دخلت الاحتجاجات في إيران أسبوعها التاسع، فيما يواصل النظام الإيراني البطش بكلّ الأساليب سعياً لوأد التحركات، لكن عبثاً يحاول إذ أن ما عمليات القتل والقمع التي تحصل تزيد من وتيرة تلك التحركات لدى الشباب الذين كسروا حاجز الخوف في وجه النظام. وفي السياق، تجدر الإشارة إلى أنّ القضاء الإيراني أصدر 3 أحكام جديدة بالإعدام بحق “مرتكبي أعمال شغب”، وفق ما أفاد موقع إخباري رسمي الأربعاء الفائت، ليرتفع عدد ذلك النوع من الأحكام المرتبطة بالاحتجاجات، إلى خمسة.

وبالتوازي مع التحرّكات داخل إيران، الصورة في الخارج ليست بعيدة إطلاقاً عمّا يجري داخل البلاد، إذ تقوم شخصيات إيرانية معارضة كثيرة وفاعلة، بدعم متظاهري الداخل، في مواجهة النظام الديكتاتوري. الممثلة العالمية والناشطة الإيرانية نازنين بنيادي (Nazanin Boniadi) هي واحدة من كثر يعملون على إعلاء صوت الإيرانيين التوّاقين إلى الحرية.  

بنيادي: لا خيار آخر أمامي سوى الاستمرار بالتحدّث باسم الشعب الإيراني

أخبار الآن” أجرت لقاءً خاصاً مع بنيادي فقالت إنّ “النظام الإيراني يستخدم الأساليب نفسها داخل إيران وخارجها لإسكات الشعب”. وفي سياق الحديث عن الحملات والتهديدات المتواصلة ضدّها، أوضحت: “هناك دائماً مخاطرة عندما تنتقد النظام الشمولي أو الديكتاتورية أو النظام الإستبدادي. من الواضح أنّهم يستخدمون الأساليب نفسها داخل إيران لإسكات الشعب، وقد حاولوا استخدامها مع المعارضين الموجودين في الخارج، فهناك قضية مسيح علي نجاد ومحاولة خطفها في بروكلين بنيويورك، كما رأينا الإعتداء على سلمان رشدي في نيويورك، بالطبع هناك مخاطرة. وهناك عمليات خطف حصلت لأشخاص يعيشون في الخارج. مثلاً هم لا يتحدثون عن روح الله زام الصحافي الإيراني الذي خطفته الجمهورية الإسلامية ونقلته إلى إيران حيث تمّت محاكمته صُورياً ومن ثمّ أُعدم”.

وتابعت: “هناك حملات متواصلة ضدّي على الإنترنت، وهناك جيش إلكتروني مخصص لذلك، لكن كميّة الحب وكمية الدعم التي أتلقاها من الشعب الإيراني الموجود في إيران والذي يناضل من أجل التخلّص من تلك الديكتاتورية، والتي يتلقاها عدد كبير غيري خارج إيران، هي التي تشجعنا على الاستمرار. لا يوجد أمامي أيّ خيار آخر، سأستمر بالتحدّث باسمهم، وبالتالي فأنا آخذ كلّ الإحتياطات اللازمة، لكن في النهاية حياة الأبرياء في خطر، هم مَنْ يواجهون الخطر الأكبر، فهم ينزلون إلى الشارع بالرغم من إطلاق الرصاص على أعناقهم، وضرب العصي على رؤوسهم، فهم يموتون من أجل الحرية، فأقل ما يمكنني فعله هو استخدام منصتي لإيصال أصواتهم وسأستمر في القيام بذلك”.

بنيادي: الشعب يُجبر على قول اعترافات كاذبة

وشدّدت بنيادي في حديثها لـ”أخبار الآن على أنّه “من المهم جدّاً أن نُظهر الوحدة في العالمين الإسلامي والعربي والشرق الأوسط، لأنّه لا يمكننا أن نطالب بالحرية لمجموعة معينة فقط، فتلك قضية إقليمية واسعة بالنسبة لنا، وهي لا تتعلق فقط بفرض الحجاب. قد يعتقد بعض الأشخاص أنّ الأمر يتعلق فقط بإلغاء شرطة الأخلاق، أو منح الإيرانيات حرية الاختيار بين ارتداء الحجاب أو لا، الحجاب الإلزامي أصبح رمزاً للقمع الكبير الذي تواجهه النساء في إيران، وبالطبع تلك التظاهرات ليست فقط بشأن حقوق النساء والتمييز الجنسي الموجود في إيران منذ 43 سنة، بل لأنّ الناس في إيران لا تُطبق عليهم الإجراءات القانونية الصحيحة، ولا يخضعون لمحاكمات عادلة، بل يُعذّبون ويُجبرون على قول اعترافات كاذبة”.

