أخبار الآن | كاراكاس – فنزويلا (متابعات)

في الوقت التي تشهد فيه فنزويلا توتراً على خلفية تظاهرات مئات الآلاف من الأشخاص مطالبين بإسقاط الحكومة واستقالة الرئيس نيكولاس مادورو، طفت التساؤلات عن مصير حزب الله أكبر مناصري هذه الدولة.

إيران الحليف الاستراتيجي لفنزويلا

وستؤثر الأحداث المتسارعة حتماً على أكبر حلفاء مادورو في الخارج، خاصةً في الشرق الأوسط، بدايةً من إيران، الحليف الاستراتيجي لفنزويلا، إذ يرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية وسياسية وثيقة، حيث يعمل حزب الله مباشرة مع الحكومات المزعزع استقرارها مثل فنزويلا، في الأنشطة الإجرامية مثل غسل الأموال من بيع المخدرات والأسلحة والسلع غير المشروعة، حتى أصبحت هذه الأنشطة حاسمة بالنسبة لحزب الله وإيران في الأشهر الأخيرة ما أدى إلى توالي العقوبات الأمريكية الواسعة، وحرب أسعار النفط، والصدمة الناجمة عن فيروس كورونا  إلى إضعاف الاقتصاد الإيراني وبالتالي خفض الدعم الإيراني لحزب الله.

ولم تقف هذه العلاقات عند حد التعاون التجاري، والنفطي، والاقتصادي، من استثمارات بمليارات الدولارات موزعة بين إنشاءات سكنية، وبنوك، ومصانع إنتاج سيارات، أو حتى التعاون السياسي، بل امتدت لتشمل خاصةً الأنشطة العسكرية، والاستخباراتية.

وارتبطت طهران وكاراكاس بعلاقات قوية من مبدأ “مواجهة الغرب”، وعلى رأسه الولايات المتحدة، يبدو أن كلا من إيران وفنزويلا متحالفان في سعيهما العاجل لتخفيف العقوبات الأمريكية، على الرغم من وجود تحديات داخلية شديدة تشهدها كلتا البلدين، لم تمنع جائحة كوفيد 19 النظام في طهران من تقديم الدعم للميليشيات المزعزعة للاستقرار في الدول العربية وخارجها.

أصابع الاتهام تشير لفنزويلا لتسهيل الحضور الإيراني في أمريكا اللاتينية

وهو الأمر الذي دفع الاستخبارات الأمريكية، إلى اتهام حكومة فنزويلا، بتسهيل الحضور الإيراني في أمريكا اللاتينية، عبر شركات تجارية وظفها الإيرانيون للانطلاق نحو دول المنطقة.

 وكان من أبرزها مشروع كاساندرا، الذي تم إطلاقه في عام 2008، والذي كان كضربة لمواجهة تمويل حزب الله من مصادر غير مشروعة، خلال ثماني سنوات من التحقيق ، بما في ذلك التنصت على المكالمات الهاتفية والعمليات السرية والمخبرين ، قامت 30 وكالة أمنية أمريكية وأجنبية بتتبع شبكة وأنشطة حزب الله، بما في ذلك شحنات الكوكايين الكبيرة بشكل خاص عبر أمريكا اللاتينية إلى الولايات المتحدة وأوروبا وغرب إفريقيا والشرق الأوسط.

ولدعم حضورها في المنطقة استثمرت إيران في فنزويلا عبر شركاتها “إيران خودرو” لتصنيع السيارات، وشركة نفط “بتروفارس”، وغيرها من الشركات في مجال إنتاج الأسمنت، ومصانع للبتروكيماويات، وغيرها وضخت فيها مليارات الدولارات في فنزويلا.

وإضافة إلى ذلك، أظهرت تقارير مسربة، أن الكثير من الإيرانيين التقنيين في هيئات مرتبطة بالمناجم والجيولوجيا في فنزويلا، والتي بدورها تجري دراسات بمساعدة إيران، لتخصيب اليورانيوم واستخدامه في الأسلحة النووية، التي تطورها طهران.

تجارة غير مشروعة عبر شخصيات من أصول عربية

ليس هذا فقط بل حل  بعض الفنزويليين من أصل عربي في التواصل الدولي الإيراني وجمع الأموال في نصف الكرة الغربي، وكان من بين الشخصيات الرئيسية في هذه الشبكة أسماء تشمل طارق زيدان العيسمي، غازي نصر الدين ، فوزي كنعان.

