• 778 مليون دولار غرامة ضد لافارج بسبب داعش في سوريا
  • لافارج الفرنسية تقر: دعمنا ارهابيين في سورية
  • قضية لافارج سابقة في محاسبة الشركات على دعمها للإرهاب

في الوقت الذي كان تنظيم داعش الإرهابي يرتكب جرائمه في سوريا والعراق كانت شركة لافارج الفرنسية تدعم التنظيم الإرهابي في سوريا لكن جاء القرار التاريخي الصادر عن محكمة فرنسية ليؤكد ضلوع أكبر شركة لتصنيع الإسمنت بالعالم في جرائم ضد الإنسانية بسبب تعاملاتها مع تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، لكنه بدا في نظر المحللين كخطوة قد تمهد لمحاكمة الشركات العالمية على تعاملها مع دول مجرمة وتنظيمات إرهابية.

فقد أعلنت شركة “لافارج” (Lafarge) عملاقة صناعة الإسمنت الفرنسية ومجموعة “هولسيم” السويسرية الأمّ -أن لافارج ستسدد غرامة قدرها 778 مليون دولار لوزارة العدل الأمريكية لمساعدتها جماعات تصنفها الولايات المتحدة تنظيمات إرهابية، منها تنظيم داعش، خلال الحرب في سوريا ودفع غرامة قدرها 90 مليون دولار.

وصدر عن الشركتين بيان جاء فيه أن لافارج وشركتها الفرعية “لافارج للإسمنت سوريا” التي تم حلّها “وافقتا على الاعتراف بالذنب بتهمة التآمر لتقديم دعم مادي لمنظمات إرهابية أجنبية محددة في سوريا ( داعش، وجبهة النصرة) منذ أغسطس/آب 2013 حتى أكتوبر/تشرين الأول 2014″.

داعش

الرقة ، سوريا – 2011/08/16: منظر خارجي لمصنع لافارج للاسمنت في الصحراء السورية بالقرب من مدينة الرقة. Getty Images

وكان الحكم أحدث خطوة في قضية قانونية رفعها 11 موظفا سوريا سابقا في شركة لافارج للإسمنت السورية عام 2016. وساندت منظمتان غير حكوميتين موظّفي الفرع التابع للشركة الفرنسية، وهما المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان وشيربا.

ووفقا لوثائق المحكمة في الولايات المتحدة، خططت شركة لافارج الفرنسية والشركة الفرعية لها في سوريا “LCS” لدفع أموال للجماعتين الإرهابيتين مقابل الحصول على إذن لتشغيل مصنع للأسمنت في سوريا من 2013 إلى 2014.

داعش

وقالت وزارة العدل الأمريكية، في بيان، إن هذا الاتفاق شركتها الفرعية في سوريا “LCS” من الحصول على ما يقرب من 70.3 مليون دولار من العائدات.

دعمت داعش والنصرة بـ6 ملايين دولار.. شركة لافارج الفرنسية تحت طائلة القانون

وذكرت وزارة العدل الأمريكية أن “الشركة قامت بتحويل ما يقرب من ستة ملايين دولار من المدفوعات غير المشروعة إلى اثنتين من أكثر المنظمات الإرهابية شهرة في العالم، داعش، وجبهة النصرة في سوريا، في الوقت الذي كانت فيه هذه الجماعات تمارس انتهاكات وحشية على المدنيين الأبرياء في سوريا وتخطط بنشاط لإلحاق الأذى بالأمريكيين”.

وقالت الوزارة إن الشركة “تعاونت مع داعش، واحد من أكثر التنظيمات الإرهابية الوحشية التي عرفها العالم، لتحسين عوائدها وحصصها في الأسواق، بينما انخرط داعش في حملة اشتهرت بعنفها في الحرب الأهلية السورية”.

وقامت شركة لافارج، من مايو 2010 إلى سبتمبر 2014، من خلال “LCS”، بتشغيل مصنع أسمنت في منطقة الجلابية في شمال سوريا، الذي شيدته لافارج بتكلفة تقارب 680 مليون دولار، بحسب وزارة العدل الأمريكية.

