تاريخ حافل بالتعنت في مجلس الأمن

  • روسيا استخدمت “الفيتو” مرارا لصالح النظام في مجلس الأمن
  • ملايين السوريين مهددون بالموت في حال إغلاق معبر باب الهوى
  • لقاحات كورونا بالكامل تصل إلى الشمال السوري عبر المعبر

ساعات تفصل قبل بت مجلس الأمن في مشروع قرار تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، وسط تصاعد الخلاف بين روسيا والصين من جهة وباقي الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن من جهة أخرى، حول تمديد القرار الذي يسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر معبر باب الهوى مع تركيا.

موسكو وبكين، لوحتا بإمكانية رفض مشروع قرار التمديد، معتبرتين أنه في حال الموافقة عليه سيشكل انتهاكا لسيادة الدولة السورية، فيما يصر باقي الدول الأعضاء على تمديد دخول المساعدات الطبية والإنسانية عبر معبر باب الهوى مع تركيا واستئناف دخول تلك المساعدات عبر معبر اليعربية على الحدود مع العراق.

ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن دبلوماسيين قولهم، إن روسيا لم تحضر مفاوضات مجلس الأمن، خلال جلسة تمهيدية للمجلس حول وصول المساعدات عبر الحدود إلى سوريا.

وتواصل موسكو تعنتها عبر استخدام حق النقض (الفيتو) داخل مجلس الأمن لأي مشروع قرار يساهم في إيجاد حل في سوريا أو حتى إدانة النظام السوري، وكذلك إدخال المساعدات إلى البلاد، وهو ما يتوقعه مراقبون في جلسة التصويت المزمع عقدها غدا الخميس.

السوريين - مساعدات

صناديق مساعدات إنسانية في مخزن بالقرب من معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية – رويترز

روسيا في حال عرقلت مشروع قرار التمديد، فإن ذلك لن يكون جديدا على حليف النظام وداعمه الأبرز، والتي لطالما عرقلت أي محاولة لإيجاد حلول سياسية أو إنسانية لا تطابق هواها في البلد الغارق بالدماء منذ عام 2011، لدرجة أن المراقبين باتوا يعرفون نتيجة التصويت لأي مشروع قرار يتصل بسوريا قبل البت فيه من قبل مجلس الأمن.

وكتقريب نورد بعضا من مشاريع القرارات التي عرقلتها روسيا منذ اندلاع الأحداث في سوريا:

فيتو روسي ضد مشروع قرار عربي-أوروبي في الأمم المتحدة حول سوريا يدعو بشار الأسد إلى التنحي عن السلطة (يناير 2012).

روسيا عرقلت صدور بيان عن مجلس الأمن يدين النظام السوري بسبب الهجمات بالصواريخ والبراميل المتفجرة (ديسمبر 2013).

روسيا تعرقل إصدار مجلس الأمن الدولي لبيان يدين الغارات الجوية التي يشنها النظام السوري (يناير 2014).

روسيا تستخدم الفيتو في مجلس الأمن لعرقلة مساعي غربية لإدانة هجوم مميت بالغاز في سوريا والضغط على النظام السوري للتعاون مع المحققين (أبريل 2017).

روسيا تعرقل  مشروع قرار مجلس الأمن حول إدلب (يوينو 2019).

فيتو روسي صيني في مجلس الأمن ضد تمديد آلية المساعدات إلى سوريا (يوليو 2020).

روسيا تعرقل قرارًا بمجلس الأمن يتعلق بالحل في سوريا (فبراير 2021).

ما سبق يعتبر غيضا من فيض التعنت الروسي في مجلس الأمن لصالح النظام السوري، إضافة إلى الصين التي استخدمت حق النقض لمرات عدة لصالح النظام في مجلس الأمن.

