الصين تُحذر من زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي

  • الطائرات والسفن الحربية أطلقت مختلف أنواع الصواريخ
  • تايوان ترفض التصور الصيني الذي يعتبرها “جزءًا من أراضيها”

في الوقتِ الذي لا يزال يدفعُ فيه العالم ثمن الغزو الروسي لأوكرانيا، يبدو أن التوتر وصل إلى أقصاه بين الصين وتايوان، وهو ما دفع الأخيرةُ لإجراءات تدريبات عسكرية لمحاكاة عملية التصدي لهجمات بحرية صينية خلال مناورات عسكرية حضرتها الرئيسة تساي إنغ-وين من على متن مدمّرة بينما أشادت بـ”تصميم” الجيش.

تساي ارتدت بزّة عسكرية، وصعدت على متن مدمّرة من فئة “كي لونغ” للإشراف على تمرين لإطلاق النار الحي قبالة ساحل تايوان الشرقي- ربما يُعد الأمر بورتوكوليًا، وربما أرادت إرسال رسالة إلى بكين.

الجيش التايواني أكد أن الطائرات والسفن الحربية أطلقت مختلفِ أنواع الصواريخ الهادفةِ لاعتراض “مجموعة من سفن العد”.

لكن بالعودة إلى سبب اشتعال التوتر من جديد، والذي تتخوف منه أيضا الإدارة الأمريكية، فهو الزيارة المحتملة لرئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي الشهر المقبل إلى تايوان، والتي دفعت الخارجية الصينية للتحذير، والتهديد بأن بكين ستتخذ إجراءاتٍ “قوية” إذا تمت الزيارة، خاصة وأن الصين تعتبر تايوان جزءًا من أراضيها، وهو الموقف الذي ترفضه الجزيرة.

الصين لم تُحذر فقط من الزيارة، بل قالت بكلمات لا لبس فيها “الطريقُ إلى الاستقلال مسدود”.

زيارة بيلوسي لم تثير فقط حفيظة الصين

زيارة بيلوسي لم تثير فقط حفيظة الصين، بل إنها تثير قلق إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

حيث أعرب بايدن عن مخاوفه من الزيارة قائلا إن الجيش الأمريكي يعارض زيارة بيلوسي والتي تعد أرفع زيارة لمسؤول أمريكي منذ ربع قرن إلى تايوان.

وبغض النظر عن إتمام الزيارة أو إلغائها، تبقى تايوان في مواجهة رغبة الصين في السيطرة وبسط النفوذ.

ويتساوى الكونغرس دستوريا مع الحكومة ويتمتع النواب بحرية السفر إلى أي مكان يرغبون بالسفر إليه. لكن الإدارة تخشى من ألا يكون الأمر واضحا بالنسبة لبكين التي ترى في ازدياد الدعم الأمريكي لتايوان جزءا من مخطط لتأييد استقلال الجزيرة التي تؤكد الصين أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها.

وتأتي الزيارة في فترة مشحونة إذ يستعد الرئيس شي جينبينغ، الزعيم الصيني الأكثر نفوذا منذ عقود، لترسيخ سلطته في وقت لاحق هذا العام خلال اجتماع حزبي مهم في ظل رياح اقتصادية معاكسة.

ولم تؤكد بيلوسي الزيارة، إلا أنها قالت الأسبوع الماضي للصحافيين: “من المهم بالنسبة إلينا بأن نظهر الدعم لتايوان”، بينما نفت أن يكون الكونغرس يتحرّك لدعم استقلال الجزيرة.

وتحظى تايوان بدعم الحزبين الجمهوري والديموقراطي في واشنطن حيث يسود انقسام بين الفصيلين السياسيين حول غالبية الملفات، واستدعت تحذيرات الصين دعوات لبيلوسي للمضي قدما.

وقال السناتور الجمهوري بن ساس “على رئيسة المجلس بيلوسي التوجّه إلى تايوان وعلى الرئيس بايدن أن يوضح تماما للرئيس شي أنه لا يوجد شيء يمكن للحزب الشيوعي الصيني القيام به حيال ذلك”.

وبينما تعتبر إدارة بايدن بكين أكبر منافس عالمي إلا أنها تحدّثت بشكل متزايد عن “حواجز” لمنع خروج التوتر عن السيطرة، بينما عقد وزيرا خارجية القوّتين محادثات ودية هذا الشهر في بالي.