وذكرت الوزارة الأمريكية أنه وبعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، تفاوضت لافارج و”LCS” على اتفاقيات لدفع رواتب للفصائل المسلحة خلال الأزمة السورية لحماية موظفي لافارج، لضمان استمرار تشغيل معمل أسمنت الجلابية، وللحصول على ميزة اقتصادية على منافسيهم في سوق الأسمنت في سوريا.

وأكدت الوزارة في بيانها أن المسؤولين التنفيذيين في “LCS” اشتروا المواد الخام اللازمة لتصنيع الأسمنت من الموردين الخاضعين لاحتلال داعش، وأن الشركة دفعت “تبرعات شهرية” حتى يتمكن الموظفون والعملاء والموردون من عبور نقاط التفتيش التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة على الطرق المحيطة بمصنع أسمنت الجلابية.

اتهمت بدعم داعش والتواطئ في جرائم ضد الإنسانية.. لافارج الفرنسية تقر بالذنب وستدفع ملايين الدولارات

اعتراف لافارج بتمويل داعش

وأوضح المسؤولون التنفيذيون في “LCS” للوسطاء الذين يتفاوضون مع داعش أنه في مقابل دفع “لافارج السورية” مبلغ 750 ليرة سورية لكل طن من الإسمنت الذي تبيعه، توقعوا أن تتخذ داعش إجراءات ضد منافسيها، إما بوقف بيع الإسمنت التركي المستورد المنافس، أو بفرض ضرائب على الإسمنت المنافس مما يسمح لشركة لافارج سوريا برفع الأسعار التي تبيع بها الأسمنت، وفقا لبيان وزارة العدل الأمريكية.

كما تواجه لافارج، التي صارت في عام 2015 جزءا من شركة هولسيم المدرجة في سويسرا، اتهامات في باريس بالتواطئ في جرائم ضد الإنسانية.

وعبرت شرك “هولسيم” الأم في بيان عن دعمها لقرار لافارج، مؤكدة أنها لم تكن تعلم بهذ السلوك من قبل المسؤولين التنفيذيين السابقين في لافارج قبل استحواذها على الشركة الفرنسية في 2015.

اتهمت بدعم داعش والتواطئ في جرائم ضد الإنسانية.. لافارج الفرنسية تقر بالذنب وستدفع ملايين الدولارات

 

وقالت هولسيم إن الأحداث المتعلقة بمصنع لافارج في سوريا تخالف قيمها، وإن هذه الأحداث أخفيت عن مجلس إدارتها .

وأشار التحقيق القضائي الذي فتح في حزيران/يونيو 2017، ان الشركة الفرنسية دفعت في عامي 2013 و2014 عبر فرعها السوري “لافارج للإسمنت سوريا” حوالى 13 مليون يورو لجماعات إرهابية من أجل الحفاظ على نشاط مصنعها منها 10 ملايين يورو لداعش.

كما يشتبه بأن المجموعة باعت إسمنتا لمصلحة تنظيم داعش، ودفعت لوسطاء من أجل الحصول على مواد أولية من فصائل جهادية.

اتهمت بدعم داعش والتواطئ في جرائم ضد الإنسانية.. لافارج الفرنسية تقر بالذنب وستدفع ملايين الدولارات

وكانت قد صرّحت المستشارة القانونية للمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان لورا دوارت بأن هذا القرار “يوجه رسالة مهمة إلى جميع الشركات التي تستفيد من النزاعات المسلحة أو تغذيها وتزعم أن أنشطتها التجارية محايدة”.

وأضافت “بتحويل مئات الآلاف من اليوروهات إلى تنظيم داعش الذي ارتكب جرائم ضد الإنسانية عن عمد، كانت لافارج تدرك جيدا أنه يمكن استخدام هذه الأموال في أغراض إجرامية ذات طبيعة أسوأ. وبالتالي، فقد جعلت نفسها متواطئة”.

وتعدّ هذه المرة الأولى التي تُتّهم فيها شركة فرنسية متعددة الجنسيات بالتواطؤ على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والمرة الأولى أيضا التي تعترف فيها المحاكم الفرنسية بالمسؤولية الجنائية عن أفعال شركة أجنبية تابعة.

ويأمل النشطاء أن تكون هذه الخطوة نقطة تحول في ما يتعلق بمحاكمة الشركات متعددة الجنسيات التي تتعامل مع “الإرهابيين” مقابل الاستمرار في العمل في البلدان التي مزقتها الحروب.