أفغانستان في ظل حكم طالبان.. المستقبل المجهول

  • مستشفيات تعج بالمرضى وتفتقر إلى الأطباء والأدوية
  • حكومة طالبان ترفض المساعدات الأممية في ظل أزمتها الخانقة
  • اقتصاد كابول في الحضيض والحكومة لا تملك حلولا عاجلة
تترجم القاعات المزدحمة في أحد المستشفيات المتداعية في منطقة موسى قلعة في جنوب أفغانستان، تفشي الأزمة الإنسانية المأسوية التي تعصف بالبلاد، بعد عام من عودة جماعة طالبان إلى السلطة.ففي يوليو الماضي، اضطر هذا المستشفى الواقع في إقليم هلمند إلى إغلاق أبوابه أمام المرضى وكل الحالات الصحية حتى تلك التي تتطلب تدخلا سريعا، باستثناء الأشخاص الذين يشتبه بإصابتهم بالكوليرا.

وسرعان ما أكتظ المستوصف بالمرضى الواهنين، فرغم أنّ به المعدّات اللازمة لتشخيص الإصابة بالكوليرا، إلّا أنّه استقبل نحو 550 مريضاً في غضون أيام.

يبدو رئيس المستشفى إحسان الله رودي أصابه الإرهاق، وهو يفكر في الوضع الذي وصلته المؤسسات الصحية، واصفا الوضع بالصعب جداً.

 

“لم نشهد هذا الوضع المتردي في العام الماضي، ولا في أي وقت سابق”

إحسان الله رودي

رئيس مستشفى موسى قلعة

واستحوذت طالبان على السلطة في أفغانستان في 15 آب/أغسطس 2021، بعد انسحاب القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة. وبالرغم من أنّ أعمال العنف انخفضت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين، إلّا أنّ الأزمة الإنسانية في البلاد تعاظمت بسرعة.

الفقر في أعلى مستوياته

وسجلت أفغانستان انتشار الفقر، الذي يبدو أكثر حدة في جنوب البلاد، إلى مستويات بائسة تفاقمت بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.

وتقول امرأة تجلس على سرير في مستشفى في لشكركاه عاصمة إقليم هلمند،  بجوار حفيدها الذي يبلغ من العمر ستة أعوام ويعاني من سوء التغذية، “منذ وصلت  طالبان إلى السلطة، لا يمكننا الحصول على الزيت حتّى”.

بعد عام من حكم طالبان.. يعشش الفقر والجوع والمرض في أفغانستان

طوابير الأفغان العائدن إلى كابول مع بداية حكم طالبان يعقد الأزمة الاجتماعية أكثر

وتضيف المرأة البالغة 35 عاماً والتي يغطّي الوشاح وجهها بالكامل “الفقراء يُسحقون تحت أقدامهم” في إشارة إلى حركة طالبان.يتلقى حفيدها العلاج للمرة الخامسة في مستشفى بوست، وهي مجموعة من المباني تديرها وزارة الصحة الأفغانية ومنظمة أطباء بلا حدود بشكل مشترك.

تقول بريشنا والدة مريضة أخرى “لا يمكننا إيجاد الخبز حتى”، مضيفة “ليس لدينا ما نأكله منذ ثلاثة أو أربعة أيام”.

“في موسى قلعة، يقتصر النشاط الاقتصادي على تصليح دراجات نارية وبيع الدجاج ومشروبات الطاقة المحفوظة في برادات قذرة”

وتؤكد هوميرا نوروزي، المشرفة المساعدة على الممرّضين، أنّ الموظفين “لا يرتاحون”، مضيفة “لدينا الكثير من المرضى الذين يأتون في حالة حرجة”، لأن الأهالي لم يتمكّنوا من القدوم في وقت أبكر من ذلك. وتقول هوميرا التي تصرخ لإسماع صوتها وسط بكاء الرُضّع “لا نعرف عدد الوفيات (…) في الأقاليم الأخرى” لأن الكثير من الأشخاص “لا يأتون إلى المستشفى”.

وقف المساعدة الإنسانية

بدأت المحنة الاقتصادية في أفغانستان قبل وقت طويل من استحواذ طالبان على السلطة، ولكن وصولها إلى الحكم دفع البلد الذي يبلغ عدد سكانه 38 مليون نسمة إلى حافة الهاوية.

جمّدت الولايات المتحدة سبع مليارات دولار من أصول البنك المركزي، كما انهار القطاع المصرفي وتوقفت المساعدات الخارجية التي تمثّل 45 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي للبلاد.

تتساءل روكسانا شابور التي تعمل في شبكة محلّلي أفغانستان “كيف يمكن تقديم المساعدة إلى بلد لا تعترف بحكومته؟”

وتقول إنّ المساعدات الإنسانية في مواجهة الأزمات مثل الزلزال الذي ضرب البلاد في حزيران/يونيو وأودى بحياة أكثر من ألف شخص وشرد مئات الآلاف، تعدّ أمراً بسيطاً لأنّها معونة “غير سياسية إنها مساعدة حيوية”.

إضافة إلى ذلك،  يتمّ إرسال الأموال جواً لتمويل المساعدات الغذائية والرعاية الصحية. ولكن المساعدات للمشاريع طويلة الأجل تعدّ أكثر تعقيداً.

تقول روكسانا شابور “إذا أتيتم إلى البلاد وقلتم أريد دفع جميع رواتب المعلّمين، فلا بأس بذلك”، مضيفة “ولكن ماذا ستفعل طالبان بالمال الذي لن تنفقه على رواتب المعلّمين؟”.