خطر رد “هائل”

وقال الخبير في الشأن الصيني لدى “جامعة جورج واشنطن” روبرت ساتر إن إدارة بايدن تواجه “مشكلة حقيقية لأنها إذا تراجعت وحاولت ثني بيلوسي عن القيام بالزيارة، ستبدو ضعيفة وكأنها تستسلم لتكتيكات الضغط الصينية، علما بأن الصين متنمرة”.

وأفاد بأن الصين أبدت ردود فعل غير متسقة على زيارات أعضاء الكونغرس إلى تايوان “لكن (هذه الزيارة) تبدو خطيرة للغاية”.

الصين أبدت ردود فعل غير متسقة على زيارات أعضاء الكونغرس

وتابع “قد يشعرون بأن عليهم القيام بأمر هائل إذا وصلت بيلوسي فعلا إلى تايبيه”.

وقبل اجتماعات الحزب، قد يعتبر شي بأن الزيارة “تخطت العتبة التي حددها” وبأن الوقت حان لإظهار القوة في قضية تايوان، وفق ما أفاد ساتر.

وفر القوميون الصينيون بعد هزيمتهم إلى تايوان عام 1949، وتحوّلت الجزيرة مذاك إلى ديموقراطية مزدهرة ورائدة في قطاع التكنولوجيا. وقال رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) بيل برنز الأسبوع الماضي إن شي يبدو ملتزما خيار استخدام القوة، رغم العبر المستخلصة من الصعوبات التي واجهتها روسيا في أوكرانيا.

ونقلت الولايات المتحدة عام 1979 علاقاتها من تايبيه إلى بكين وبدت الإدارات المتعاقبة حذرة عبر الاعتراف بـ”الصين الواحدة” فقط وعدم إيفاد مسؤولين رفيعين إلى تايوان.

وزار نيوت غنغريتش، رئيس مجلس النواب حينذاك، الجزيرة عام 1997 لكن الجمهوري كان من حزب غير حزب سيد البيت الأبيض حينها، وبالتالي كان رد فعل بكين هادئا نسبيا.

والاثنين، انتقد غنغريتش البنتاغون لتوجيهه تحذيرا من زيارة بيلوسي وقال على تويتر “إذا كنا نهاب الشيوعيين الصينيين إلى حد أنه لا يمكننا حتى حماية رئيسة لمجلس النواب الأمريكي، لماذا ستعتقد بكين أنه بإمكاننا مساعدة تايوان على الصمود؟”.

ولطالما وجّهت بيلوسي انتقادات للصين وأقامت علاقة صداقة مع الدالاي لاما وأثارت عام 1991 حفيظة بكين أثناء زيارة عبر الكشف عن لافتة في ساحة تيان انمين لاستذكار متظاهرين مدافعين عن الديموقراطية قتلوا هناك قبل عامين.

إعادة النظر

ومع صعود بكين، تتخلى واشنطن عن بعض من ترددها السابق بشأن تايوان. وقال بايدن إن الولايات المتحدة مستعدة للدفاع عن تايوان عسكريا في حال تعرّضها للغزو وبالتالي الذهاب أبعد من الاكتفاء بتزويدها بالأسلحة، رغم أن البيت الأبيض تراجع عن هذه التصريحات لاحقا.

وخلال زيارة إلى تايبيه في آذار/مارس، دعا مايك بومبيو الذي كان وزيرا للخارجية في عهد دونالد ترامب، الولايات المتحدة للاعتراف “بحقيقة” استقلال تايوان التي “لا لبس فيها والقائمة بالفعل”.

بدوره، قال مارك إسبر وزير الدفاع في عهد ترامب بعد زيارة أجراها إلى تايوان الأسبوع الماضي إن سياسة “الصين الواحدة” قد “أخذت مجراها ووصلت إلى النهاية”، مشيرا إلى أن معظم التايوانيين لم يعودوا يعرّفون عن نفسهم على أنهم صينيون.

لكن مستشارة الأمن القومي السابقة كوندوليزا رايس قالت بعد زيارة إسبر إن سياسة “الصين الواحدة” “ساهمت بشكل جيد” في تخفيف التوتر.

وأضافت خلال منتدى أسبن للأمن “دعونا لا نحوّل الأمر إلى نسخة محدثة من الاتحاد السوفياتي. لنتذكر بأن هذه الصين التي كانت على طريق الاندماج وما زال لديها الكثير على المحك في ما يتعلق بما يحصل بالاقتصاد الدولي”.