مدينة في سويسرا تحمي الأوليغارش الروس

  • الصحف السويسرية تطلق لقب “موسكو الصغيرة” على مدينة زوغ الهادئة
  • قالت سويسرا، في فبراير الماضي، إنها ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي بفرض العقوبات ضد الأوليغارش الروس
  • يتم تداول 80 في المئة من السلع الروسية عبر سويسرا، معظمها من خلال زوغ ومدينة جنيف

 

 

قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الصحف السويسرية تطلق لقب “موسكو الصغيرة” على مدينة زوغ الهادئة، في جبال الألب، نسبة إلى وجود العديد من المكاتب والشركات الروسية، التابعة لما يعرف بالأوليغارش، النخبة الحاكمة الثرية في روسيا.

وتقول الصحيفة الأمريكية إن حزب المعارضة المحلي بدأ في أخذ الناس في “جولات أوليغارش سياحية” في المدينة، بسبب كثرة منازل وشركات الأثرياء الروس فيها، وتضيف أن “وسائل إعلام سويسرية تمزح بشأن زوغ قائلة إن القادة المحليين يريدون بناء كرملين وسط المدينة”.

وقالت سويسرا، في فبراير الماضي، إنها ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي بفرض العقوبات ضد الأوليغارش الروس، لكن “لم يكن الأمر سهلا على المسؤولين المحليين الستة المكلفين بالمساعدة في تنفيذ العقوبات” بحسب وول ستريت جورنال.

وتقول الصحيفة إن الفريق واجه صعوبة في تحديد المنازل أو الشركات المحلية المملوكة رسميا لأي من مئات الأثرياء الروس المدرجين على قائمة الحكومة السويسرية للأشخاص الخاضعين للعقوبات.

ويقول هاينز تانلر، المدير المالي لكانتون (ولاية) زوغ، للصحيفة، إن مصاعب تحديد أسماء وملاك المكاتب، و”فهم قائمة العقوبات المكونة من 300 صفحة”، تعيق جهود الفريق.

وأضاف تانلر أن الفريق قلق أيضا بسبب الآثار المترتبة على الاقتصاد المحلي، ويشعر أن العقوبات قد عرضت سمعة زوغ للخطر كمكان آمن للاستثمار الأجنبي.

وقال: “هذا وقت صعب للغاية، خاصة بالنسبة لكانتون زوغ”.

في النهاية، وجد المسؤولون شركة واحدة بالضبط من بين حوالي 30 ألف شركة مسجلة في زوغ يعتقدون أنها مملوكة أو خاضعة لسيطرة فرد خاضع للعقوبات.

سويسرا.. مدينة زوغ تصبح ملاذاً آمناً للأوليغارش الروس

مكتب نورد ستريم.. الشركة التي تشغل أنابيب الغاز الروسية لأوروبا في مدينة زوغ

إجراءات بطيئة

تقول الصحيفة إن إجراءات زوغ البطيئة هي رمز للبلاد ككل، ففيما تعهدت سويسرا بمعاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا، لكن حتى الآن، لم يؤد هذا الوعد إلى اتخاذ الكثير من الإجراءات ضد الشركات الروسية التي تقوم بأعمال تجارية هناك، ما عزز المخاوف في عواصم العالم من أن المركز المالي لجبال الألب لا يفعل ما يكفي لإحباط الكرملين وحلفاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

ويتم تداول 80 في المئة من السلع الروسية عبر سويسرا، معظمها من خلال زوغ ومدينة جنيف، وفقا للصحيفة.

وتدير البنوك السويسرية مبالغا تقدر بنحو 150 مليار دولار للعملاء الروس، وفقا للجمعية المصرفية في البلاد.

ويمتلك اثنان وثلاثون من الأوليغارش الأقرب إلى بوتين ممتلكات أو حسابات مصرفية أو شركات في سويسرا، وفقا لمجموعة الشفافية “بابليك آي” التي تتخذ من زيورخ مقرا لها.

وفي الأشهر الأربعة التي تلت بدء السلطات السويسرية تنفيذ العقوبات، تم تجميد 6.8 مليار دولار من الأصول المالية الروسية، إلى جانب 15 منزلا وعقارا، وفقا لأمانة الدولة للشؤون الاقتصادية، أو SECO، الكيان المنفذ.

وعلى النقيض من ذلك، جمدت دول الاتحاد الأوروبي بشكل جماعي 14 مليار دولار من أصول الأوليغارش التي تشمل الأموال والقوارب والمروحيات والعقارات، بالإضافة إلى أكثر من 20 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي الروسي.

