بعد أن أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية بيانا اتهمت فيه الصين بارتكاب إبادة جماعية ضد أقلية الإيغور المسلمة، تعالت الصيحات المطالبة بأن تنضم دول عديدة وعلى رأسها أستراليا إلى التوجه الأمريكي، لا سيما وأن الصين باتت ترتكب مجازر ضد الإيغور في شينجيانغ، وفق تقارير صحافية.

وبحسب تقرير أعدته شبكة ABC، فإن هذا البيان جاء بعد توثيق السياسات الصينية وممارساتها وانتهاكاتها البشعة في شينجيانغ، منذ مارس 2017 على الأقل، من خلال عمليات تدمير وقتل لأفراد جماعة الإيغور ومنع المواليد، والتسبب كذلك في أضرار جسدية أو عقلية خطيرة لهم.

كما كشفت تقارير عن قيام الصين بالاحتجاز التعسفي لمسلمي الإيغور، وإخضاعهم لممارسات وانتهاكات “غير إنسانية”، فيما حاولت الصين أن تنفي ذلك مراراً وتكراراً بوصفها معسكرات الاعتقال بأنها مراكز تعليم مهني شبيهة بالمدارس الداخلية.

وكانت أستراليا انتقدت معاملة الصين للإيغور، منضمة بذلك إلى دول أخرى في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك كل من المملكة المتحدة، وكندا، وألمانيا، في دعوة الصين “صريحة” إلى الصين لإنهاء احتجازها لأقلية الإيغور المسلمة.

وكان مدير مشروع الإيغور لحقوق الإنسان (UHRP) عمر كانات قال في بيان له إن “تصميم الولايات المتحدة على وصف الوضع بأنه إبادة جماعية له تداعيات كبيرة على العلاقات الثنائية المستقبلية بين الصين والحكومات الأخرى”.

وتابع كانات: “التداعيات كبيرة، لا يمكن التفكير في مواصلة العمل كالمعتاد مع دولة ترتكب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية”.

وكان وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته أمس مايك بومبيو قال إن “الصين ارتكبت إبادة جماعية في قمعها للإيغور وجماعات أخرى غالبيتها من المسلمين”، وهي التصريحات التي أيدها خلفه أنتوني بلينكن.

انتصار للإنسانية

رأت فاطمة عبد الغفور، وهي من الإيغور وتعيش في العاصمة الأسترالية سيدني منذ العام 2017 أن إعلان الولايات المتحدة “انتصار كبير للبشرية جمعاء” و “ليس فقط لشعب الإيغور”.

وتابعت الفتاة التي احتجز والدها في السجن وتوفي فيه عام 2018 في، لقاء نقلته شبكة ABC: “مهما كانت قوة الشخص فإنه سيحاسب عن أفعال الشر التي يقوم بها”.

وأضافت: “من وجهة نظري، سيكون قتلة والدي في المحكمة عاجلاً أم آجلاً، تماماً كما هو الحال مع الهولوكوست”، قائلة: “أعتقد أن هذه الإبادة الجماعية مستمرة، وأننا سنشهد محاولة منهجية لتدمير الأيغور من قبل الحزب الشيوعي الصيني”.

مسلمو الإيغور يطالبون أستراليا بالانضمام إلى الولايات المتحدة في اتهام الصين بارتكاب إبادة جماعية بحقهم

الإيغورية فاطمة عبدالغفور – شبكة ABC

راميلا تشانيشيف، فتاة أخرى من الإيغور المسلمين كانت نظمت احتجاجات أسبوعية أمام مكتب القنصلية الصينية، قائلة: “نأمل أن نواصل قتالنا حتى يتحرر الملايين من الناس، حتى تعيش عائلتنا وأصدقائنا بكرامة… نأمل أيضا أن تتحد الحكومة الأسترالية وجميع الديمقراطيات الأخرى في العالم وتطلق على ما تقوم به الصين ضد الإيغور مصطلح الإبادة الجماعية”.

كذب صيني

أما الصين فتحاول التعتيم على ما تقوم من انتهاكات من خلال التأكيد على أنها تحارب في إقليم شينجيانغ، حيث يعيش أكثر من 11 مليون شخص من الإيغور، “ثلاث قوى شريرة”، وهي الانفصالية والإرهاب والتطرف، في المنطقة الغربية.

وشهد الإقليم خلال السنوات الماضية تدفقاً واسعاً من الصينيين من أقلية الهان الذين يشكلون غالبية مواطني البلد، وقد تعرضوا كما الإيغور إلى أعمال عنف.

ووفق نشطاء، فإن الصين تحاول القضاء على ثقافة الإيغور، من خلال إجبار المسلمين على أكل لحم الخنزير وشرب الكحول، فضلا عن استخدام معسكرات الاعتقال في الإقليم لفرض الأعمال القسرية لا سيّما في صناعة منتجات القطن.

هذه الانتهاكات أدت إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب فرضت الأسبوع الفائت حظراً على استيراد منتجات القطن، والطماطم من إقليم شينجيانغ الصيني، خصوصاً وأن هذا الإقليم يوفر نحو خمس إنتاج القطن من العالم.

وكانت منظمات حقوقية قالت إن الصين احتجزت ما يصل إلى مليون شخص من الإيغور خلال السنوات القليلة الماضية داخل ما تطلق السلطات الصينية عليه “معسكرات إعادة تأهيل”.

العلاقة مع أستراليا

تدهورت العلاقات بين أستراليا والصين منذ العام 2018 عندما منعت أستراليا شركة هواوي الصينية من بناء شبكة الجيل الخامس (5G) في أستراليا، وتفاقم تدهور العلاقات في العام الماضي بعد أن دعت حكومة رئيس الوزراء سكوت موريسون إلى إجراء تحقيق دولي في منشأ فيروس كورونا.

ورداً على ذلك، أمرت الصين العام الماضي التجار بالتوقف عن شراء مجموعة من السلع الأسترالية، بما في ذلك الفحم، والشعير، والسكر، والأخشاب، والنبيذ، وجراد البحر.