الشيشان ضد روسيا.. هل سيناريو الفاغنر ضد مرتزقة قاديروف واقعي؟

بحسب قادة عسكريون ومسؤولون حكوميون أوكرانيون فإن معظم الجنود الروس الذين كانوا يجلسون فوق 34 ناقلة جند مسلحة دخلت إلى بوتشا في 27 فبراير لغزو أوكرانيا كانوا من أصل شيشاني.

لكن بحسب خبراء وصحفيين، السيناريو الواقعي بشكل متزايد لروسيا ما بعد الحرب سيكون مرتزقة فلاديمير بوتين “الفاجنر” ضد مرتزقة رمضان قاديروف أو “القاديروفتسي”.

هل نشهد صراعاً بين من وصفه العالم بحليف بوتين ورجل بوتين الشرس؟

بحسب نيل هاور، صحافي كندي ملم بالشأن الروسي، فإنه “تنبأ” بهذا في مقال نشره قبل 4 سنوات.

بعد الاستيلاء الروسي الوحشي على الشيشان في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبح تنظيم “القاديروفتسي” أو مرتزقة رمضان قاديروف موجود، بقيادة رمضان قاديروف الذي يمارس السلطة المطلقة بمباركة من الكرملين، وهو يقود عشران الآلاف من قوات الأمن الموالية عالية التدريب.

لكن بالنسبة لفاغنر، الشيشان ليسوا مجرد غير مرغوب فيهم: إنهم “ممنوعون من التنظيم” بحسب أحد القادة الذي لم يُكشف عن اسمه نيل هاور.

على الرغم من ذلك، قاتل مقاتلو فاغنر جنبًا إلى جنب مع الشيشان في سوريا.

وبينما يواصل إعلان ولائه كـ “جندي في جيش بوتين” أصبح قاديروف أكثر جرأة في السنوات الأخيرة، وفي بعض الأحيان يتحدى سياسة الكرملين بشكل مباشر.

كان هناك الكثير من التكهنات حول ما إذا كانت حرب شيشانية ثالثة أمر لا مفر منه، وماذا سيحدث بمجرد انتهاء ولاية بوتين الحالية في عام 2024.

في حالة حدوث صراع آخر، مع انقلاب قاديروف على أسياده السابقين، فقد تلجأ موسكو إلى الفاغنر. كما توحي لمحات عن المقاتلين الذين قاتلوا في سوريا فإن العديد من مجندي فاغنر هم من قدامى المحاربين في حروب الشيشان. وقد يبدو ذلك أنه الحل الأمثل لمشكلة الشيشان الروسية.

شبكة عسكرية أم أداة عزل سياسي؟

يقدم الفاغنر أيضاً عزلاً سياسياً لبوتين، فعندما أسر تنظيم داعش اثنين من مقاتلي فاغنر في شرق سوريا وعرضهما أمام الكاميرات، تم إهمال أسرهم جانباً حيث قال الكرملين وقتها ببساطة إنهم “ربما كانوا متطوعين” بينما لو كانوا جنوداً روس لكان الغضب في روسيا جامح.

لكن درجة الفصل هذه هي أيضًا مسؤولية.

بقيت قوات فاغنر خارج القوات المسلحة الروسية، متبعةً أهواء سيدهم، الأوليغارشي يفغيني بريغوجين.

في فبراير 2018، شن مرتزقة فاغنر هجومًا مفاجئًا على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، مما أدى في النهاية إلى سقوط مئات الضحايا في معركة بالأسلحة النارية استمرت أربع ساعات وشهدت قوة جوية أمريكية ثقيلة للتأثير على المجموعة.

النتيجة: كارثة علاقات عامة للكرملين، الذي كافح لشرح طبيعة هؤلاء المرتزقة الذين اعتدوا للتو على مواقع أمريكية، بينما كانوا يتسترون على عشرات القتلى.

انطلاقا من تفسيرات الكرملين العشوائية والمراجعة المتكررة للحدث، يبدو من غير المرجح أن يكون المسؤولون الروس على علم بحجم الهجوم أو استهدافه للأمريكيين.

لكن موقف فاغنر يعتمد في النهاية على العلاقات الشخصية الزئبقية بين بريغوجين وبوتين ومسؤولين كبار آخرين في الكرملين.

تلا جدال سابق بين بريغوجين ووزير الدفاع سيرجي شويغو في منتصف عام 2016 انخفاض حاد في جودة الإمدادات العسكرية والدعم الجوي المتاح لقوات فاغنر في سوريا.

يبدو أن الفاغنر موجودون لدفع ظرف ما يمكن أن تحققه موسكو في البيئات الجديدة حيث تجسد مغامرة المرتزقة الروسية وسط إفريقيا هذه الإستراتيجية. فهو يسمح لروسيا بالدخول في بيئة أجنبية معادية إلى حد كبير بأقل قدر من المخاطر، واستغلال الفرص السياسية والاقتصادية هناك.

هنالك أيضاَ مؤشرات على أن نموذج الفاغنر يتم نسخه حيث ظهرت في فترة شركة غير معروفة تسمى “باتريوت” يقال إنها على صلة جيدة بمسؤولين في وزارة الدفاع الروسية وأنها تقدم رواتباً أفضل من الفاغنر قد تصل إلى مبليون روبل شهرياً وهو مبلغ لا يمكن تصوره لأي شخص يعيش خارج دائرة بوتين المقربة في موسكو.

يبقى فقط أن نرى بالضبط الدور الذي ستلعبه “باتريوت” أو الفاغنر أو أي مقلدين آخرين لكن الأكيد هو أن المرتزقة الروسية التي يستخدمها بوتين كأداة للسياسة الخارجية والداخلية الروسية موجودة لتبقى.