هربت من طالبان لأنها متهمة بالعمل في مجال تمكين المرأة بالحكومة السابقة

أكثر من ١٣ ساعة قضتها سارة على طريق جبلي وعر من ولاية بغلان إلي ولاية كابول في أفغانستان كي تتفادي الوقوع في يد لجان مقاتلي طالبان على الطريق بين الولايتين، تحملت السيدة الثلاثينية وعورة الطريق رغم حملها في نهاية الشهر التاسع وحالتها الصحية التي كانت تستوجب تواجدها تحت ملاحظة الأطباء بالمستشفى، كل ذلك بسبب وقوعها تحت سيطرة حالة من الرعب، تملكتها بعد تسريب قائمة اغتيالات إليها تضمنت اسمها وأسماء زميلات لها في نفس المكان وهو ما تعاني منه نساء كثر في أفغانستان اليوم.

تقول سارة رحماني في حديثها لـ”أخبار الآن” من داخل مخبئها بمنطقة نائية على مدينة كابول العاصمة “إسمي سارة رحماني كنت أعمل لدى حكومة أفغانستان السابقة قبل سيطرة طالبان، كمستشارة لمحافظ ولاية بغلان وعملت لمدة خمس عشرة سنة في قسم الشؤون الإجتماعية حيث كنت مهمتي بناء قدرات المرأة الأفغانية، منها ثلاثة عشر سنة في المؤسسات الدولية في ستة عشر ولاية من ولايات أفغانستان بالإضافة إلي عامان عملت فيهما كمستشارة في إدارة ولاية بغلان و كان هناك نوع من التعاون بيننا وبين المؤسسات الدولية لتعليم النساء في القرى النائية و تقوية قدراتهن، وكان على عاتقي في إدارة ولاية بغلان مسؤولية لجنة شئون النساء بالإضافة إلي حماية المعنفات والهاربات من منازلهن جراء العنف الأسري والسجينات”

سارة رحماني ناشطة ومستشارة محافظ تختبئ من مقاتلي طالبان في منطقة نائية بكابول

سارة رحماني ناشطة أفغانية

رسالة تحذير من جارها الذي ينتمي لحركة طالبان

رسالة صوتية تلقتها سارة من أحد جيرانها وكان عضوا في حركة طالبان، أخبرها فيها أنها على قائمة اغتيالات طالبان في ولاية بغلان وأنه حاول التوسط لها للصفح عنها ولكن مسعاه لم يثمر.
تقول سارة” من الطبيعي جدا أن يتواجد عناصر من حركة طالبان في ولاية بغلان ومن أهل منطقتي، وقد أبلغني بعض من عناصر حركة طالبان التي كانت تجمعني بهم علاقات اجتماعية جيدة بوجود اسمي في قائمة الإغتيالات وأن حياتي في خطر وعلي أن أتوخى الحذر”.
وتضيف رحماني” كنت على دراية بموضوع قوائم الاغتيالات بحكم تجربتي مع بعض القضايا السابقة لبعض النساء المستهدفات اللاتي وقعن في فخ حركة طالبان علمت بعد انتهاء التظاهرات أنهم يبحثون على النساء القياديات وأبلغت أخي بالأمر لكي يخرجني من ولاية بغلان، كانت المسافة من منزلي إلى وسط المدينة تستغرق خمس دقائق ولكن لكي أكون حذرة استغرقت نفس المسافة 4 ساعات إلى مركز ولاية بغلان وكنت مريضة في المستشفى في أيام حملي الأخيرة من الشهر التاسع”.
قوائم اغتيالات طالبان تستهدف الناشطات في أفغانستان

سارة أثناء تكريمها للنساء الناشطات وعملها بفعاليات لتمكينهن في المجتمع

طلاق مزعوم وشتات أسري للهرب من طالبان

طلبت سارة التي كانت تعاني من مشاكل صحية في شهرها الأخير بالحمل من مدير المستشفى التي كانت تتلقى العلاج بها بولاية بغلان أن يعطيها ورقة رسمية بتحويلها إلى مستشفى بكابول حتى لا يحتجزونها في نقاط التفتيش التابعة لحركة طالبان لأنها مريضة وبحاجة للذهاب إلى كابول وفي كل النقاط كانوا يستحلفون السائق إن كان يصطحب أحدا من موظفي أو موظفات الحكومة السابقة.
وتروي سارة قصتها بحزن وتأثر شديدين “زوجي لديه محل بقالة بالقرب من مقر لعناصر من حركة طالبان والذين كانوا في الصفوف الأولى للحرب منذ سبع سنوات وكان أغلب عناصر الحركة على دراية بأنه زوجي وأنا كنت أستطيع أن أغطي وجهي ولا يعلمون هويتي ولكنني لو خرجت مع زوجي كانوا سيتعرفون على هويتي من زوجي ،ويوقنون أنني زوجته المطلوبة لديهم ولذا سافرت مع أخي وزوجته وأمي وفي كل نقطة تفتيش كنت أشعر بالرعب لو سألوني عن أوراقي هويتي  ولو كان زوجي معي كان من المحتمل جدا أن يتعرفوا علي و يعتقلوني لذا فقد افترقت عن زوجي واختبأت هنا.

