تواجه إيران انتقادات واسعة على خلفية ما أسمته تقارير إعلامية، وبحثية الإرهاب الإيراني و “تصدير دبلوماسيين إيرانيين إرهابيين إلى أوروبا”، فيما تؤكد مراكز بحثية كان آخرها معهد “غيتستون” الذي قال إن “الاتحاد الأوروبي إذا ما قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران فإنه سيقدم لنفسه، وللعالم الحر خدمة كبرى، وينقذُ البلادَ من مؤامرات إيرانية على الأراضي الأوروبية، ويقطع الطريق امام الإرهاب الإيراني”.

وحاولت إيران مراراً وتكراراً بناء علاقة من الثقة مع أوروبا، في مختلف الجوانب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، بيد أن هذه العلاقات كانت عرضة للتذبذب، وتباينت المواقف بينهما إزاء العديد من القضايا، والمرتكزات السياسية، بسبب ما أسمته الولايات المتحدة الأمريكية الإرهاب الإيراني، وفق مراقبين.

البرنامج النووي، و الإرهاب الإيراني

ومن أبرز المشكلات التي تعتبر من قبيل الإرهاب الإيراني، والتي أثرت في هذه العلاقة إصرار إيران على برنامجها النووي، وسعيها إلى امتلاك دورة الوقود النووي، مع رفضها الالتزام بالقرارات الأوروبية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم.

كما تتهم إيران أيضاً بتقديم دعم لا محدود للتنظيمات، والجماعات الإرهابية، إلى جانب الضغوطات التي تمارسها إيران، ونظامها على الحقوق، والحريات التي تعد أولوية بالنسبة لأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من سعي أوروبا إلى اتخاذ أسلوب مختلف في التعامل مع إيران عن الولايات المتحدة الأمريكية، التي سعت إلى المقاطعة، لا سيما في عهد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي أوقف الاتفاق النووي مع طهران، والذي تم توقيعه في عهد الرئيس الأمريكي الذي سبقه باراك أوباما، إلا أن إيران ما تزال تُصر على المضي في سياستها.

الإرهاب الإيراني

عناصر أمنية فرنسية بعد تنفيذ عملية إرهابية أمام كنيسة نوتردام – رويترز

هل انتهى الإرهاب الإيراني باغتيال سليماني ؟

أعلنت أوروبا من خلال ألمانيا التي تتميز بعلاقات متميزة مع إيران عن تحول كامل في العلاقات، لاسيما وأن ألمانيا أيدت مقتل قائد الحرس الثوري السابق قاسم سليماني، واعتبرته بأنه كان مصدراً لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، كما قدمت برلين دعماً كبيراً وواسعاً للهجمات الأمريكية ضد مليشيات الحشد الشعبي.

الحكومة الإيرانية حينها، حاولت الضغط على برلين من خلال استدعاء القائم بالأعمال الألماني في طهران، من أجل الضغط على برلين التي كانت أكثر الدول تأييداً للاتفاق النووي مع طهران، والذي سرعان ما نسفه ترامب.

مجاهدي خلق والإرهاب الإيراني

وتُحاول إيران التذرع مراراً وتكراراً بمنظمة “مجاهدي خلق” المعارضة للسياسة الإيرانية؛ حيث أحبطت القوات الأمنية الفرنسية هجوماً إيرانياً كان مخططا له باستهداف مؤتمر كبير للمنظمة، كما اتُهم الديبلوماسي في السفارة الإيرانية في بلجيكا أسدالله الأسدي بالهجوم الفاشل.

الأسدي كان أمر بتسليم متفجّرات وصاعق إلى عميلين من المجموعة الإرهابية، وطلب الادعاء العام في فرنسا الحكم على الأسدي بالسجن 20 عاماً كحد أقصى، وعلى اثنين من شركائه بالسجن 18 عاماً، ومتهم آخر بالسجن 15 عاماً، وتجريدهم من الجنسية البلجيكية.

لكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمر الأسدي بأن لا يمثل أمام المحكمة، وكان أكثر جرأة لدرجة أنه هدّد سلطات الاتحاد الأوروبي بأن “وكلاء إيران سينتقمون في حالة إدانته”.

