الصين تستعمل شبكة وهمية للدعاية لها ومهاجمة من تراهم خصوما

 

  • الصين تستخدم شبكة من الحسابات الوهمية في أمر تكرر كثيرا خلال الأعوام الأخيرة
  • مركز CIR كشف في دراسة عن حسابات تستخدم من أجل “البروباغندا الصينية”
  • الدراسة أوضحت كيف استخدمت الصين هذه الحسابات للدعاية لها بالباطل
  • الدراسة ألقت الضوء على خطوات كشف الحسابات الصينية

أصبحت عادة في الأعوام الأخيرة، الصين تعتمد على الحسابات الوهمية من أجل أمرين : الدعاية لها بالمعلومات المضللة ومهاجمة من يراهم الحزب الشيوعي الصيني أعداء له.

كشفت دراسة حديثة النقاب عن وجود عدد كبير من الحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعم القصص المؤيدة للحكومة الصينية وتواجه كل من وُصفوا بـ”خصوم الصين والحكومة”.

الدراسة التي أجراها مركز Information Resilience أو CIR، أوضحت أن شبكة من الحسابات الوهمية نشرت رسوما كرتونية مبتذلة، تصور من خلالها رجل الأعمال المنفي ” جيو ونيجي” الذي ينتقد بصراحة كبيرة الصين وحكومتها. حسبما نقلت شبكة “بي بي سي”.

وبالرغم من عدم وجود ملموس يربط الشبكة بالحكومة الصينية إلا أن الدراسة أظهرت أن تلك الشبكات تشبه كثيرا تلك التي أزيلت من قبل من جانب فيسبوك وتويتر، بسبب الارتباط بالحكومة الصينية.

وظهرت أكثر من شخصية أخرى في الرسومات الكارتونية التي تناولت منتقدي الصين أو خصومها، مثل ” لي منغ يان” التي توصف بأنها “تبلّغ دوما عن مخالفات الصين” و” ستيف بانون” ، الاستراتيجي السياسي السابق لدى دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق.

Cartoon depicting Steve Bannon as a demon, 'Yan Limeng' with a forked tongue and Guo Wengui with a tail and holding an American flag.

الصورة التي تناقلتها الحسابات التي تناولت منتقدي الصين أو خصومها، مثل لي منغ يان التي توصف بأنها “تبلغ دوما عن مخالفات الصين” وستيف بانون، الاستراتيجي السياسي السابق لدى دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق.

الحسابات كانت تتهم هؤلاء الأشخاص بنشر العديد من الشائعات، خاصة فيما يتناول فيروس كورونا “كوفيد 19”.

ما يجعل الأمر مخيفا أكثر، هو أن هذه الحسابات عبر منصات تويتر وفيسبوك وإنستغرام ويوتيوب تستخدم صورا شخصية يقوم الذكاء الاصطناعي بإصدارها، فيما بدت الحسابات الأخرى كما لو أنها حسابات أشخاص حقيقين لكن تم قرصنتها لأنها كانت تنشر منشورات في وقت سابق بلغات مختلفة.

وفقا لمركز CIR فإن هذه المجموعة تعمل بشكل مضلل وتنشر معلومات مضللة للغاية لكي تدعم الصين , وهي ضمن شبكات داعمة للصين والحزب الشيوعي الصيني تم إسقاطها من قبل بواسطة تويتر وفيسبوك.

عملت هذه الشبكات على تضخيم ونشر الروايات المؤيدة للصين على نحو مماثل بالضبط لما يروج له كل من يمثل الصين والحزب الشيوعي الحاكم ووسائل الإعلام التابعة للدولة.

قدر كبير من المحتوى الذي تتناقله الشبكة في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال لا الحصر، يركز وبصورة خاطئة على القضايا التي تثير انشقاقا كبيرا داخل المجتمع الأمريكي , مثل قوانين الأسلحة النارية والسياسات العرقية.

Tweet saying "Nearly 20,000 people die from gun violence in the United States in 2020

إحدى الحسابات التي كانت تستخدمها الصين عبر تويتر وتم حذفها بواسطة تويتر. (BBC)

إحدى الروايات التي نشرتها الحسابات في الولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص مجال حقوق الإنسان، ووصفته بأنه “رديء” كما استشهدت الحسابات بقضية مقتل جورج فلويد والتمييز ضد الآسيويين وغيرها.