ومازال مقاتلي طالبان يبحثون عن سارة في بغلان

هربت سارة خارج بغلان و افترقت عن زوجها وأسرتها ورغم ذلك مازال البحث عنها جاريا بسبب “جرم” دعمها لنساء أفغانستان ومحاولة تمكينهن في المجتمع ، وعن ذلك تقول سارة”حاليا زوجي في ولاية بغلان و لا يسكن في نفس المنزل الذي كنا نسكنه سابقا ورغم ذلك وصلتني أخبار من جيراننا أن هناك ورقتي استدعاء للسيدة ساره وسألوا الجيران هل هذا منزل سارة رحماني المستشارة بولاية بغلان؟

 وقبل مغادرتي بأسبوع اندلعت تظاهرات في ولايتي يوم أربعاء وفي يوم الأحد الذي تلاها كانت ابنتي في المدرسة وأثناء خروجها سألوها عما إذا كانت ابنتي أم لا؟ ”

وتضيف سارة”ليس لدي أي شك بأن استخبارات حركة طالبان أقوى من استخبارات الحكومة السابقة، كما أننا نعرف أن طالبان لديهم قانون الإحضار، يصدرون ورقة الإحضار ويكتبون فيها التهم الموجهة لشخص ما  و في حالة عدم حضور المتهم يصدرون قرارا عاما لجميع نقاط التفتيش بإحضار المتهم أو قتله وإبلاغ اللجنة بالبحث عن المتهم ومن السهل جدا العثور عليه ، الوضع مرعب بالنسبة للنساء الناشطات لذا فأنا، أخطط الآن أن أفر عن طريق مديرية خوجيانى الواقعة بولاية ننجرهار إلي باكستان”

ظاهرة اختفاء النساء

تروي رحماني حكايات نساء عديدات يختفين ولا يعلم أحد هل استطعن الفرار دون إخبار أقرب المقربين أم أنه تم اعتقالهن أو قتلهن بيد طالبان فتقول “هناك سيدات كثر اختفين ولا نعلم عنهم شيئا، فمثلا السيدة راضية لا أعلم في أي قضية كانت متهمة من قضايا العنف والتظاهرات و كانت من أقلية الهزارة ومن طائفة شيعية الإسماعيلية حيث كانت مسجونة عند الحكومة السابقة وعندما سيطرت حركة طالبان على أفغانستان أفرجوا فقط عن المساجين غير المطلوبين لديهم ومن ليست أسمائهم على قوائمهم والذين كانوا مطلوبين لديهم لا يوجد أي أخبار عنهم أو جثثهم و هذه السيدة حتى الآن مفقودة ومصيرها مجهول “

طالبان

سارة رحماني ناشطة أفغانية

حديث عن عفو عام وحملات ليلية للاعتقالات

أعلنت حركة طالبان عن عفو عام لكل من كلن يعمل بالحكومة السابقة أو يتعاون مع المؤسسات الأجنبية ولكن لا أحد من هؤلاء الذين يشملهم العفو يصدق ذلك الحديث، ومنهم سارة رحماني التي تقول “لو أن طالبان صادقين بشأن إعلان العفو العام فلماذا يبحثون في ظلمات الليالي

 داخل البيوت من بيت إلى بيت بحثا عن مطلوبين، و في حين لم يعترف بهم المجتمع الدولي لو هم عفوا عن جميع لماذا ينزلون النساء من السيارات و يتم ضربهن في بعض الولايات بسبب خروجهن إلي سوق بدون محرم و لماذا بعد اعلانهم العفو يتم القبض على المتظاهرات و الله أعلم ماذا يفعلون بهن وما إذا كان قد تم ضربهن أو إيذائهن، ولماذا بعد إعلان العفو العام ، أصدروا قرارات بخصوص العمل للمرأة الأفغانية بالدرجة الرابعة فقط فما دونها أما باقي الدرجات من الثالثة و الثانية و الأولى فقد تم منعهن من عملهن عن أي حقوق للمرأة يتحدثون.