الإرهاب الإيراني

شرطة مكافحة الشغب الفرنسية – رويترز

الأحوازي: الإرهاب الإيراني ليس جديداً

وقال الخبير في الشأن الإيراني حسن راضي الأحوازي لـ “اخبار الآن“: “الإرهاب الإيراني ليس جديداً خاصة في الدول الأوروبية، وقد بدأت وتيرته مع بداية الثورة الإيرانية”، مشيراً إلى أنه “تم اغتيال العديد من أنصار النظام البهلوي السابق على الأراضي الأوروبية والعديد من المعارضين للنظام الإيراني الحالي في خطورة تعكس حكم الإرهاب الإيراني”.

وأوضح الأحوازي أن “أوروبا طردت العديد من السفراء الإيرانيين الذين ثبت تورطهم بالإرهاب الإيراني، كما اعتقلت العديد ممن يرتبطون بالسفارات، والحرس الثوري الإيراني، وفيلق القدس، وقد ثبتت هذه التهمة مراراً على النظام الإيراني”.

وإزاء الموقف الأوربي من الإرهاب الإيراني، بين الأحوازي أن  “أوروبا اعتقلت العديد من العملاء الإيرانيين، كما قامت بطرد بعض الدبلوماسيين في دول مثل هولندا، والدنمارك، والسويد، وبلجيكا”.

لكن الرد ليس على مستوى الحدث والجرائم التي ترتكبها إيران والتي تمثل استهدافاً للاستقرار والأمن في أوروبا، كان يستلزم على أوروبا أن تتعامل بشكل أكثر حزما وشدة مع الإرهاب الإيراني، من خلال قطع العلاقات على اعتبار أن إيران لا تحترم العلاقات الدبلوماسية والسياسات الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وفق الأحوازي الذي اعتبر أنه “بغير ذلك سيستمر النظام الإيراني، فيما يقوم به للوصول إلى أهدافه”.

وإزاء استهداف إيران للتنظيمات المعارضة لنظام ولاية الفقيه وخامنئي، أوضح الأحوازي أن الإرهاب الإيراني لا يقتصر على استهداف مجاهدي خلق، وإنما يمتد إلى حركة النضال العربي لتحرير الأحواز وقيادات أحوازية أخرى والذين يعتبرون بمثابة لاجئين على الأرض الاوروبية ويتعاملون مع الدول التي يقيمون فيها، وفقا للقوانين والعهود والمواثيق الدولية.

وتابع: “هؤلاء يعملون في الإعلام والعمل السياسي ولم يرفعوا السلاح، حتى لو كانت إيران تعتبرهم إرهابيين وتريد أن تلصق بهم هذه التهم”، مشيراً إلى أن إيران تريد من إلصاق التهم بهم تبرير الإرهاب الإيراني على الأراضي الأوروبية”.

وحول العملية الإرهابية باستهداف مؤتمر لمنظمة مجاهدي خلق، بين الأحوازي أن السلطات الأمنية الفرنسية، عندما تتحدث عن محاولات إيرانية لمخطط إرهابي، وكدولة قوية في المجال الأمني فإنها لا تتحدث من فراغ؛ فالعديد من الحالات والاستهدافات التي يقوم بها النظام الإيراني  تأتي في إطار تصفية معارضين سياسيين”.

زهير: أوروبا لن تقطع علاقاتها مع إيران

من جهته، قال المحلل السياسي ناصر زهير لـ “أخبار الآن“: إن “وجهة النظر الأوروبية في التعامل مع الإرهاب الإيراني هي الموازنة بين خطر الجماعات الإرهابية، والحفاظ على العلاقات مع إيران”.

وتابع زهير أن “التعامل مع المنظمات الإرهابية أصبح أكثر حدة بالنسبة لأوربا؛ ذلك أن الأوربيين اختاروا المواجهة مع إيران سواء الجماعات السياسية التي ترتبط بها أو النشاطات الإيرانية، فمثلا في هامبورغ تم اكتشاف أن مدير المركز اللإسلامي الديني هو ضابط في الحرس الثوري الإيراني، وتم اعتقاله، والضغط عليه”.

أما إزاء قطع العلاقات مع إيران، قال زهير “لا يوجد شيء اسمه قطع العلاقات مع إيران رغم كل العداء لكن يجب أن تبقى العلاقات الدبلوماسية”، لافتاً إلى أن “العلاقات مع إيران بعد انتخاب بايدن ستعيد الاتفاق النووي مع توسيع الصلاحيات بسبب وجود تناغم بين الطرفين الأوروبي والأمريكي بشأن الاتفاق النووي”.