على طريق بلدة كرسي الواصل إلى ناحية سنوني مركز ناحية الشمال قضاء سنجار العراقي، يستوقفك مبنى جديد من ثلاثة طوابق لا يمكن أن تخطئه العين وسط مساحة شاسعة  تكتسيها آثار الدمار الذي خلفه داعش خلال السنوات التي سيطر فيها على قرى ومدن محافظة نينوى، إنه مجمع حردان التخصصي الطبي. 

أمام هذا المجمع الطبي الذي جاء متنفسًا صحيًا لأهالي المنطقة الأيزيدين، يقف الدكتور الصيدلاني فرهاد الياس إيزيدين متطلعًا إلى أحلامه لمنطقته وأهلها، والتي حققها بمعية ابن عمه ميرزا أبو فيصل، لم ينحصر حلم فرهاد بتوفير الخدمات الصحية للأهالي العائدين إلى المنطقة، بل كان يرغب كذلك بتشجيع العودة إلى سنجار ومنح العائدين ما يعطيهم الأملَ بإمكانية الاستقرار بمناطقهم من جديد. 

نزح فرهاد الياس إيزدين مع عائلته من قريته حردان بقضاء سنجار الواقع بمحافظة نينوى عقب هجوم داعش على القضاء في عام 2014، شهدت قريته حردان قتل مئات من شبابها ورجالها، استقر بعائلته الحال في إقليم كردستان وبدأ الشاب المولود عام 1992 بمتابعة دراسته في كلية الصيدلة في جامعة دهوك. 

من الظلمات إلى النور.. مشروع حياة

مشروع أعاد الحياة وحسن من جودة الحياة في سنجار

سنتان قضاهما بعيدًا عن أرضه، ثم عاد عام 2016 مع عائلته إلى سنجار، وفيما كان يتابع دراسة الصيدلة، كان يفكر في عدم توفر أي خدمات صحية في منطقته، فقد سوى داعش كل المراكز الصحية الموجودة والمتواضعة بالأرض، وفي نفس العام الذي تخرج به، انطلق بناء المجمع الطبي، كان ذلك في بدايات سنة 2019، وخلال سنة أو أقل بقليل، اكتمل المشروع الذي سيوفر للمنطقة الكثير في جوانب مختلفة من الحياة. 

شكل هذا المجمع رسالة مهمة في طريق إعادة الحياة والاقتصاد والخدمات وتوفير نوع من جودة الحياة التي لم يكن قضاء سنجار يعرفها حتى قبل هجوم داعش، وبرز كمثال على ما يمكن أن يقوم به القطاع الخاص من استثمارات ستعود بالنفع على الجميع، فإلى جانب الأرباح التي تحققها المشاريع في منطقة عطشى لكل أنواع الخدمات، فإنها توفر فرص عمل وتنشط الاقتصاد المحلي والاستقرار. 

وفر هذا المركز الطبي لسنجار كافة الخدمات الصحية التي كان الأهالي يضطرون للسفر إلى المدن والمناطق البعيدة للحصول عليها، صار لديهم أطباء أكفاء مقيمون وزائرون، وصار لديهم أجهزة متطورة للفحوص الطبية قريبة من منازلهم. وفي مجتمع عانى اقتصاديًا إثر التهجير، خفف وجود هذا المجمع الطبي من التكاليف التي كان يتكبدها المرضى والمراجعون خلال سفرهم إلى الموصل أو دهوك أو غيرها لإجراء المعاينات الطبية والفحوص فيها. 

إلى جانب فرص العمل التي وفرها للشباب مستثمرًا في خبراتهم ومواهبهم، أتاح مجمع حردان التخصصي الطبي راحة نفسية واجتماعية وصحية للأهالي، أبرزَها بعض المراجعين الشباب ممن يرون فيه مشروعًا يعيد الحياة لسنجار، يشفي آلامه وينير درب العائدين.