الحكم على سون داو الملياردير الصيني بالحبس لـ18 عاما بأكثر من تهمة بعد استجواب وحشي لشهر كامل
- انتقاد الحزب الشيوعي الصيني يعني إمكانية تمضية حياتك في السجن
- سون داو الملياردير الصيني كان أبرز المعارضين لسياسات الحكومة وجاءت قشة قصمت ظهر البعير
- تُهم عديدة وإجبار على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها بعد استجواب وحشي لمدة شهر كامل
- الملياردير الصيني ينضم إلى اثنين سبقوه ضمن سياسة الدولة في محاولة قمع الأفواه واستخدام فزاعة للمعارضة
في الصين، لا يهم أن تكون ملياردير، أو رائد أعمال، أو مكتشف كبير، أو ذو قيمة للدولة، ما دمت تنتقد سياسات الحزب الشيوعي الصيني الحاكم فأنت معرض للحبس وتهم خطيرة قد تتسبب في وفاتك بالسجن.
سون داو (67 عاما)، ملياردير صيني حُكم عليه بالسجن لمدة 18 عاما، بتهمة “افتعال المشاكل والمشاحنات”، تهمة شهيرة للغاية في الصين تُستخدم ضد النشطاء.
لم توجه له هذه التهم لكن أيضا الحصول على أرض زراعية بطريقة غير شرعية، وجمع حشود لمهاجمة وكالات الدولة، وتشتيت العاملين في الحكومة عن واجباتهم.
الأمر لم يتوقف عند حبسه فقط، ولكن أيضا تغريمه 3.11 مليون يوان أي ما يعادل 481 ألف دولار أمريكي. وفقا لشبكة “بي بي سي“.
لكن ما التهمة الحقيقية؟ إليكم القصة كاملة لـ سون داو
صاحب الـ67 عاما اعتقل في شهر نوفمبر الماضي على خلفية صراع كبير بين شركته Dawu Agricultural and Animal Husbandry Group، ومزرعة مملوكة للحكومة الصينية.
سون داو يمتلك شركة من أكبر الشركات في الصين وأعماله التجارية تتنوع بين تجهيز اللحوم وأغذية الحيوانات الأليفة والمدارس والمستشفيات وغيرها.
احتجز سون خلال العام الماضي مع 20 من أقاربه وشركائه بعد تفاقم الخلاف على تلك المزرعة. لكن هذا الخلاف بدا وكأنه القشة التي قصمت ظهر البعير.
إذ أن سون قريب من المعارضين السياسيين الصينيين البارزين وانتقد في الماضي سياسات الحكومة الصينية في الريف أكثر من مرة.
انتقادات سون كانت لاذعة ومزعجة للحكومة الصينية خاصة وأنها كانت تكشف الوجه الحقيقي للصين، إذ إنه انتقد طريقة تعامل الحكومة الصينية مع تفشي وباء كورونا “كوفيد 19” وتغطية الحكومة المحلية على تفشي حمى الخنازير الأفريقية عام 2019 والتي قتلت الآلاف من الخنازير لديه.
إمبراطورية سون داو الزراعية كانت تنمو مع الوقت، لدرجة أنه أنشأ مدينة حول ممتلكاته وقدم العديد من الخدمات مثل الرعاية في المستشفيات لموظفيه.
الحكم القاسي ضد سون كان بمثابة فزاعة كبيرة استخدمها شي جين بينغ زعيم الصين لتكميم أفواه كبار رجال الأعمال في دولته ومحاولة منه لإذلال القطاع الخاص أكثر.
في عهده شي بينغ، عوقب العديد من رجال الأعمال وأصحاب الملايين، وأدى عدد كبير من قواعده الجديدة الصارمة التي تسببت في تدني مرتبة الشركات الكبرى في صناعات التكنولوجيا والتعليم وغيرها.
تراجعت أيضا أسهم أشهر الشركات الصينية بسبب سياسة الحزب الشيوعي الصيني ورغبته في إذلالهم أكثر، على سبيل المثال تينسينت وديدي، كما أدى تحقيق مكافحة الاحتكار الذي وضع خصيصا للإمعان في إذلال شركات القطاع الخاص لتغريم شركة علي بابا ما يقرب من 2.8 مليار دولار.
سون داو ليس الضحية الأولى
سون ليس الضحية الأولى وحتما لن يكون الأخيرة، ففي السنوات الأخيرة تعرض اثنين من رجال الأعمال لأمر مماثل.
ففي عام 2018 حُكم على وو شياو هوي، والذي يعد من رواد الأعمال الصينيين بالسجن لمدة 18 عاما بتهمة “احتيال المستثمرين” في أعقاب نمو عمله بشكل كبير بعد شرائه لفندق والدورف أستوريا.