العيسمي، الفنزويلي من أصل سوري ولبناني، ونائب الرئيس السابق لفنزويلا ، تمت مصادقته من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة، وهو مدرج الآن على قائمة المطلوبين في إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية. بصفته مهرب مخدرات محدد خصيصا وفقًا لقانون Kingpin.

يليه غازي نصر الدين، الفنزويلي من أصل لبناني الذي عمل كدبلوماسي فنزويلي في دمشق وبيروت، ويسر منح التأشيرات وجوازات السفر، وجمع الأموال وغسلها لحزب الله، تم اعتماد نصر الدين من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية وإضافته إلى قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي للحصول على معلومات – قائمة الإرهاب.

وبحسب الحكومة الأمريكية، التقى نصر الدين بكبار مسؤولي حزب الله في لبنان لمناقشة مثل هذه الأنشطة، كما تم الوصول  لكنعان، وهو فنزويلي آخر من أصل لبناني، لاستخدامه وكالة بيبلوس للسفريات في فنزويلا في تمويل أموال للبنان لمساعدة حزب الله.

شبكة الجرائم العالمية التابعة لحزب الله

ورغم العقوبات الأمريكية على كل من إيران وفنزويلا منذ سنوات، والتي أدت إلى أزمة اقتصادية وانهيار اعتبره البعض “كارثياً” استمر البلدان في تعزيز تعاونهما، ليس دائماً لأهداف اقتصادية بحتةً، لكن على أساس الاشتراك في العداء للولايات المتحدة، التي تنظر بانزعاج للحضور الإيراني في حديقتها الخلفية بالقارة الأمريكية.

قام الرئيس الإيراني السابق ، محمود أحمدي نجاد ، بزيارة فنزويلا مراراً وتكراراً لمحاولة زيادة التعاون بين البلدين ، بما في ذلك إنشاء رحلة طيران من كراكاس إلى طهران من قبل شركة الطيران كونفياس الفنزويلية مع توقف مؤقت في قاعدة عسكرية سورية. بحلول مارس 2019 ، تبنت شركة ماهان إير الإيرانية هذا المسار كرحلة طيران بدون توقف.

وقبل أيام قليلة، كشف النائب المعارض للرئيس الفنزويلي، أميركو دي غرازيا، في تقرير بصحيفة أمريكية بالإسبانية “دياريو دي لاس أميركاس”، إشراف ميليشيات “حزب الله” على مناجم ذهب في فنزويلا لتمويل أعمالها الإرهابية حول العالم، بدعم ومباركة من السلطات الرسمية.

وقال غرازيا إن حزب الله يمتلك منجمين للتنقيب عن الذهب ضمن مشروع “آمو”، وهو اختصاراً لاسم Arco Minero del Orinoco أي “قوس التعدين” الذي يمتد على مساحة 112 ألف كيلومتر مربع من ولاية “بوليفار” جنوب شرق فنزويلا، ومواقع أخرى مثل منجم “لاس روسيتاس” بالإضافة إلى “سيوداد بيار” وبحيرة “غوري”، بغرض تمويل عملياتها الإرهابية، لخدمة أجندة النظام الإيراني.

FILE PHOTO: Venezuela's President Nicolas Maduro holds a gold bar during a meeting with representatives of the mining sector in Puerto Ordaz, Venezuela, December 5, 2017. Miraflores Palace/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS PICTURE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY./File Photo

وفنزويلا ليست الدولة الوحيدة التي تستغلها ميليشيات حزب الله، للنشاط فيها بهدف تمويل عملياتها، والابتعاد عن أنظار المراقبين لأنشطتها في الشرق الأوسط، بفضل انتشار عشرات المؤيدين الفنزوليين للحزب، بتوجيه من القيادة السياسية، إلى جانب وجود جالية كبرى من أصول لبنانية موالية له في دول أمريكية عدة.

وفي هذا السياق كشفت تقارير صحافية في الأسابيع القليلة الماضية مثلاً، اعتقال السلطات الإكوادورية، شبكة لتهريب مخدرات تمول حزب الله بـ 70 % من أرباحها، وقبلها بأعوام، اعتقلت كولومبيا شبكة تهريب مخدرات وغسيل أموال كانت على صلة بحزب الله.

ومع استمرار الأزمة في كاراكاس، هل سيبقى الحال كما هو  إذا تنحى مادورو عن حكم البلاد، فهل سيضع ذلك حداً لمشاريع حزب الله التوسعية؟

للمزيد: 

فيروس كورونا لم يكن عرضياً في إيران.. هذا هو سبب انتشاره