باكستان ، 18 نوفمبر 2013 ، وكالات

في سابقة في تاريخ باكستان الحافل بالانقلابات ….             
أعلنت إسلام اباد الاحد ان الرئيس السابق برويز مشرف سيحاكم بتهمة الخيانة العظمى التي تصل عقوبتها الى الاعدام او السجن المؤبد، وقال وزير الداخلية الباكستاني شودري نثار علي خان الاحد ان باكستان ستحاكم مشرف بتهمة الخيانة العظمى لانه فرض حال الطوارىء في العام 2007 في وقت كان القضاة يطعنون بشرعية حكمه حينها.
             
واوضح خان خلال مؤتمر صحافي بثه التلفزيون مباشرة انه “بعد حكم المحكمة العليا وتقرير سلمته لجنة تحقيق، تقرر بدء اجراءات محاكمة بحق الجنرال برويز مشرف (بتهمة الخيانة العظمى) بموجب المادة السادسة من الدستور”.
             
واضاف “هذا يحصل للمرة الاولى في تاريخ باكستان ولقد اتخذ القرار بما فيه المصلحة الوطنية”، نافيا اي رغبة لدى شريف بالانتقام من مشرف بعدما اطاح الاخير برئيس الوزراء الباكستاني الحالي في العام 1999.
             
واشار الوزير الى ان رئيس المحكمة العليا سيتلقى رسالة من الحكومة تطلب فيها تشكيل محكمة تضم ثلاثة من قضاة المحكمة العليا لبدء المحاكمة بحق مشرف بتهمة الخيانة العظمى. وستعلن الحكومة في اليوم نفسه ايضا عن تعيين مدع عام مختص بهذه المحكمة.
             
وهذا الاعلان المفاجئ جاء مدويا في بلد شهد انقلابات عدة قبل العودة الى ديموقراطية هشة خلال السنوات الخمس الاخيرة لكن ايا من رؤسائه او قادته العسكريين لم يحاكم بتهمة الخيانة العظمى.
             
وقد يؤدي ذلك الى اعادة التوتر بين الحكومة المدنية برئاسة نواز شريف الذي اطاح به مشرف في العام 1999 عندما كان رئيسا للوزراء، والجيش الذي لا يزال يمثل السلطة الاقوى في البلاد اذ تسلم قيادتها طوال اكثر من نصف تاريخها منذ الاستقلال في العام 1947.
             
وتعليقا على هذا الاجراء قال متحدث باسم مشرف ان الهدف من وراء عزم الحكومة محاكمة الرئيس السابق بتهمة الخيانة العظمى هو اضعاف الجيش.
             
وقال المتحدث رضا بخاري “اننا ننظر بكثير من الريبة الى توقيت هذا الاعلان”، مضيفا انه “ليس فقط نحن نرفض بقوة هذه الاتهامات بل اننا نعتبرها محاولة خبيثة لاضعاف الجيش الباكستاني”.
             
واتهم المتحدث باسم مشرف حكومة نواز شريف التي تسعى الى بدء مفاوضات سلام مع حركة طالبان الباكستانية بانها “متعاطفة مع طالبان”.
             
وقاد مشرف (70 عاما) البلاد منذ العام 1999 الذي تسلم فيه الحكم بانقلاب عسكري، وحتى الاطاحة به في آب/اغسطس 2008. وغادر بعد ذلك باكستان الى حين عودته من المنفى في آذار/مارس الماضي. لكن القضاء الباكستاني سارع الى التحرك ضده.
             
وهذا الاعلان المدوي لم يكن متوقعا بعد ان بدت التهديدات القضائية بحق الرئيس الباكستاني السابق وكأنها تتلاشى مؤخرا، خصوصا مع صدور قرار قضائي بمنحه حرية مشروطة.
             
وكانت افشان عادل احدى وكيلات الدفاع عن مشرف قالت اثر الاعلان عن قرار الحكومة ان “هذا القرار لا يقلقنا. سنواجه هذه القضية كما سواها من القضايا التي تمت تبرئتنا منها”. واعتبرت ان الحكومة الفدرالية هي المخولة تحديد اسماء القضاة في المحكمة المولجة النظر في هذه القضية وليس المحكمة العليا.
             
وقد انهى مشرف منفاه الطوعي الذي استمر اكثر من اربع سنوات في اذار/مارس الماضي املا في المشاركة في الانتخابات التي جرت في ايار/مايو الفائت وبـ”انقاذ” باكستان من الازمة الاقتصادية وعدم الاستقرار الذي تؤججه الهجمات المستمرة لمتمردي حركة طالبان الاسلامية المتطرفة.
             
الا ان القضاء الباكستاني سارع الى التحرك ضد مشرف فور عودته من منفاه فأمر بابقائه قيد التوقيف الاحتياطي في الفيلا الفخمة التي يقيم فيها في العاصمة، وذلك في قضايا عدة بينها اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو نهاية العام 2007 واقالته قضاة في العام نفسه، ومقتل اكبر بكتي زعيم المتمردين في ولاية بلوشستان (جنوب غرب) في العام 2006 في عملية عسكرية.
             
وقد عاد مشرف الاسبوع الماضي “رجلا حرا” بحصوله على حرية مشروطة في القضية الاخيرة التي بقي فيها قيد التوقيف الاحتياطي وهي الهجوم الدامي على الاسلاميين المتحصنين في المسجد الاحمر في اسلام اباد في 2007.
             
واثارت هذه القضية شائعات عن امكان ابرام صفقة مع السلطات تتيح لمشرف مغادرة البلاد. الا ان اسمه لا يزال مدرجا على قائمة الشخصيات الممنوعة من السفر. وطلب مشرف من المحكمة السماح له بمغادرة البلاد لزيارة والدته المريضة في دبي. ويرتقب ان تبت المحكمة في هذا الطلب الاثنين.
             
وانتقد المحلل السياسي الباكستاني حسن عسكري بشدة قرار الحكومة محاكمة مشرف بتهمة الخيانة العظمى، معتبرا ان الحكومة تسعى الى حرف الانتباه وجعل الناس ينسون “فشلها” الاقتصادي والامني. ورأى ان هذه السياسة ستؤتي “نتائج عكسية” ومصيرها الفشل لانها “غير ذات مصداقية” بالاضافة الى المخاطر التي تنطوي عليها لناحية امكان اثارة توترات بين المدنيين والعسكريين.
             
كذلك اتهمت افشان عادل محامية مشرف الحكومة بانها قامت بهذه الخطوة في محاولة لتحويل الانظار عن المواجهات بين السنة والشيعة في مدينة روالبندي قرب العاصمة اسلام اباد في اليومين الماضيين والتي اوقعت 9 قتلى و60 جريحا.