أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (وكالات) 

تخيل هذه العيون الواسعة والابتسامة الجميلة والحزن الذي لم ينبغي لطفل بعمره أن يحمله.. 

هذه قصة الصبي الصغير الذي نجا من خطف وأسر جماعة  بوكو حرام  شمال نيجيريا فضلا عن الاحتجاز و التحقيق العسكري الذي خضع له لسلامته الشخصية لم نذكر اسم الطفل أو إلى أي المناطق ينتمي هذا الطفل المهذب الذي يتعلم الانكليزية والذي يفخر بقدرته على العد حتى الرقم 30 يبلغ من العمر حوالي الست سنوات، ولا يمكن التأكد من عمره الحقيقي إذ إنه بنفسه لا يعلم وبالتأكيد ليست لديه عائلة لنسألها.
عندما بدأ يخبرنا بقصته، احتقن وجهه واختنق بدموعه التي ملأت عينيه الجميلتين.

إقرأ أيضا: مسؤول نيجيري: بوكو حرام تتلقى تعليماتها من داعش

الطفل يقول متحدثنا بالهوسا اللغة الدارجة بشمال نيجيريا "أبي توفي، وأمي في الغابات "، ويتابع "عندما أتت جماعة بوكو حرام إلى قريتنا، اختطفوني وأمي وأخواي الاثثنين وابن عمي، عندما علم والدي،  لحق بهم، وعندم علم مقاتلوا بوكو حرام بنيته لإنقاذنا، قاموا بقتله".

يذكر أن بضعة آلاف خطفوا من قبل الجماعة الإرهابية في شمال نيجيريا التي عاثت في البلاد خراباً متسببة بمقتل أكثر من 20.000  وقادت أكثر من مليوني شخص خارج بيوتهم ومناطقهم.
يستمر الصبي والدموع تملأ عينيه بسرد قصته بشجاعة ويقول: "بعد أن قتلت جماعة بوكو حرام والده، أخذتهم الجماعة إلى قرية في الأدغال حيث أجبر على دخول مدرسة قرآنية" ويعتقد الصبي بأنه بقي هنالك لحوالي العام، وهناك انفصل عن والدته ولا يزال مصيرها مجهولا بالنسبة له.
يقول الصبي: "عندما قتل والدي، خفت كثيراً وكان أسوأ شيء يحدث لي، بوكو حرام أخذتني من أمي حتى أدخل المدرسة وهكذا تفرقت عائلتنا".
تنهد الطفل وهو يعيد إحياء الذكريات التي عاشها ويقول: "في ليلة من الليالي قررت انا واخوتي بأننا اكتفينا من قسوة بوكو حرام ، وتحت غطاء  ظلمة إحدى الليالي هربنا حتى وصلنا لقرية حيث الجيش النيجيري وجدنا".

ويكمل " كان الجيش هو من أحضرنا إلى ثكنة جيوا في مايدوغوري "هذه الثكنات العسكرية في عاصمة ولاية بورنو ومكان بوكو حرام"
يقول الصبي بأن الجيش النيجيري لم يسئ معاملتهم لكنهم أعطوهم تعليمات حوا ما يجيب القيام به وما لا يجب القيام به ، إذ إنه لم يسمح لهم بمغادرة المجمع  ، او افتعال المشاكل بين بعضهم ، ومن يحاول التسلل أو الهروب فإنه سوف يضرب .. تلك كانت قواعد الثكنات .

احتجز الجيش النيجري الأطفال الثلاثة في الحجز العسكري لاستجوابهم والتحقيق معهم لعدة أشهر، وفقا لما يقوله الصبي  الناجي من أسر بوكو حرام. بأنه لا يزال يشعر بالرعب، ويصف وقتا مروعا مع الجيش. وقال: "كان عشرات الأسرى السابقين يرقدون في غرف صغيرة".

الطفل يصف الوضع في الثكنات ويقول " كان الطقس حاراً جداً والأطفال ارضع كانوا يموتون "
يتابع الصبي : "كان هناك العديد من المدنيين في ثكنة جيوا، ولا أستطيع أن أقول لكم كم،  في كل يوم يموت أربعة إلى خمسة أشخاص  بسبب الطقس الحار  ، في الغرف كانت درجة الحرارة تتضاعف ولا توجد تهوية، لذلك يموت الناس. وفي الزنازين التي يتم فيها احتجاز النساء، يموت الأطفال الصغار والرضع كل يوم، وكنت خائفا جدا، وفي بعض الأحيان، تبقى الجثث ملقاة هناك، دون مراقبة لأيام قبل أن يخرجوها  ".

