انتفاضة إيران.. احتجاجات دولية على قمع النظام

عقب استمرار إعدام المتظاهرين في  إيران، ازداد ضغط الدول الغربية على طهران وتم استدعاء سفراء إيران في برلين وباريس ولندن. وفي الوقت نفسه، أعلنت كندا عن فرض عقوبات جديدة ضد طهران، بما في ذلك مؤسسة “15 خرداد” وصحيفة “إيران” الحكومية.

وأعلنت وزير ة الخارجية الألمانية، آنالينا بيربوك، أنها أمرت باستدعاء السفير الإيراني في برلين مرة أخرى، احتجاجًا على عمليات الإعدام الأخيرة في إيران.

وقالت بيربوك في مؤتمر صحافي عقد في برلين: لا مستقبل لنظام يقتل شبابه بهدف بث الخوف في شعبه.

وبعد ألمانيا، أعلنت كل من فرنسا وبريطانيا استدعاء القائم بالأعمال الإيراني لديهما احتجاجًا على إعدام المحتجين.

ونشر وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، بيانًا قال فيه إنه “استدعى القائم بالأعمال الإيرانية في لندن، للإعراب عن إدانته الشديدة لعمليات الإعدام البغيضة في إيران ضد المتظاهرين”.

ومنذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في إيران، فرضت بريطانيا أكثر من 40 عقوبة ضد المسؤولين الإيرانيين “بسبب تورطهم في انتهاك شديد لحقوق الإنسان”.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية عبر تويتر، إن القائم بالأعمال الإيرانية في باريس اطلع على “أشد إداناتنا إزاء الإعدامات والقمع في إيران”.

هؤلاء يمكنهم إسقاط النظام في إيران.. من هم؟

انتفاضة إيران.. من هي أبرز الشخصيات المعارضة؟

وفي ظل إزدياد الضغط الدولي على طهران مع استمرارها بتضيق الخناق على الشعب الإيراني تواجه إيران تنديداً ورفضاً لقمعها من قبل عدة شخصيات في الخارج  والداخل إن كان ناشط في مجال حقوق الإنسان، وأسطورة كرة قدم، وأمير، وزوج مكلوم وناشطة نسوية وممثلة هوليوودية.

هذه المجموعة المتباينة من الأشخاص تحمل آمال وأحلام العديد من الإيرانيين في الداخل والخارج.

غير أن المحتجين يأملون أن تتحد هذه المجموعة غير المتجانسة، لتشكل ائتلافاً قادراً على إزاحة رجال الدين من السلطة.

وقد اندلعت الاحتجاجات في إيران إثر وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجاز الشرطة لها في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.

وكانت أميني قد اعتقلت بزعم عدم ارتدائها الحجاب “بشكل صحيح ولائق”. وقتل ما لا يقل عن 500 شخص في المظاهرات كما سُجن ما يقرب من 20 ألفاً.

لكن على الرغم من المناشدات والمطالبات التي لا تعد ولا تحصى لها، لم تتمكن تلك الشخصيات المعارضة من توحيد صفوفها.

ومع ذلك يرى بعض الخبراء السياسيين أن عدم وجود هيكل موحد يشكل قوة في الوقت الحالي.

يقول محمد برزنجه، المحلل السياسي المقيم في مدينة لندن بمقاطعة أونتاريو في كندا، “لأن هذه الحركة الاحتجاجية لا مركزية وحديثة، لا يمكن للنظام إخمادها بقتل أو اعتقال قيادتها”.

ويمضي للقول: “لكن مع تطور الحركة، ستحتاج إلى قيادة سياسية لتحديد الاستراتيجية، بينما ستحتاج الشعارات إلى دعم شيء ما بدلا من أن تكون ضد شيء ما”.

ويضيف أن “المرأة، الحياة، الحرية” هو شعار الاحتجاج الإيجابي الوحيد حتى الآن.

محتجزون داخل إيران

كان آخر زعيم معارضة يتحدى المؤسسة الدينية داخل إيران هو مير حسين موسوي، المرشح الرئاسي في انتخابات عام 2009.

وقد ظل رهن الإقامة الجبرية منذ ذلك الحين وبات حاليا ضعيفا للغاية. وقد تمخضت تلك الانتخابات عن حركة احتجاجية عرفت حينها بـ “الحركة الخضراء”، حيث خرج الملايين إلى الشوارع للاحتجاج السلمي على ما وصفوه بالاقتراع المزور لإعادة انتخاب الزعيم المتشدد الرئيس محمود أحمدي نجاد.

وقد سُجن أو هُمّش العديد من الإصلاحيين الذين انتقدوا النظام عبر السنوات التي تلت تلك الحركة. وفقد معظمهم مصداقيتهم بين الشباب الذين أصيبوا بخيبة أمل بعد عقود من الوعود التي لم تتحقق، والاقتصاد المتعثر .

هؤلاء يمكنهم إسقاط النظام في إيران.. من هم؟

مير حسين موسوي، رئيس وزراء سابق ومرشح رئاسي حاول تغيير النظام من الداخل ( غيتي)

ويبدو أن السجينتين السياسيتين البارزتين نرجس محمدي ونسرين ستوده تتمتعان بفرص أفضل لكسب دعم المتظاهرين مقارنة بموسوي، لكنهما قد لا تكونان قادرتين على حشد الدعم الكافي للعب دور قيادي.

وتحظى كلا السيدتين بالاعتراف عالمياً لعملهن في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والسعي لتعزيزها داخل إيران.

وقد تعرضت نرجس محمدي للاضطهاد من قبل السلطات لمعارضتها عقوبة الإعدام.