كما قامت بعض الحسابات الأخرى بإنكار كل تهم انتهاك حقوق الإنسان المثبتة في منطقة شينجيانغ بحق مسلمي الإيغور، إذ يقول الخبراء إن الصين تحتجز على الأقل ما يقرب من مليون من مسلمي الإيغور رغما عنهم، لكن الحسابات زعمت أن تلك مجرد “أكاذيب يطلقها الغرب والولايات المتحدة الأمريكية “.

وأوضح بينجامين ستريك مؤلف الدراسة: “يبدو أن هدف الشبكة هو نزع شرعية الغرب بتضخيم الروايات المؤيدة للصين”.

هذا الأمر ليس جديدا على الصين، التي اعتادت إطلاق مثل هذه الشبكات الوهمية لنشر الأكاذيب، مثلما حدث مع شبكة Spamouflage Dragon التي كُشف عنها النقاب في وقت سابق خلال العام الماضي بواسطة شركة تحليل مواقع التواصل الاجتماعي Graphika.

 

وتحدثت إيرا هيربرت التي تعمل كمحققة تحليل أولى في شركة Graphika وفقا لشبكة “بي بي سي” قائلة:

“التقرير يظهر أنه على منصات الولايات المتحدة الأمريكية، لم يكن هناك شهر عسل في الأشهر الأولى من فترة ما بعد الانتخابات الأمريكية”.

 

“الشبكة بمثابة خليط من محتوى مضاد للولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك رسمها كحليف ضعيف، مع استعمال الانسحاب من أفغانستان ومساعدات الهند على الترتيب كمثالين في الحالتين”.

 

Image showing multiple Twitter accounts tweeting the same cartoon which shoes Li Meng Yang being crushed by a boot

BENJAMIN STRICK / CIR

كيف كُشفت الشبكة الصينية؟

 

مركز CIR تتبع الوسوم المفضلة للشبكات التي حددها سلفا، وكشف المزيد من الحسابات التي أظهرت علامة على كونها جزء من عملية التأثير.

العلامات التي ظهرت خلال تتبع الحسابات، كشفت عن مستوى عال من النشاط الذي يدفع السرد الدعائي والاستخدام المتكرر لنفس الوسوم في كل مكان، كما أن هناك حسابات أنشأت حديثا، وهناك حسابات بدا وكأنها أنشأت بشكل عشوائي، وأخرى تضم عددا قليلا من المتابعين التي أثارت شكوكا كثيرة.

أنشأت بعض الصفحات الشخصية الوهمية كذلك لنشر محتوى يتم كتابته بواسطتها، وأخرى أنشأت لمشاركة هذه المنشورات وتسجيل الإعجاب بها والتعليق عليها، وذلك لكي تساعد الحسابات الأصلية على الوصول لجمهور أوسع.

هذا النوع من النشاط في أوساط محللي مواقع التواصل الاجتماعي، يُطلق عليه “الدعاية الشعبية الزائفة”، وذلك لأنه صُمم خصيصا لخلق مظهر ما لحملة شعبية دفاعية.

حسابات وهمية

العديد من الحسابات قامت باستخدام صور شخصية مزيفة أنشأها الذكاء الاصطناعي، وهي أداة حديثة نوعا ما، إذ تسمح لأجهزة الحاسوب بإنشاء صور واقعية لأشخاص ليسوا موجودين.

على عكس الصور الشخصية المسروقة لأشخاص حقيقيين، هذا النوع من الصور لا يمكن تتبعها باستخدام البحث عن الصور العكسية، لأنه تم إنشاؤها بواسطة نوع من إطار التعلم الآلي يُدعى StyleGAN.

وفي مثل هذا النوع من حملات التضليل، فإن استخدام الصور المزيفة هو الأكثر شيوعا، وأصبح المستخدمون أكثر حذرا في الأعوام الأخيرة من الحسابات الوهمية التي تُنشئ لأسباب مختلفة، بيد أن الصين أصبحت ضليعة في هذا الصدد.