كما جمدت دول الاتحاد الأوروبي حوالي 200 مليار دولار من المعاملات المالية.

واستحوذت السلطات في جزيرة جيرسي البريطانية وحدها على أكثر من 7 مليارات دولار من الأصول التي قالت إنها مرتبطة بالثري الروسي، رومان أبراموفيتش، الذي لم يرد على طلبات الصحيفة للتعليق.

وقدم أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي التماسا خاصا إلى المسؤولين السويسريين لبذل المزيد من الجهد لتحديد مكان الأموال والممتلكات الروسية.

ورفضت الحكومة السويسرية هذا النوع من الانتقادات، مؤكدة أن تبنيها عقوبات الاتحاد الأوروبي يمثل تحولا تاريخيا وأنها تبذل كل ما في وسعها لمطاردة الأصول المدرجة في القائمة السوداء.

وتستخدم العقوبات الغربية بشكل متزايد للضغط على روسيا منذ عام 2014، عندما ضمت شبه جزيرة القرم.

ومنذ ذلك الحين، يستغل بوتين ودائرة ضيقة من الحلفاء الثغرات في النظام المالي العالمي للتهرب من القوائم السوداء وإخفاء الثروة في الخارج.

وعلى الرغم من وضع سويسرا كمركز مالي عالمي، إلا أن الموارد المحدودة تعيق الجهات التنظيمية في البلاد، كما أن تسجيل الشركات لا يزال سريا بشكل كبير، مما يجعل من الصعب تحديد الملكية النهائية للأصول، وفقا لدبلوماسيين غربيين.

ويقول مصرفيون سويسريون وناشطون في مجال الشفافية إن مليارات الدولارات من أصول العملاء الروس تم تحويلها إلى أسماء زوجاتهم أو أزواجهم أو الأطفال في السنوات الأخيرة، وهي ظاهرة تسارعت في الفترة التي سبقت الحرب، كما يقولون.

سويسرا.. مدينة زوغ تصبح ملاذاً آمناً للأوليغارش الروس

الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش المقرب من بوتين لديه أملاك في زوغ

سري جداً

تقول وول ستريت جورنال إن العديد من الأوليغارش لديهم أعمال تجارية في زوغ لا تزال بمنأى عن العقوبات. ومن بينهم أبراموفيتش، أكبر مساهم في شركة “Evraz PLC”، وهي شركة روسية لصناعة الصلب والتعدين لها ذراع تجارية في الكانتون السويسري.

وتم فرض عقوبات على “Evraz” في المملكة المتحدة، ولكن لم تفرض عقوبات عليها في سويسرا أو الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن أبراموفيتش مشمول بالعقوبات.

وفي فينترتور، التي لا تقع بعيدا عن زوغ، يقع المقر الرئيسي لشركة “سولزر إيه جي”، وهي شركة هندسية مملوكة بنسبة 48.8 في المئة للملياردير الروسي، فيكتور فيكسيلبرغ، الذي تفرض عليه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عقوبات.

وعندما فرضت بولندا عقوبات على عمليات “سولزر”، ضغطت السفارة السويسرية في وارسو دون جدوى على الحكومة البولندية للتراجع عن هذه الخطوة، وفقا لما ذكره مسؤول حكومي بولندي ووزارة الخارجية السويسرية للصحيفة.

وقالت “سولزر” إن قرار بولندا كان خاطئا بالنظر إلى أن فيكسلبرغ هو مجرد مساهم في الشركة، ولا يعد أح مالكيها أو المسيطرين على عملياتها.

ويقول مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إنهم يعولون على الحكومة السويسرية للعثور على الشركات والمنازل في سويسرا التي تنتمي إلى الأوليغارشية الروسية الخاضعة للعقوبات وتجميدها، لكن تاريخ سويسرا من السرية المالية، المنصوص عليه في قانونها، يمكن أن يجعل من الصعب للغاية تحديد “من يملك ماذا”.

ولا تتطلب سجلات الأعمال السويسرية من الشركات إدراج أسماء أصحابها الحقيقيين، والتي غالبا ما يتم إخفاؤها من قبل شركات في سويسرا تحتفظ بصناديق ائتمانية في ملاذات مالية، وهي ثغرة يستغلها رجال أعمال من روسيا وأماكن أخرى حرصا على إخفاء الملكية الحقيقية لأصولهم، وفقا لما نقلته الصحيفة عن سياسيين سويسريين معارضين ومناصرين للإصلاح المالي.