إيران تشهد الجفاف وسط سياسات التعطيش.. الكارثة كبرى
- إيران تعيش واقعاً صعباً مع عدم توفر المياه، وهو الأمر الذي يضعها أمام انفجار كبير
- البلاد مفلسة من المياه بعد سنوات من سوء الإدارة في عهد النظام الحالي
- بناء السدود المفرط على أنهار خوزستان أدى إلى جفاف بحيرات المقاطعة
شدّت احتجاجات إيران الأخيرة الأنظار إليها بشكل واسع حول العالم، خصوصاً أنها تكشف عن أزمة جفاف المياه التي تعاني منها البلاد.
ومنذ أيام عديدة، تضجّ منطقة الأحواز في إيرَان باحتجاجات شعبية غاضبة وذلك بسبب سياسة التعطيش التي تفرضها السلطات الإيرانية على السكان، من خلال تجفيف الأنهار وتحويل مجاريها إلى مناطق أخرى في الداخل الإيراني.
وفي الواقع، فإن إيران تعيش واقعاً صعباً مع عدم توفر المياه، وهو الأمر الذي يضعها أمام انفجار كبير. وفي السياق، نقلت صحيفة “تايمز” عن عالم إيراني منفي قوله إن “إيران مفلسة من المياه بعد سنوات من سوء الإدارة في عهد النظام الحالي”.
وأكّد العالم ونائب وزير البيئة السابق المقيم في الولايات المتحدة، كاوه مدني للصحيفة، أن “جميع مصادر المياه في البلاد من الأنهار والخزانات والمياه الجوفية، بدأت في الجفاف”.
وشدّد مدني في حديثه للصحيفة البريطانية أنه “على إيران التخطيط للعيش مع نقص المياه”، لافتاً إلى أنه “لا يمكن لإيران استعادة أراضيها الرطبة وخزانات المياه الجوفية والأنهار بالكامل في فترة زمنية قصيرة”.
وفي العام 2015، حذر وزير الزراعة الإيراني السابق عيسى كالانتاري من أن ندرة المياه ستجبر 50 مليون إيراني – 60% من السكان – على مغادرة البلاد. وبعد ذلك بعامين، أي في العام 2017، تمّ تعيين كالانتاري نائباً لرئيس الجمهورية الإسلامية لحماية البيئة، أي بمثابة وزير للبيئة عملياً. ومنذ ذلك الحين لم يفعل أكثر من إطلاق المزيد من الإنذارات المؤلمة.
وفي بداية هذا الصيف، توقع كالانتاري “حرب مياه” ستنتشر في الريف، ما يعرض إيرَان لخطر “القضاء عليها”.
وبالكاد يطمئن الإيرَانيون في المحافظات التي تعرضت للعطش بسبب ما وصفه زميل كالانتاري ، وزير الطاقة رضا أردكانيان، بأنه أكثر الصيف جفافاً خلال الـ50 عاماً الماضية.
وتعتبر أزمة المياه من أصعب التحديات التي يواجهها الرئيس القادم إبراهيم رئيسي، وتشير اتجاهات تغير المناخ إلى فصول صيف أكثر حرارة وجفافً ًفي السنوات المقبلة، ومصادر المياه الجوفية في إيرَان مستنفدة بالفعل إلى حد خطير، وفق وكالة “بلومبيرغ“.
ومثل المرشد الأعلى علي خامنئي، يعتقد رئيسي أن إيرَان، ومن أجل تجنب الضغوط الدولية، يجب أن يكون لديها “اقتصاد مقاومة”، وركيزته الأساسية هي الاكتفاء الذاتي الزراعي. وبحسب” بلومبيرغ”، فإنّ من الواضح أن هذا مستحيل بينما تواجه البلاد ما وصفه دعاة حماية البيئة بأنه إفلاس وشيك للمياه.
ولفتت الوكالة إلى أنه من المفارقات أن ندرة المياه هي إلى حد كبير نتيجة رغبة النظام في الاستقلال الزراعي. وعلى مدى عقود، شجعت طهران على زراعة المحاصيل الأساسية على نطاق واسع، ما حفز المزارعين على استخدام جميع المياه الجوفية التي يمكنهم الحصول عليها. ونتيجة لذلك، يعتقد خبراء البيئة أن طبقات المياه الجوفية في 12 من أصل 31 مقاطعة في إيرَان ستجف في الـ50 عاماً القادمة.
كذلك، فإنّ المياه الموجودة فوق سطح الأرض تزداد ندرة أيضاً، وأدى بناء السدود المفرط على أنهار خوزستان إلى جفاف بحيرات المقاطعة.
وليس من الصعب التنبؤ بالتداعيات السياسية لكل هذا: الهجرة المناخية على نطاق ملحمي. وإذا كان رقم كالانتاري المتوقع، وهو 50 مليوناً، يبدو مرتفعاً، فإن أعداداً هائلة من الإيرَانيين تنتقل بالفعل من الريف إلى المراكز الحضرية، حيث تتضخم أعداد العاطلين عن العمل، والغاضبين، وفق “بلومبيرغ”.