ملعب كرة قدم شهد إعدام طالبان للأفغان.
في عام 2008 نمى العشب مرة أخرى في استاد غازي، أو كما يُعرف بالملعب الوطني في كابول، حينما نسمع كلمة استاد أو ملعب فسنفكر في كرة القدم أليس كذلك؟
بالنسبة إلى طالبان فالوضع مختلف للغاية، كانت الجماعة تستخدم ذلك الملعب للإعدامات والتعذيب دون محاكمات.
وصل الأمر إلى قناعة واعتقاد بعض الأفغان بأنه ليس من الممكن قط أن يزوروا الملعب ظنا منهم من أنه لازال مسكونا بأرواح آلاف الأبرياء الذين ذبحوا وقتلوا بأبشع الطرق بداخله.
في مقابلة مع أخبار الآن، تحدثت القائدة السابقة لمنتخب أفغانستان لكرة القدم-نساء، عن الحوادث المأساوية التي شهدها الملعب والمنتخب.
وكيف تحولت كابول لملعب كبير تعدم فيه طالبان الأفغان الأبرياء.
وصرحت خالدة بوبال في حوار خاص مع “أخبار الآن” قائلة: “قبل ٢٠٠١ طالبان استخدمت ملعبا واحدا وهو ملعب غازي للإعدام العلني ولمعاقبة الناس وقتلهم.. والآن كابول كلها أصبحت هذا الملعب.. ملعب غازي الكبير”.
وواصلت “حصل ذلك في أول حكم طالبان، عندما استولوا على أفغانستان.. استخدموا ملعب غازي لكرة القدم كمكان علني للإعدام ومعاقبة الناس من خلال قطع أيديهم وقتلهم”.
وأكملت “من المشاهد المرعبة العالقة في أذهاننا من آواخر التسعينيات.. أطلق على امرأتان النار في منطقة الجزاء من الملعب حيث كانت جريمتيهما أنهما رفضتا الزواج من فرد من أفراد طالبان”.
وأردفت بوبال: “وهذا طبق قانون الشريعة الذي وضعوه في الدولة آنذاك.. حيث يعاقبون الناس عندما يرفضون أي شيء يتعدى على حقوقهم الإنسانية”.
عارضتا المرمى كانتا أشبه بمشنقة، تقوم من خلالها طالبان بتعليق الأشخاص لشنقهم حتى تُزهق أرواحهم، في أجزاء أخرى من الملعب كان يتم قط أيدي وأرجل آخرين، وفي منطقة الجزاء، كانوا يطلقون النار على رؤوس النساء والفتيات.
لذا يمكنكم تخيل المشهد المهيب، المدرجات ممتلئة بمتفرجين (من ضمنهم أطفال) لكنهم لم يأتوا لمشاهدة مباراة كرة قدم، تم جلبهم رغما عنهم ليشهدوا كيف تطبق طالبان نسختها من العدالة.
تدخل سيارة إلى الملعب تحمل الأفراد الذين سيتعرضون لعقوبات الجلادين القاسية دون محاكمات، منهم من يفقد روحه ومنهم من لا يُقتل لكن روحه تظل حبيسة داخل الاستاد لأنها إما عُذب أو فقد طرفا.
استاد غازي.. ملعب روت أرضه دماء ضحايا طالبان
تابعت خالدة بوبال أسطورة كرة القدم النسائية الأفغانية حديثها قائلة: “في عام ٢٠٠١ عندما فقدت طالبان السيطرة على العاصمة كابول ومعظم المدن في أفغانستان .. وكان المجتمع الدولي متواجدا في أفغانستان”.
وقالت “كان هناك القليل من الأمل والكثير من الأحلام لدي أنا ومعظم أبناء جيلي والأجيال بعدنا بأن يشاركوا في مختلف المجالات ويساهموا في بناء نسخة جديدة لدولة أفغانستان”.
وواصلت “في ٢٠٠٢ بدأنا في إنشاء فريق لكرة القدم.. لم نأخذ وقتا طويلا لإنشاء هذا الفريق.. لقد كان مباشرة بعد ذهاب طالبان واختفائهم عن الحكم.. كان الهدف من الفريق هو تشجيع النساء لأخذ حقوقهن وتغيير طريقة التفكير الرجعية التي زرعها طالبان في أذهانهم آنذاك”.
وأردفت “اضطررت للرحيل من البلاد لأن حياتي كانت مهددة بشكل كبير من قبل طالبان.. في ظل حكومة ومجتمع دولي.. أما الآن لا يوجد مجتمع دولي ولا حكومة فقط الأعداء ضدنا وحدنا”.
وأكملت “استمررنا مرارا وتكرارا في تذكير الأفغان والناس ماذا فعل طالبان بأجيالنا والأجيال السابقة.. لقد عرضنا حياتنا للخطر في محاولة نشر الوعي والمشاركة في المجتمع”.
بعدما تقتل طالبان من اقتادتهم للملعب، تحمل جثثهم عبر سيارة ثم تدور في الشوارع حول الاستاد، كان الأمر أشبه بعرض، من أجل التهديد والوعيد.
لكي نُقرب الأمر أكثر، فإما الشنق في المرمى عبر عارضته، أو أن يُطلق الرصاص من مسافة قريبة للغاية في مؤخرة الرأس. هذا هو حجم الرعب الذي كان يشغل ملعب غازي.
حتى يومنا هذا، هناك العديدون الذين يخشون دخول الملعب أو المرور بجواره ليلا، خوفا من أشباح الأبرياء الذين قتلتهم طالبان بأبشع الطرق داخل استاد غازي.
طالبان تسفك الدماء
الكثير من الدماء سُفكت على أرض الملعب، المرمى الذي تسكنه الأهداف عادة، استخدمته طالبان لإعدام الأشخاص شنقا، أو لإجبارهم على أن يجثو على ركابهم قبل تنفيذ الإعدام فيهم.
ليس القتل فقط، بل قطع أقدام وأيادي الأشخاص كل هذا وأكثر دون محاكمات.
أحد أبرز الصورة التي لازالت تطارد أذهان المجتمع الدولي، هي لسيارة تحمل 3 فتيات، تم اقتيادهن داخل الملعب ثم إطلاق الرصاص عليهن في منطقة الجزاء.
الأمر كان أشبه باستعراض قوة أكثر من أي شيء آخر، مشهد مهيب أن تقتاد طالبان الضحايا في عرض أمام المشاهدين في ملعب كبير ثم تطلق النار عليهم في الرأس من مسافة قريب، ثم يتم وضع الأجساد التي فارقتها الحياة مرة أخرى داخل السيارة التي أتت بهم إلى الملعب للخروج بجثثهم.
الكثير من الدماء سفكت بيد طالبان، لكن ملعب غازي سيظل قائما يذكرهم بماضيهم الأليم وحاضرهم العنيف ومستقبلهم الذين لن يختلف كثيرا، إذ أن ذلك هو طابهم.
ملعب بُني عام 1923 من أجل غرض إقامة المنافسات الرياضية، استخدمته طالبان كساحة إعدام انتقامية وخضبت عشبه الأخضر بالدماء حتى هُجر لأعوام، وستظل قصص الملعب الوطني تطاردهم والأرواح البريئة التي زُهقت خصمهم الدائم.