ملايين السوريين مهددون بالمجاعة

منظمة “هيومن رايتس ووتش” أوردت تقريرا الشهر الماضي، ذكرت فيه أن ملايين السوريين معرضون لخطر فقدان وصول المساعدات إليهم في حال استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” ضد إعادة تفويض عمل ممر المساعدات الوحيد المتبقي من تركيا إلى شمال غرب البلاد.

المنظمة في تقريرها، أكدت أن معظم سكان شمال غرب سوريا البالغ عددهم أكثر من أربعة ملايين نسمة، بمن فيهم ما لا يقل عن 2.6 مليون نازح، يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية، إضافة إلى لقاحات فيروس كورونا التي تصل إلى السوريين عبر معبر باب الهوى، وفي حال تم إغلاقه أمام المساعدات الإنسانية فإن شحنات اللقاحات سيتعذر ادخالها إلى البلاد.

نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية المعني بالملف السوري “مارك كتس” قال في مقابلة مع أخبار الآن،  “إن ما يزيد على 4 ملايين سوري في شمال شرق البلاد هم بأمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية”.

وأوضح: “الحرب ماتزال جارية منذ 10 سنوات ومعظم النازحين يعيشون في خيم وملاجىء مؤقتة في مناطق لا يوجد فيها ما يكفي من المستشفيات أو العيادات الطبية أو المدارس، والكثيرون منهم لا يملكون ماءً نظيفاً وصرفاً صحياً ويعيشون في ظروف مروّعة.. نحن نقدم مساعدات ضخمة لمساعدتهم ولدينا حالياً أكثر من ألف شاحنة محمّلة بالمساعدات الإنسانية تعبر الحدود مرة كل شهر وتنقل المساعدات لهم وهناك ملايين السوريين الذين يعتمدون على هذه المساعدات ليبقوا على قيد الحياة”.

“كتس” حذر من عدم تجديد آلية دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا وقال: “أكثر من 70 في المائة من المساعدات الغذائية التي دخلت إلى شمال شرق سوريا قٌدمت من قبل الأمم المتحدة، إضافة إلى تقديم المنظمة الأممية  100 بالمائة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، كما أنها قدّمت غالبية مواد الإغاثة، لذلك في حال لم تعد الأمم المتحدة قادرة على تأمين دخول مساعدات الإغاثة إلى شمال شرق سوريا، فإن ملايين الأشخاص سيعانون من جراء ذلك، وستحل كارثة في تلك المنطقة”.

وعن المقترح الروسي المتمثل باقتصار إدخال المساعدات الإنسانية إلى البلاد عبر النظام السوري، قال “كتس”: “لا يمكننا أن نتخلى عن هذه العملية العابرة للحدود لأن حياة عدد كبير من السوريين تعتمد عليها.. السنة الماضية، لم يكن بوسعنا إدخال شاحنة واحدة محملة بالمساعدات عبر المعابر التي يسيطر عليها النظام السوري”.

ومنذ عام 2014، يتم إدخال المساعدات الإنسانية إلى الأراضي السورية عبر أربعة معابر، باب السلام وباب الهوى على الحدود مع تركيا، واليعربية على الحدود مع العراق والرمثا على الحدود مع الأردن، قبل أن يقتصر إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى فقط.

السوريين - باب الهوى

مساعدات إنسانية في مخزن بالقرب من معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية – رويترز

وتصر موسكو حليفة النظام، على تقليص عدد المعابر التي يُسمح من خلالها إيصال المساعدات الإنسانية إلى الداخل السوري، واقتصار إدخال تلك المساعدات عبر النظام فقط.

ومن المقرر أن ينتهي، في 10 من تموز الحالي، تفويض مجلس الأمن لعملية الأمم المتحدة الطويلة الأمد لإيصال المساعدات إلى شمالي سوريا من تركيا، ويحتاج قرار تمديد موافقة المجلس إلى 9 أصوات مؤيدة، وعدم استخدام حق النقض (الفيتو) من أي من الأعضاء الخمسة الدائمين، روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.