وإلى جانب عملها في مجال التمثيل، شغلت بنيادي منصب عضو مجلس إدارة مركز حقوق الإنسان في إيران، وكان تركيزها على الشباب وحقوق المرأة، وحالياً هي سفيرة منظمة العفو الدولية (Amnesty International)، وحول عملها الحالي كناشطة حقوقية وسفيرة في المنظمة.

النجمة الإيرانية نازنين بنيادي لأخبار الآن: نظام خامنئي موّل الإرهاب وصدّره وعليه الرحيل

 

بنيادي: النظام الإيراني موّل الإرهاب وصدّر نهجه في انتهاكات حقوق الإنسان

وأضافت: “هناك حريات كثيرة ممنوعة على الشعب الإيراني، لذلك السبب جميع الإيرانيين نساءً ورجالاً يقفون جنباً إلى جنب ضدّ الديكتاتورية الموجودة في إيران. وأعتقد أنّنا لو تضامنا جميعاً وتحدثنا كمجتمع شرق أوسطي موحّد، وكدول إسلامية، عن رفضنا لذلك الواقع، الأمور ستكون أفضل. هناك صورة معينة مرسومة عن البلدان الإسلامية وهي غير مقبولة، تلك ليست حقيقتنا يجب علينا جميعاً أن نعبّر عن رفضنا لذلك الواقع، نحن نطالب بالحرية لنا جميعاً، كلّ الشعوب الموجودة في المنطقة، وأغلبية شعوب المنطقة تحب السلام والحرية، ويجب أن نتضامن جميعاً من أجل تلك القضية”. 

وتعتبر بنيادي إحدى أصوات الشارعِ الإيراني في الخارج، حيث يرتفعُ على أهمّ المنابرِ الدولية ليكون وقعُه أكبر داخل إيران، وأكثر دوّياً في أروقة النظام الإيراني. وقد اختارت أن تحمل على عاتقها صوتَ الإيرانيين والإيرانيات، تتكلمُ باسمِهم إعلاءً لقضية وطنها المخطوف منذ أكثر من 40 عاماً.

واعتبرت بنيادي في حديثها لـ “أخبار الآن” أنّ النظام الإيراني موّل الإرهاب في الخارج وصدّر نهجه لانتهاك حقوق الإنسان، قائلةً: “النظام الإيراني موّل الإرهاب في الخارج، وهو ليس أكبر ممول للإرهاب فحسب، بل صدّر نهجه لانتهاك حقوق الإنسان إلى الخارج عبر تمويل حزب الله أو مساعدة الأسد في سوريا، والآن طبعاً المسيّرات التي تستعملها روسيا ضدّ الأوكرانيين الأبرياء، واللائحة تطول، هناك أيضاً مقاتلو الحوثي، والوضع في المنطقة غير مستقر بسبب ذلك النظام”. 

النجمة الإيرانية نازنين بنيادي لأخبار الآن: نظام خامنئي موّل الإرهاب وصدّره وعليه الرحيل

 

بنيادي لخامنئي: أفضل شيء يمكنك فعله هو الرحيل

ووجهت بنيادي رسالة لخامنئي عبر “أخبار الآن” مفادها: “بدل الهجوم على المعارضين وقتل الأولاد في الشوارع، وبدل سجن أكثر من 14 ألف متظاهر، وبدل إصدار قرار بالإعدام الجماعي للمعارضين، ما رأيك لو تصغي لشعبك بدل أن تصنفهم بأنّهم أعداء الله، ما رأيك لو تحاول ولأوّل مرّة في حياتك أن تتعاطف قليلاً مع الشعب؟ أليس ذلك أساس الدين، أليس ذلك ما يعلمه الإسلام، الرحمة؟ إذاً أنا أطلب منك أن تُطبق ذلك، لكنني لا أرى أبداً أنّ ذلك النظام، والشعب الإيراني يعي ذلك، الحركة الإصلاحية قد انتهت، وقد رأينا بشكل جلي على مدى 43 علماً أنّ الجمهورية الأسلامية لا يمكن إصلاحها، أفضل شيء يمكنه فعله هو الرحيل، عليه التنحي والسماح لشعبه أن يقرّر مصيره والسير نحو  الديمقراطية”.

