نازح يحول خيمته لمشغل للخياطة في مركز للمنكوبين بريف إدلب

  • إقبال على الخيام في شمال سوريا بعد الزلزال

على الجانب الآخر من الآثار السلبية للزلزال المدمر اللذي ضرب الأراضي السورية وخلف آلاف القتلى وتدمير المئات من المباني السكنية. نشط في شمال غرب سوريا عشرات الورش والمشاغل لتفصيل الخيام وصناعتها.

وبعد أن بدأت العوائل السورية في اللجوء إليها هرباً من منازلهم على أثر الزلزال وخوفهم من مصير من سبقهم. حيث زاد الإقبال الشعبي على شرائها من هذه المشاغل عقب نفاذ الكميات المتاحة في الأسواق، والذي أدى بدوره إلى إفتتاح أكثر من 20 ورشة لصناعة الخيام ورفدها بالمئات من العمال وهيأت لهم فرص عمل جديدة لتساعدهم على تحمل أعباء الحياة.

ويجمع معظم أصحاب المصانع أن مصانعهم كانت شبه مغلقة قبل حدوث الزلزال بسبب قلة العمل. وأنهم يعملون بعد الكارثة لأكثر من 10 ساعات لبعضهم و24 ساعة للبعض الآخر.

على إثر الزلزال.. رواج صناعة الخيام في سوريا

كما أن زيادة نسبة المبيعات جعلتهم يطورون أعمالهم عبر زيادة الآلات ورفع أعداد العمال لعدة أضعاف لتغطية النقص وزيادة الطلب من قبل المواطنيين.
ويبدء سعر الخيامة الواحدة من 75 دولارا إلى 300 دولار بحسب الحجم والنوع.

ويطلب المقتدرون وأصحاب الأموال خيمة يصل سعرها إلى 500 دولار لجعلها كمضافة لاستقبال الزوار خارج المنزل خوفاً من الإقامة فيه.

مشغل للخياطة

في مركز إيواء كرم الزيتون للمتضررين بالزلزال بمدينة عزمارين، أقام عصام البلحوس مشروعه الخاص في خيمته التي يسكن فيها، وهو مشغل للخياطة يعمل به هو وزوجته لكسب الرزق ومساعدة أهالي المخيم على حياكة ثيابهم وأغطية خيامهم وفرش خيامهم.

ويعمل البلحوس بأسعار زهيدة بهدف مساعدة المنكوبين وكسب قوت يومه وإكفاء عائلته عن الحاجة للإغاثة والمساعدات، على أمل أن ينمو مشروعه في الفترة القادمة.

عصام أحمد البلحوس نازح من اللاذقية ساكن في مدينة عزمارين في منطقة شمال غرب إدلب بالقرب من الحدود السورية مع تركيا.

يعمل عصام في مهنة الخياطة وهو وعائلته في إحدى المخيمات حيث نزح بعد الزلزال، إذ تهدم منزله ما دفعه لجلب ماكينات الخياطة من محله إلى المخيم ليعمل بها.

يساعد عصام العوائل التي اتت إلى المخيمات بثياب ممزقة من خلال حياكتها من جديد بأسعار زهيدة أو مجاناً للفقراء، كذلك يقوم بخياطة الخيام والشوادر النايلون للعائلات.

بدأ البلحوس العمل منذ اليوم الثاني للزلزال رغم الكارثة التي حلت بالمنطقة، معتبراً أن الحياة يجب أن تتواصل والناس رغم الموت بحاجة للعمل.

أكثر الأشياء التي تطلب من البلحوس هي الشوادر وغرف المد العربي، وتصليح الاسفنح وترقيع ثياب النازحين كالبنطلون والقمصان.

جمع البلحوس بين العمل والمسكن في خيمته، وذلك بسبب عدم وجود مكان لنقل الماكينات لخيمة أخرى، مؤكداً أنه ترك ماكينة في محله بسبب ضيق المكان.

يعاني البلحوس من نقص معدات الخياطة بسبب إغلاق أصحاب محلات الجملة لمحالهم منذ بداية الزلزال كالابر والخيوط، وهو ما يدفعه لاستعارة معدات للعمل.

