كان مجرد مساء يوم ثلاثاء بالنسبة الى أمين كمال الدين، طالب الدكتوراه في الهندسة الطبية الحيوية بجامعة تورنتو، حيث كان في صالة الألعاب الرياضية مع بعض أصدقائه يتدرب، عندما بدأت وسائل الإعلام في الإبلاغ عن إطلاق إيران صواريخ على قواعد أمريكية في العراق انتقاما لمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني.

لقد مضى يومان فقط على عام 2020، وبدأت الأسئلة، هل يمكن أن يتحول ذلك إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط؟ لقد كانت لحظة مرهقة بالنسبة لي ولأصدقائي الذين كان لديهم أقارب وأصدقاء في إيران، ولكن اتضح أن العام الجديد كان لديه شيء آخر ليقدمه بعد إعلان إسقاط الطائرة الأوكرانية.

وقال كمال الدين:”في وقت لاحق من ذلك المساء، سمعنا المزيد من الأخبار المقلقة تحطمت رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية PS752 بعد وقت قصير من إقلاعها بالقرب من طهران، كان الأمر مأساويًا”.

ويضيف كمال الدين: “في اليوم التالي، اكتشفت أن معظم ركاب رحلة الطائرة الأوكرانية كانوا ينتقلون من كييف إلى تورنتو، إذ تم الكشف عن أسماء الضحايا تباعاً، صُدمت، فهناك الكثير من الأسماء التي أعرفها، بما في ذلك “محمد أمين بيروتي”.

ويتابع “بحثت في غوغل عن الاسم للتأكيد واكتشفت أنني فقدت أحد أصدقائي المقربين؛ بحلول الساعة 10 صباحًا، علمت أن ما لا يقل عن ثمانية أعضاء من جامعة تورنتو قد قتلوا، من بينهم ستة طلاب، ثلاثة من هؤلاء الطلاب الستة كانوا أصدقائي.

كان محمد أمين بيروتي صديقا بالنسبة لي، وصفه معلموه بأنه قائد بالفطرة وشاب طموح لديه أفكار مشرقة، وكان معظم ركاب الرحلة PS752 مواطنين كنديين إيرانيين أو طلابًا مثل أمين عادوا إلى كندا بعد عطلة عيد الميلاد.

نصب تذكاري لرحلة الطائرة الأوكرانية

يواصل كمال الدين تذكر ما حدث فيقول: “اجتمعنا جميعًا على الفور بعد سماعنا بتحطم الطائرة وتلقينا الكثير من الدعم من مجتمعنا المحلي، بما في ذلك الجامعة والمدينة والمسؤولون الحكوميون وحتى جيراننا، لم نتمكن من التوقف عن الحزن على الأرواح التي فقدناها، لكننا كنا نأمل أن يساعدنا النصب التذكاري في ليلة الجمعة على الهدوء قليلاً.

ويكمل “كان النصب التذكاري بمثابة تذكير لنا جميعًا بمدى اهتمامنا ببعضنا البعض ومدى تقديرنا لصداقاتنا؛ ساعدنا حزننا ودموعنا وعواطفنا على الحفاظ على أملنا وقوتنا على الرغم من هذه الأوقات الصعبة، بعد الذكرى، ظللت أذكر نفسي أن هذه ليست نهاية العالم، لقد فقدت ثلاثة أصدقاء جيدين، ولكن على الأقل لم تكن الحرب العالمية الثالثة في الأفق.

في وقت متأخر من مساء الجمعة، اكتشفت برعب أن الطائرة أسقطت بصاروخين أطلقتهما إيران نفسها، بدأ هذا نوعًا من الحرب العالمية.

 

عشقوا الوطن فرماهم نظامه بالصواريخ.. حكايات بين ركام الطائرة الأوكرانية المنكوبة
لم يستطع ركاب الطائرة الأوكرانية المنكوبة من الإيرانيين المهاجرين الاستقالة من حب الوطن، رغم تمردهم على نظام الحياة الخانق بإيران وبحثهم كالطيور المهاجرة عن طريق جديد بلا سقف يستطيعون فيه التحليق حتى عنان السماء، عادوا إلى وطنهم، مهندسين، وأطباء، وعلماء، ونابغين في مجالات عديدة، صبايا وشبابا وكهولا عادوا يستنشقوا بعضا من نسيم الوطن بصحبة من تبقى من عوائلهم، ولكن الأنظمة المستبدة ترى في حب الوطن جريمة وتحوله دائما لـ”حب من طرف واحد”، هكذا كان حال ركاب الطائرة الأوكرانية التي أقلت الرحلة رقم PS752.