الخفيفة وشبكات الحافلات العامة) ستّ مرات أسرع، بالإضافة إلى تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة من إنتاج الاسمنت أسرع بعشر مرات، فضلًا عن تخفيض استهلاك اللحوم وضرورة تحويل النظم الغذائية إلى نظم مستدامة أسرع بخمس مرات.

وتناول التقرير أيضاً تمويل جهود حماية المناخ.

وقالت المحللة لدى “كلايمت أناليتيكس” Climate Analytics كلير فايسون “تفشل الحكومات والمؤسسات الخاصة في تحقيق أهداف اتفاق باريس لمواءمة التدفقات المالية مع الالتزام بحد 1,5 درجة مئوية”.

أظهر التقرير أن تمويل جهود حماية المناخ يجب أن يزيد بمعدل أسرع 10 مرات من الاتجاهات الحالية، وبالتالي يمكن أن يتحول الاقتصاد العالمي اقتصاداً أخضر.