أما محامية حقوق الإنسان نسرين ستوده فتعارض مسألة فرض الحجاب، وقد تعرضت للحبس الانفرادي ومُنعت من ممارسة المحاماة أو مغادرة البلاد.

هؤلاء يمكنهم إسقاط النظام في إيران.. من هم؟

نرجس محمدي محتجزة في سجن إيفين الإيراني سيء السمعة – غيتي

ونظراً للقمع السائد داخل إيران، يتهم الكثيرون الشخصيات السياسية المقيمة في المنفى بتشجيع الناس على المخاطرة بحياتهم في قتال نظام عنيف، في حين أنهم يعيشون في أمان في الخارج.

وقد امتنع زعماء المعارضة في الخارج حتى الآن عن دعوة الإيرانيين داخل البلاد إلى النزول إلى الشوارع، ولكنهم لم يتوانوا عن امتداحهم.

وعلى الرغم من انتشار حركة الاحتجاج الحالية، إلا أنها لم تشهد خروج الملايين إلى الشوارع كما حدث في عام 2009.

يقول برزنجه: “لإحداث فرق حقيقي، يجب أن تصل احتجاجات الشوارع إلى حشد كبير يشكل منعطفا حرجا وهذا لا يمكن أن يحدث إذا كان من المتوقع أن يتحدى أشخاص من خارج الجيل زد (مواليد منتصف التسعينيات إلى منتصف العقد الأول من الألفية الثانية) قوات الأمن”.

المنفيون المقيمون في الخارج

كان رضا بهلوي حاضراً وثابتاً في مشهد المعارضة الإيراني حيث يجسد الشعور بالحنين إلى حقبة ما قبل الثورة.

وبرز بهلوي مجدداً على الساحة بعد أن شوهد بعض المتظاهرين الشباب يهتفون باسمه ويدعون إلى عودته إلى إيران، في احتجاجات عام 2018.

لكن إحجام رضا بهلوي عن القيام بدور أكثر فاعلية، وإفصاحه عن تفضيله قيام جمهورية قد لا يترشح فيها لمنصب الرئاسة، قد خيب آمال العديد من أنصاره.

هؤلاء يمكنهم إسقاط النظام في إيران.. من هم؟

لدى رضا بهلوي الكثير من الداعمين في صفوف المعارضة

وهناك زعيم معارضة محتمل، ألا وهو علي كريمي، المصنف أفضل لاعب كرة قدم آسيوي عام 2004.

يعيش كريمي الآن في دبي ويتواصل مع الإيرانيين في الغالب من خلال صفحته على إنستغرام وحسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

يرغب العديد من مؤيديه في أن يتولى دوراً قيادياً في البلاد، لكن النقاد يعتقدون أنه لا يتمتع بالكاريزما والخبرة السياسية اللازمتين لقيادة مثل هذه الحركة الواسعة.

هؤلاء يمكنهم إسقاط النظام في إيران.. من هم؟

علي كريمي نجم كرة القدم الذي يدعم الاحتجاجات

وقد وضعت أحداث غير متوقعة طبيب الأسنان حامد إسماعيليون في دائرة الضوء.

إذ يعد إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية (PS752) من قبل الحرس الثوري الإسلامي في يناير/ كانون الثاني عام 2020 أحد أكثر الأحداث مأساوية في تاريخ إيران الحديث.

وقد حول ذلك الحادث الأليم حامد إسماعيليون الذي فقد زوجته وابنته في تلك الرحلة، من أب وزوج مكلوم إلى شخصية معارضة جريئة.

لكنه يرفض لقب زعيم أو حتى ناشط سياسي، قائلاً إنه يفضل أن يُعرّف بالناشط الاجتماعي.

لقد نجح في إقناع عشرات الآلاف من الإيرانيين المغتربين في جميع أنحاء العالم بحضور التجمعات المناهضة للنظام.

هؤلاء يمكنهم إسقاط النظام في إيران.. من هم؟

تحول حامد إسماعيليون من أب وزوج مكلوم إلى معارض بارز

أما نازانين بونيادي، الممثلة الهوليوودية والشخصية الأكثر تناولاً في الصحف الشعبية، فيبدو أن عدم انخراطها في السياسة بشكل علني يجعلها تحظى بشعبية لدى العديد من الإيرانيين، لكن الاعتراف بها داخل البلاد قد يكون أكبر عقبة أمامها في الوقت الحالي.

ونازانين بونيادي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، درست الطب، وقد زارت وطنها مرة واحدة فقط في سن الرشد.

ويبدو أن عدم انخراطها في السياسة بشكل علني يجعلها تحظى بشعبية لدى العديد من الإيرانيين، لكن الاعتراف بها داخل البلاد قد يكون أكبر عقبة أمامها في الوقت الحالي.

هؤلاء يمكنهم إسقاط النظام في إيران.. من هم؟

نازانين بونيادي من ممثلة هوليوودية إلى ناشطة حقوقية – غيتي

في مشهد تضامن غير مسبوق، غردت جميع الشخصيات القيادية المنفية برسالة العام الجديد نفسها.

وجاء في الرسالة “أظهر عام 2022 مجد تضامن الإيرانيين.. وسيكون 2023 عام الانتصار والحرية والعدالة”.

ومن غير المعروف ما إذا كانت شخصيات المعارضة داخل إيران لم ترغب في تكرار البيان أم لم تتمكن من ذلك، الأمر الذي قد يكون مؤشرا على مدى صعوبة تحديد الحالة المزاجية للشارع الإيراني.