النجمة الإيرانية نازنين بنيادي لأخبار الآن: نظام خامنئي موّل الإرهاب وصدّره وعليه الرحيل

 

بنيادي: على العالم أن يفهم أنّ الإيرانيين يريدون إنهاء الحكم الإستبدادي

وأوضحت أنّ هدفها من التحرك الذي تقوم به هو “إسماع صوت الشعب الإيراني الذي يُطالب بالحرية. هناك عريضة لمنظمة العفو الدولية تمّ التوقيع عليها مؤخراً من قبل أكثر من مليون شخص، وتلك العريضة تدعو إلى جلسة خاصة وعاجلة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتأسيس آلية المساءلة عن الجرائم الأكثر خطورة التي ارتكبتها الجمهورية الإسلامية بموجب القانون الدولي، لكن بعد مرور أكثر من 8 أسابيع على بدء تلك التحركات، وبدء أوّل ثورة تقودها النساء، فإنّ تلك الجلسة لم تُعقد بعد، والملفت في تلك العريضة هو أنّه أكثر من 25 % من الموقعين تمثله إيران، وهم متواجدون في الداخل، وذلك يدل على أنّ ما يجري عبارة عن تحرّك كبير ولا دخل للدول الخارجية فيه. يجب أن نكون صوتهم، لكن ذلك الأمر يحدث داخل إيران والمطالب تأتي من الداخل الإيراني”.

وتابعت: “أنا أريد من العالم أن يفهم أنّ الشعب الإيراني لم يعد يطالب بالإصلاحات، بل بإنهاء ذلك الحكم الإستبدادي وإنشاء حكومة ديمقراطية، ونحن مدينون للشعب الإيراني وللعالم بالوصول الى الإستقرار في العالم، ولتحقيق ذلك علينا أن ندعم بأية طريقة ممكنة، بما في ذلك الدخول الى الإنترنت الغير خاضع للرقابة، ليتمكن الإيرانيون من التواصل مع العالم الخارجي ومع بعضهم البعض، لأنّه كما تعلمون الجمهورية الإسلامية لا تقمع المتظاهرين بطريقة وحشية فحسب، لكنّها أيضاً تقطع الإنترنت، ذلك الأمر حصل أيضاً في بيلاروسيا عندما إنتفض الشعب السلطات قطعت الإنترنت، وحرية التواصل والتعبير هي نقطة ضعف السلطات، يجب أن نتأكد من أنّ الإيرانيين يمكنهم الوصول إلى الإنترنت والإتصالات في جميع أنحاء العالم، تلك هي الرسائل التي أحاول إيصالها الى واضعي القوانين حول العالم”.

النجمة الإيرانية نازنين بنيادي لأخبار الآن: نظام خامنئي موّل الإرهاب وصدّره وعليه الرحيل

 

بنيادي: على كل دولة تؤمن بالحرية دعم الشعب الإيراني

وعقدت الولايات المتحدة اجتماعاً غير رسمي لتسليط الضوء على الاحتجاجات في إيران، يهدف إلى البحث عن وسائل دعم إجراء تحقيقات مستقلة وجديرة بالثقة في انتهاكات حقوق الإنسان في إيران. وقد حضرت بنيادي الإجتماع والتقت كلّاً من نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس لمناقشة الوضع في إيران.

في ذلك السياق تقول بنيادي: “كنت متفائلة بعد انتهاء اجتماعاتي لأنّ الإدارة الأمريكية استمعت إلى مطالبنا وأنّها ستتخذ إجراءات ما، ولذلك انعقدت جلسة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان أو بالأحرى لمجلس الأمن والتي تحدثت خلالها، ونحن نحاول اتخاذ المزيد من الخطوات للوصول إلى رأي موحّد حول ذلك الموضوع، لأنّه لا يكفي أن يدعم إيران بلد واحد بل يجب أن تدعمها كلّ دولة تشجع الحرية في العالم، وتفهم أهمية دعم شعب يتوق إلى الحرية”. 