في العام الماضي، حكم على رن تشي تشيانغ رائد الأعمال الكبير المتقاعد لمدة 18 عاما بعدما وصف تشي زعيم الصين بـ”المهرج”.
سون نشر بيانا قال فيه حسبما أوضحت صحيفة “نيويورك تايمز”: “إن كان هذا وقت الحرب، لتم التضحية بي من وقت طويل، بشخصيتي لا يمكنني منح ابتسامات للنفاق، لا يمكنني فعل ذلك، وهذا ما قضى علي”.
سون دو وعدد من أفراد أسرته وصفوا طريقة معاملة الشرطة أثناء استجوابهم لهم لمدة شهر بـ”الوحشية” بجانب إجبارهم على الإدلاء بـ”اعترافات زائفة”.
أحد أبنائه قال إنه كان “مربوطا إلى كرسي لمدة 30 ساعة حتى تورمت أطرافه بشكل مؤلم”.
في حين أن شقيق سون تعرض إلى فتق لم يُعالج وتُرك مصابا بحالته كما هي.
سون واصل في بيانه: “طريقة معاملتي تسببت في بؤس يفوق وصفه الكلمات، والحياة أسوأ من الموت، لم أر الشمس لأكثر من 3 أشهر خلال احتجازي”.
خلال المحاكمة في مقاطعة غاوبيديان الريفية جنوب غرب بكين، طلب سون من القضاة، تبرئة المدراء التنفيذيين في شركته، والذين يحاكمون بجانبه، وقال إن كل ما حدث كان هو المتسبب به، فيما جاء رد المحكمة مقتضبا: “الموظفون سيعاقبون وكذلك شركتك”.
محامو سون قالوا في بيان إن المدعي عليهم الآخرين معه وبلغ عددهم 19-20 حكم عليهم بأحكام مختلفة من سنة إلى 12 سنة، وأوضح المحامون أنه كانت هناك لهفة وسرعة للحكم عليهم ضمن قضية وصفوها بـ”المعقدة للغاية”، لدرجة أن المحاكمة كانت تستمر لـ12 ساعة لمدة 14 يوما، “أظهرت أن هذه لم تكن محاكمة طبيعية”.
سون كان يطلق العديد من الانتقادات بشكل كبير لحكومة الصين والحزب الشيوعي الحاكم، وكان قويا للغاية في مجال ريادة الأعمال، ومن قدامى المحاربين في جيش التحرير الشعبي وعمل في البنك الزراعي الصيني المملوك للدولة لفترة، قبل أن يبدأ مسيرته.
مسيرة سون داو في ريادة الأعمال وانتقاد سياسات الحزب الشيوعي الصيني
مسيرته في ريادة الأعمال بدأت من شراء 50 خنزير وألف دجاجة ليبني عملا ويبدأ في توظيف الآلاف وتوفير فرص عمل عديدة.
بلدة سون الصغيرة التي بناها قدمت خدمات لعدد كبير من موظفيه، شملت مستشفى يضم 1000 سرير، ومع بداية الألفية الثانية أصبح سون صوت المزارعين ورجال الأعمال في الجامعات ما شكل خطرا على الحزب الشيوعي الصيني.
خطاباته العديدة تسببت في إزعاج وتشويش للمسؤولين ولفتت أنظارهم إلى أنه يجب التصرف معه، وفي 2003 قُبض عليه لأول مرة بتهمة جمع الأموال غير المشروعة، ونجحت مجموعة من الأكاديميين والمحاميين والصحفيين في شن حملة كبيرة لإطلاق سراحه.
في عهد شي الحالي، أجرى سلسلة من الإجراءات الصارمة ضد المجتمع المدني ليضعف من خلالها صفوف المحامين أصحاب العقلية الليبرالية وكذلك الأمر مع الصحف المستقلة.
على سبيل المثال، اعتقل خلال العام الماضي، شو تشي يونغ، أحد المحامين الذين مثلو سون داو عام 2003 وأحد أبرز الناشطين في الصين، في العام الماضي، بعد أن حث شي بينغ على الاستقالة، وقال له: “أنت لست ذكيا بما فيه الكفاية”.
في ذلك الوقت، دافع سون عن شو، وأوضح أنه يجب صد عمليات الاستيلاء على السلطة والتنمر السياسي التي يقوم بها الحزب الشيوعي الصيني.
وحتى اللحظة لا يزال مصير أعمال سون غير واضح، إذ أن ابنه الأكبر ورئيس الشركة، صرح عبر محامية حسبما أوضحت صحيفة “نيويورك تايمز”: “الحكومة تبدو وكأنها تسعى للاستيلاء على الشركة”.