المركز استخدم تقنيات مختلفة لتحديد الصور المزيفة في الشبكة، ونظرا لأن الصور التركيبية دوما تضع العيون في المكان نفسه ، لذا تم صفهم جميعا ما ساعد على تحديد مجموعة من الصور الشخصية المزيفة.

كما ظهرت علامات أخرى ضبابية الحواف حول الشعر والأسنان وفي زوايا غريبة، وأيضا وجود بقع ضبابية حول الوجه.

الدراسة أوضحت أن العديد من حسابات فيسبوك، يُعتقد أنها ضمن شبكة تحمل أسماء تركية، ويُعتقد أن هذه الحسابات كانت في الماضي لأشخاص حقيقيين , لكن تم اختراقها في وقت لاحق أو بيعها وتم وضع صور شخصية جديدة بها.

ونشرت حسابات مخترقة روايات مؤيدة للصين على موقع “يوتيوب”، والحسابات التي كانت تنشر وتعلق في السابق باللغة الإنجليزية أو الألمانية، ظلت في حالة سبات لأعوام , ثم بدأت فجأة في نشر محتوى باللغة الصينية من هيئات البث الرسمية التابعة للصين.

المركز شارك أبحاثه مع منصات التواصل الاجتماعي المعنية، وقام موقع فيسبوك بإزالة هذه الحسابات عبر منصته.

وصرح متحدث باسم فيسبوك حسبما نشرت شبكة “بي بي سي”:

 

“في عام 2019 أزلنا شبكة ذات نشاط مزعج، كانت تنشر العديد من الأشياء الخاصة بالحياة والسياسة، وكانت صينية في المقام الأول”.

 

“هذه الشبكة لم يكن لها أي ارتباط عبر منصتنا، ونواصل العمل مع الباحثين وأقراننا في الصناعة للكشف عن محاولاتهم للعودة ومنعها، مثل هذه الحسابات في هذه الدراسة”.

 

وقام موقع يوتيوب كذلك بإزالة كافة الحسابات التي ذُكرت في الدراسة، لما وصف بـ”خرق قواعد المجتمع في يوتيوب”.

وأعلن تويتر انه قام حاليا بإزالة كل الحسابات التي كانت ضمن الدراسة، وكذلك حسابات أخرى ذات سلوك مشابه، وأوضح أن التحقيقات لا زالت جارية.

أضاف “تويتر”: “حينما نحدد الحملات التي تنشر المعلومات بهذا الشكل ويمكن أن ننسبها بشكل موثوق إلى الأنشطة المرتبطة بالدولة سواء كانت محلية أو أجنبية، فإننا نكشف عنها في أرشيفنا العام”.

 

كيف عقبت بي بي سي على هذه الدراسة؟

 

أفادت الشبكة البريطانية عبر ” كيري ألين” محللة الإعلام الصيني لديها بأنه على مدار العِقد الماضي، صُرفت مليارات الدولارات على تمويل الوجود الصيني على المنصات الدولية.

أضافت أن فيسبوك وتويتر ويوتيوب محجوبون في الدولة، ويمكن الوصول إليهم فقط عبر VPN، وأن الدولة الصينية تعاني للحصول على مثل هذه المنصات المعترف بها كمنافس قابل للتطبيق للقوة الغربية. الصين حينها احتاجت إلى أصوات أجنبية وليس صينية فقط لإظهار وجودها.

وأشارت “بي بي سي” إلى أنه مع وجود أكثر من مليار مستخدم للإنترنت، فمن المؤكد أن الصين لديها ما يكفي من قدرة على تنظيم حملات إعلامية واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي، واستهداف ما تراه أصواتا معادية للصين بثروة من الآراء المعارضة.

وأوضحت “بي بي سي” أن محدودية اللغة الإنجليزية في الصين، تسببت في وجود علامات يمكن الكشف عليها، إذ يعتمد العديد منهم على برامج ترجمة آلية تحول الرسائل الصينية إلى الإنجليزية، وهذا يعني أن هذه الرسائل بها العديد من الأخطاء اللغوية والنحوية على نحو واضح.

مع حجب معظم المواقع الغربية في الصين، فإن المستخدمين وحسابات الحكومة ليس لديها معرفة كافية بكيفية الاستهداف عبر منصات التواصل الاجتماعي، وبالتالي يتم كشفهم في كل مرة.