النجمة الإيرانية نازنين بنيادي لأخبار الآن: نظام خامنئي موّل الإرهاب وصدّره وعليه الرحيل

الممثلة الإيرانية نازنين بنيادي خلال لقائها مع نائبة الرئيس الاميركي كامالا هاريس -Getty

بنيادي: لم أرَ في أيّ بلد الشجاعة التي أراها في نساء إيران

وتوجّهت بنيادي في كلمة للمتظاهرين وخصوصاً النساء، فقالت: “أنا معجبة بشجاعتكن، أنتن تضربن مثالاً لبقيّة العالم عن معنى النسوية وحقوق المرأة في وقت ظننا فيه أنّنا نضع مثالاً لما يجب أن تحصل عليه المرأة من حقوق في العالم الحر. أنا لم أرَ في أيّ بلد تلك الدرجة من الشجاعة التي أراها الآن بين النساء اللواتي ينزلن إلى الشارع والشابات المستعدات للمخاطرة بحياتهن، وربّما التعرّض للاغتصاب والتعذيب والسجن والضرب، وإرسالهن إلى مراكز نفسية لإعادة تعليمهن. أحياناً نحن في الغرب نقلق ما إذا كان بوسعنا قول ذلك الأمر أم ذاك، ربّما سنخسر وظيفتنا أو مصدر رزقنا… أنا معجبة بهؤلاء النساء، وهنّ يعلمننا ما هي الشجاعة”.

وأضافت: “أتمنّى أن نتعلّم كلّنا من عدوى الشجاعة تلك… لنقف إلى جانب أخواتنا في إيران وأفغانستان وفي أيّ مكان في العالم تحارب فيه النساء بكلّ ما لديهن للحصول على حقوقهن الأساسية. وآمل أن يصغي العالم لصرخاتهن وندائتهن، للنساء والحياة والحرية، وضدّ الديكتاتورية والاستبداد الموجه ضدّ النساء. وآمل أن نأخذ درساً في الشجاعة من ذلك الوضع ونتعلم من نساء إيران، واعلموا أنّكن لستن وحدكن، سنستمر في إيصال صوتكن والوقوف إلى جانبكن، وهناك العديد من الأشخاص خارج إيران وغير إيرانيين يدعمونكن، أرجوكن لا تستسلمن نحن نحبكم”.

النجمة الإيرانية نازنين بنيادي لأخبار الآن: نظام خامنئي موّل الإرهاب وصدّره وعليه الرحيل

بنيادي تلقي كلمة خلال إحتجاج في كاليفورنبا ضدّ النظام الإيراني – Getty

مقتل 342 متظاهراً بحسب منظمة “إيران هيومن رايتس”

تجدر الإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا فرضوا عقوبات على مسؤولين ومنظمات إيرانية متهمّة بالمشاركة في حملة قمع الاحتجاجات. ومع ذلك، فإنّ كلّ الإجراءات التي اتخذها الغرب محسوبة بعناية للحيولولة دون استعداء طهران وإبقاء النافذة الديبلوماسية مفتوحة. وبناء على ذلك، فإنّ فرص تلبية مطالبة المحتجين الإيرانيين بقطع الدول الغربية علاقاتها مع الحكومة الإيرانية تظلّ ضئيلة.

وقد أدّت حملة قمع الاحتجاجات، وهي الأوسع منذ الاحتجاجات التي شهدتها إيران العام 2019، إلى مقتل 342 متظاهراً بحسب حصيلة جديدة نشرتها منظمة “إيران هيومن رايتس“، بينهم أطفال. وتقلّل السلطات الإيرانية من أهمية تلك المظاهرات، وترى أنّ معظمها عبارة عن أعمال شغب. ومع ذلك، فلم تُسجّل التحركات تراجعاً رغم استخدام النظام الإيراني القوة المفرطة ضد المتظاهرين.

شاهدوا أيضاً: الناشطة الإيرانية شيرين عبادي لاخبار الآن: الشعب يقاتل من أجل الديمقراطية ومصير إيران يقرره الشعب