5 مليارات دولار خسائر

من ناحيته أعلن البنك الدولي، الجمعة، أن الزلزال البالغة قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر وهزاته الارتدادية الكثيرة التي ضربت شمال سوريا، تسببت بأضرار تقدر بنحو 5,1 مليارات دولار. في حين حضت الأمم المتحدة الدول على الإسراع في استقبال لاجئين سوريين من المناطق التي ضربها الزلزال في تركيا المجاورة.

وكانت المنطقة السورية المتضررة من الزلزال، قد تأثرت بشكل خاص جراء الحرب التي شهدتها البلاد منذ عام 2011. والأضرار التي سببتها الزلازل فيها تعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وتشمل 4 محافظات يقيم فيها 10 ملايين شخص، بينهم العديد من النازحين داخليا.

على إثر الزلزال.. رواج صناعة الخيام في سوريا

وقال مدير دائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه في بيان إن “هذه الخسائر تضاف إلى سنوات من الدمار والمعاناة والمصاعب التي يعيشها الشعب السوري”.

وأضاف “يُتوقع أن تؤدي الكارثة إلى تراجع النشاط الاقتصادي الذي سيؤثر بشكل أكبر على آفاق النمو”.

ويدرك البنك الدولي أن هذا التقدير يمكن أن يكون غير نهائي نظرا إلى نقص المعلومات المتعلقة بالوضع على الأرض، مشيرا إلى أن نطاق التقييم يتراوح من 2,7 مليار إلى 7,9 مليارات دولار.

وأوضح البيان أن الأضرار يتركز نصفها في محافظة حلب.

ولا تأخذ هذه التقديرات في الاعتبار الأضرار التي لحقت بالتراث الثقافي، ولا سيما في حلب والمرقب وكوباني، المناطق التي دمرت بالفعل إلى حد كبير خلال النزاع، وهو تراث “تضرر بشدة لكن يصعب تحديد قيمة” هذا الضرر.

استقبال اللاجئين

من ناحية أخرى، حضت الأمم المتحدة، السبت، الدول على الإسراع في استقبال لاجئين سوريين من المناطق التي ضربها الزلزال في تركيا، قائلة إنهم يواجهون صدمة الخسارة والنزوح مرة أخرى. وذلك بعد أن وصل 89 لاجئا سوريا للعاصمة الإسبانية مدريد قادمين من تركيا.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان مشترك إن “الكثير من اللاجئين الذين فروا إلى تركيا بحثا عن الأمان والحماية يواجهون الآن صدمة الخسارة والنزوح مرة أخرى بعدما فقدوا منازلهم وسبل عيشهم”.

وقال رئيس المفوضية فيليبو غراندي “للمساعدة في حماية هؤلاء اللاجئين الأكثر عرضة للخطر، وللمساعدة في تخفيف الضغوط على المجتمعات المحلية التي تأثرت هي نفسها بهذه الكارثة الإنسانية، تناشد المفوضية الدول لتسريع عمليات إعادة التوطين والمغادرة”.

وأضاف أنه نظرا إلى أن العديد من اللاجئين المتضررين من الكارثة “في حاجة ماسة إلى المساعدة، فإننا نحض المزيد من الدول على تكثيف وتسريع العمليات، وإتاحة عمليات مغادرة سريعة من تركيا”.

وتابع أن ذلك سيكون “تعبيرا ملموسا عن التضامن وتشارك المسؤوليات ويضمن في نهاية المطاف حلولا فورية تغير حياة اللاجئين الذين أصبحوا أكثر ضعفا نتيجة للزلازل”.

يشار إلى أن عدد قتلى الزلزال في سوريا ارتفع إلى ما يقارب 6 آلاف شخص في بلد مزقته الحرب التي خلفت نحو نصف مليون قتيل وشردت الملايين ودمرت البنى التحتية. في حين لقي أكثر من 45 ألف شخص مصرعهم جراء الزلزال في تركيا المجاورة.