الحكومة النيجيرية تطلب من الجيش تكثيف حملته على بوكو حرام

يبكي الطفل مجدداً وهو يروي قصته لكنه يتصنع الشجاعة ويكمل "لقد كانت الثكنات مزدحمة جدا هناك، لذلك تركوا بعضنا نذهب  للحد من عدد الناس في الثكنات".
وقد اتهمت جماعات حقوق الإنسان الجيش النيجيري في مطاردة المتمردين من جماعة بوكو حرام بإساءة معاملة المشتبه فيهم وحتى الأسرى السابقين، بمن فيهم النساء والأطفال، في ثكنة جيوا.
ووفقا لتقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، توفي ما يصل إلى 150 شخصا أثناء احتجازهم في تلك الثكنات في أوائل عام 2016، من بينهم أربعة أطفال و 11 طفلا دون سن السادسة.
بيد ان الجيش ندد بهذه الاتهامات. وقال: من المؤسف نوعا ما أن منظمة ذات سمعة أعلى مثل منظمة العفو الدولية يمكن أن تطلق تقريرا لا أساس له من الصحة ولا أساس له ولا مصدر له، وذلك بقصد إسقاط صورة القوات المسلحة النيجيرية"، وذلك حسب معلومات الدفاع في عام 2016 .

وخلص البيان الى انه لم يكن هناك الكثير من الحقيقة فى التقرير، وقال ان معركة بوكو حرام "الارهابي" ستستمر "حتى يتم ابادتهم".
وأفاد تقرير منظمة العفو الدولية أيضا أن ما لا يقل عن 120 طفلا كانوا من الأطفال الذين كانوا محتجزين في ثكنة جيوا في الربع الأول من عام 2016، منهم 1200 مدني.
وقال التقرير ان "الكثيرين اعتقلوا بشكل تعسفي خلال الاعتقالات الجماعية، دون وجود اي دليل ضدهم".

ويقول الجيش النيجيرى ان المعتقلين يشتبه فى انهم من المتعاطفين مع بوكو حرام الذين قد يكونون خطرين – بمن فيهم اسرى سابقون من الجماعة.
وبعد أشهر عدة، أطلق سراح الشاب الصغير وأدخل دار رعاية حكومية في مركز لإعادة التأهيل مع أخصائيين اجتماعيين  ليتلقى دعم نفسي واجتماعي بتمويل من اليونيسيف، وهي وكالة الأطفال التابعة للأمم المتحدة.

لكن الصغير يفتقد أسرته، ولا سيما أخويه وابن عمه وأصدقائه، الذين لا يزالون رهن الاحتجاز العسكري لأسباب غير واضحة، فضلا عن والدته .
في دار الرعاية الجديد يحرص المعلمون على تنظيم أنشطة لمحاولة إبقاء الأطفال سعداء ومشغولين.
 الصبي الصغير اليوم يرتدي ملابس أبطاله الخارقين ومتحمس لاحتمال حصوله على كرة قدم جديدة لتحل محل الكرة التي ركلها عن طريق الخطأ على الحائط في المجمع المجاور، يتعلم جنبا إلى جنب مع الأطفال الآخرين الذين يشاركونه حياته الآن.

ويذكر أنه في أبريل/نيسان 2014 اختطفت جماعة "بوكو حرام" النيجيرية 276 من التلميذات في شمال شرق نيجيريا. وعرض زعيم هذه الجماعة مبادلة جميع الفتيات مع المتشددين الذين اعتقلوا من جماعته، لكن الحكومة رفضت. وفي أغسطس/أب 2016 نشرت بوكو حرام شريط فيديو زعمت فيه أن التلميذات المحتجزات كرهائن لديها لا يزلن على قيد الحياة، لكن الفتيات المختطفات لم تظهرن جميعهن في هذا الشريط.
للمزيد:

ناجية من "بوكو حرام" تروي قصتها مع الاستغلال الجنسي والعمليات الانتحارية

 

 

تابعوا كذلك بثنا المباشر عبر "يوتيوب" لمزيد من البرامج والنشرات‎