أخبار الآن | بغداد – العراق (أحمد التكريتي)

تواجهُ إيران خطاباً عراقياً جديداً لم تعتد عليه من قبل، فبعدَ الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي منتصف الأسبوع الماضي على رأس وفد حكومي رفيع، أظهرت وجهاً آخراً للعراق.

تتعامل إيران مع العراق بشكل منعزل، فصائل مسلحة، أحزاب، رجالُ أعمال، رجال دين، من دون أن تلتفتَ إلى التعامل الصريح والواضح مع الدولة العراقية كنظيرة لها.

ظهرَ الكاظمي خلال المؤتمر الصحافي الأخير مع الرئيس الإيراني حسن روحاني وكأنه استعدّ لرسالة يُرسلها من طهران إلى طهران ومن داخل القصر الحكومي.

وقال رئيس الحكومة العراقية خلال المؤتمر الصحافي إنّ “الشعب العراقي توّاق لعلاقات تعاون مع إيران، وفق خصوصية كل بلد، ووفق مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية”.

ولم يسمع أي مسؤول إيران جملة “عدم التدخل في شؤون العراق” من ِقبَلِ مسؤولٍ عراقي من قبل وداخل العاصمة طهران، فدائماً ما كان الحديثُ دبلوماسي عامْ وبعضهم كان “يشكر إيران على مساعدتها في الحرب ضد تنظيم داعش”.

الضربة الثانية التي وجهها الكاظمي لإيران بعد أنّ هدئها وأثنى على “مساعدة” العراق في حربه ضد “داعش”، هي تلك الجملة التي قال فيها لروحاني، إن “العراق وقف مع إيران اقتصادياً”.

وقال أحدُ المرافقين للكاظمي لـ “أخبار الآن” إن “الحكومة العراقية وقبل السفر إلى إيران اتفقت على الحديث بلهجة قوية لا تُسيء لإيران ولا تُضعف العراق. كان المسؤولون الإيرانيون في استغراب تام لما طرحه الوفد العراقي. كانوا يتناقلون نظرات الاستغراب خلال الاجتماعات”.

وأضاف أن “علي خامنئي أبلغ الكاظمي بضرورة الإسراع بدفعِ مستحقات مالية على العراق تبلغ قيمتها 3.5 مليار دولار من شراء الطاقة، لكن الكاظمي أبلغه بأن العراق سيدفعها على شكل دفعات، وذكره أيضاً بأن العراق ساعدكم كثيراً في مجال الاقتصاد عندما فتح أسواقه أمامكم، فلا تضغطوا عليه”.

ووفقاً للمصدر، فإن “الوفد العراقي أبلغ المسؤولين الإيرانيين بأن العراق لن يدفع هذه المستحقات بالدولار، وسيتم الاتفاق على عملة وطريقة أخرى للدفع بها”.

وخلال لقائه بخامنئي أيضاً قال الكاظمي له: “لا يُمكن أن يستمر الحال بدعمكم لفصائل مسلحة تقوض سلطة الدولة، فإذا أردتم عراقاً قوياً فيجب التعامل دولة لدولة، ونحن لسنا أعدائكم ولسنا منطقة إنطلاق للاعتداء عليكم. الهدوء والاستقرار يشمل الجميع، وكذلك الفوضى”.

وزير المالية والنفط نائب رئيس الحكومة العراقية علي علاوي شكّل صدمة لنظيره الإيراني وبقية المسؤوليين عندما تحدث عن “الميزان التجاري” بين البلدين.

علاوي أبلغهم وفقاً لمصدر حكومي بضرورة أن “يُعاد النظر بالميزان التجاري”، لأن “العراق يشتري منكم ولا يُصدر لكم” على حد لقوله.

مسؤولون إيرانيون قالوا لعلاوي: “أنتم تشترون من الصين أيضاً بمليارات الدولارات، فلماذا نحن بالذات تطلبون منّا ذلك”، فأبلغه بأن “الصين واحدة من أكبر مشتري النفط العراقي وهذا توازن، أما أنتم فلديكم النفط وأسواقنا مفتوحة أمامكم ولا نصدر لكم أي شيء”.

ويبلغ حجم “التبادل التجاري” بين العراق وإيران 12 مليار دولار سنوياً، لكن خُبراء يقولون إن “ذلك لا يُعتبر تبادلاً تجارياً، بل إستهلاكاً عراقياً للمُنتجات الإيرانية، وإن طهران تورد ما نسبته 90% من هذا المبلغ للعراق”، وهو ما يعتبره عراقيون إستنزافاً لأموالهم التي تذهب لدعم الميليشيات والجماعات المُسلحة.

في المحصلة، ستبقى إيران تنتظر مواقفَ عراقية جديدة لم تَألَفها من قبل، وقد تكونُ متوافقة معها أو متضاربة، وهذا ما يُرجح على التوقع الأول وفقاً لمراقبين.

مصدر الصورة: أ ف ب

إقرأ أيضاً

الكاظمي بعد لقائه روحاني: سياسة العراق تعتمد على حسن النية مع دول الجوار